الغورية، الدولة ( Ghouri State )
الغورية، الدولة (550 -612هـ ، 1155 - 1215م). الدولة الغورية قامت في بلاد الغور في أفغانستان الحالية، بين هراة وغزنة. أقام الغور دولة مستقلة في هذه المنطقة تتخذ من فيروزكوه عاصمة لها. غزاهم السلطان الغزنوي محمود سبكتكين سنة 401هـ، 1010م، وأدخلهم في الإسلام، مع الإبقاء على الحكم في أيديهم. وعلا شأن أمرائهم في ظل السيادة الغزنوية، ولكنهم أخذوا يتحينون الفرص للاستقلال عن غزنة. وكانت المحاولة الأولى على يد أميرهم محمد بن الحسين الذي انتهز فرصة انشغال الغزنويين بدفع خطر السلاجقة، فسار إلى غزنة بغية الاستيلاء عليها سنة 543هـ، 1148م، لكن السلطان الغزنوي بهرام شاه أحبط محاولته وهزمه وقتله. استنكر الغور قتل سلطانهم، فتكتلوا وراء أميرهم الجديد سوري ابن الحسين وتمكنوا من الانتقام والاستيلاء على غزنة.
لجأ بهرام شاه إلى الهند الغزنوية، وحشد قوات تمكن بها من استرداد غزنة وقتل سوري بن الحسين. وتمكن خلفه علاء الدين الحسين بن الحسين من الاستيلاء على غزنة للمرة الثانية، واستردها منه بهرام للمرة الثانية، وعندما حاول الغور الاستيلاء عليها للمرة الثالثة تركها لهم خسرو شاه بن بهرام وخليفته، واستقر بلاهور. فدخل الغور غزنة سنة 550هـ، 1155م.
قويت دولة الغور في عهد أميرها علاء الدين وتطلع إلى توسيع رقعة دولته، فسار إلى خراسان وخربها، وضم إليه بلخ. وتصدى للسلاجقة وهزموه وأخرجوه من خراسان وبلخ.
طمع الغور في غزنة بعد وفاة علاء الدين عام 556هـ، 1160م، فاستولوا عليها، واستردها منهم غياث الدين محمد، خليفة علاء الدين وابن أخيه. وعقد العزم على القضاء التام على آل سبكتكين حتى يضمن لدولته الاستقرار. فاستولى على بلدان الغزنويين غير الهندية. واستولى أخوه شهاب الدين على ممتلكات الغزنويين بالهند، ودخل لاهور، وقبض على السلطان الغزنوي خسرو شاه، وبذلك فقدت الدولة الغزنوية آخر معاقلها. واعترفت الخلافة العباسية بالدولة الغورية. وتوسع الغور على حساب السلاجقة، فضموا إليهم هراة وبوشمنح وبادغيس وبعض البلدان المجاورة لها في إقليم خراسان. واستولى الغور على بلاد السند والبنجاب، وحكمها شهاب الدين الغوري نيابة عن أخيه السلطان غياث الدين، واتخذ لاهور مركزًا وسعى للتوسع في بلاد الهند.
خشي الأمراء الراجبوتيون ـ حكام شمالي الهند ـ من خطر الغور فحشدوا قواتهم لطردهم من الهند، وتمكنوا في المعركة الأولى من هزيمة الغور، ولكن تمكن الغور من هزيمتهم في العام التالي واستولوا منهم على شمالي الهند، وضموا دلهي لملكهم. وحاول الراجبوتيون استرداد ملكهم، ولكنهم فشلوا. وضم الغور إليهم المزيد من بلاد شمالي الهند، واستولوا على جاولار ونهرواله وكالنجار، وبذلك سيطروا على أراضي شمالي الهند كلها. واستولوا على إقليم بهار وإقليم البنغال.
بدأت متاعب الغور في بلاد الهند في مستهل القرن السابع الهجري، وذلك أن بعض الولايات الهندية خرجت على دولة الغور منتهزة فرصة انشغالها بالحروب في إيران. ومن أبرز الانتفاضات ثورة الكهكوية الذين قطعوا الطريق بين غزنة ولاهور، واستفحل أمرهم، فاضطر السلطان الغوري إلى أن يسير إليهم بنفسه ويهزمهم هزيمة نكراء.
سار غياث الدين وشهاب الدين سيرة حسنة في دولتهما، على أن دولتهما اضطربت بعد وفاة السلطان شهاب الدين محمد. فقد تنافس الأمراء على عرش السلطنة وحدثت حروب أنهكت قوى الدولة الغورية، وتسببت في زوالها.
انتهز الخوارزميون ضعف الدولة فانتزعوا منها بلاد خراسان، ثم انتزعوا ممتلكات الغور في أفغانستان، وساروا إلى فيروزكوه ـ عاصمة الغور ـ وتمكنوا من قتل السلطان الغوري غياث الدين محمود نجل السلطان غياث الدين محمد سنة 605هـ، واستولوا بعد هذا على غزنة عام 612هـ، 1215م، وأزالوا آخر معاقل الدولة الغورية.