المنفلوطي ( al- Manfluti )
مصطفى لطفي المنفلوطي |
تعلم في الكُتاب حيث حفظ القرآن الكريم، كما ألمّ بمبادئ الخط العربي. ثم انتقل إلى الأزهر فتوسعت معارفه الدينية واللغوية والأدبية وازدادت عمقًا. وكان للإمام محمد عبده أثر كبير في ذلك ؛ فقد شجعه على متابعة قراءاته الأدبية ـ حين رأى شديد تعلقه بها ـ بينما كان شيوخه الأزهريون يريدون صرفه عنها. تعرَّف بعد ذلك إلى الزعيم الوطني سعد زغلول، وإلى الشيخ علي يوسف صاحب المؤيد، وكان لهما أثر كبير في تكوين شخصيته الثقافية وبنائها.
عُرف المنفلوطي بغيرته على اللغة الفصحى ومحافظته على القيم الأساسية، كما دلّت على ذلك مقالاته الثقافية والدينية الكثيرة التي نشرها في المؤيد. لكن شهرته الواسعة قامت على أعماله القصصية والروائية التي لاقت انتشارًا وتداولاً لم تحظ به أعمال أخرى مماثلة في عصره ؛ سواء في مصر أو العالم العربي. ومن هذه الأعمال التي لاقت رواجًا واسعًا: النظرات (في ثلاثة أجزاء) وهي قصص صغيرة مقتبسة من أصول غربية ؛ والفضيلة وهي ترجمة لقصة الكاتب الفرنسي برناردين سان بير (بول وفرجيني) ؛ ماجدولين للكاتب ألفونس كار وقد عرّبها المنفلوطي بعنوان: ماجدولين أو تحت أشجار الزيزفون ؛ وكذلك العبرات ؛ الشاعر. وكل هذه القصص والروايات طبعت أكثر من مرة، ثم جمعت في مؤلف من جزءين يضم الأعمال الكاملة.
وعلى الرغم من أن حظ هذه الأعمال من الأصالة قليل، إذ إن أغلبها مقتبس من مؤلفات غربية معروفة، إلا أن روعتها مستمدة من سمو أسلوبها الأدبي السهل الجميل. فهو أسلوب شفاف يمور بالشاعرية والعواطف المتدفقة. وقد مكن هذا الأسلوب القارئ العادي من الاستمتاع بقراءة النص والتفاعل معه. وقد تربى على هذا الأسلوب جيلٌ من القراء الذين يولعون بفخامة العبارة وأناقة التعبير. كما أن موضوع الحب الصادق العفيف الذي كانت هذه القصص والروايات تعبر عنه، وجو المناظر الطبيعية الخلابة التي تدور فيها الأحداث، قاما بدور كبير في الترويج لهذه الأعمال في المجتمعات العربية ذات القيم المحافظة.
توفي المنفلوطي وهو في قمة مجده الأدبي ولما يبلغ الخمسين، بعد أن رفع في النثر العربي الحديث لواء مدرسة أدبية تعنى بشاعرية العبارة.