الرئيسيةبحث

صبح الأعشى في صناعة الإنشا ( Subh- al- A'sha Fi- Sina'at- al- Insha )


صُبْح الأعْشَى في صناعة الإنشا أحد المؤلفات الأدبية التي ظهرت في العصر المملوكي. ويشتمل على معلومات في صناعة الإنشاء وكتابة الرسائل الديوانية، وما لابد لكاتب الإنشاء من معرفته من علوم جغرافية وتاريخية وأدبية. وتتكون مادة هذه الموسوعة من خطبة وعشر مقالات وخاتمة. ومؤلفها هو أحمد بن علي القَلْقَشَنْدي المصري (756 ـ821هـ ، 1355 ـ 1418م).

يذكر مؤلفها أنه، لما لحق بديوان الإنشاء بالقاهرة عام 791هـ، أنشأ مقامة في مديح رئيس ديوان الإنشاء ومؤلِّف كتاب مسالك الأبصار، القاضي بدر الدين بن فضل الله العمري. وبناها على التعريف بالكتابة وقواعدها وسمّاها الكواكب الُدرية في المناقب البدرية، ثم أشار عليه "مَنْ رأيُه مقرون بالصواب، ومشورته عرية عن الارتياب، أن يتبعها بمصنَّف مبسوط يشتمل على أصولها وقواعدها، ويتكفل بحل رموزها وذكر شواهدها ليكون كالشرح عليها".

اعتمد القلقشندي على مصادر مختلفة بلغ عددها أربعة وثلاثين كتابًا، ذكر منها اثنين في خطبته، وأشار إلى الكتب الأخرى في تضاعيف موسوعته. ويشير إلى أن المؤلِّفين في صناعة الإنشاء كانوا فرقًا مختلفة، ففرقة أَخذت في بيان أصول الصنعة وذكر شواهدها، وأخرى جنحت إلى ذكر المصطلحات وبيان مقاصدها، وطائفة اهتمت بتدوين الرسائل ليقتبس من معانيها ويتمسك بأذيالها من أراد أن ينسج على منوالها. وقد رأى أن يجمع بين هذه الموضوعات المتفرقة في موسوعة واحدة قسمها إلى مقدمة وعشر مقالات وخاتمة.

وتحتوي الخطبة على خمسة أبواب. تشتمل على تعريف بالكتابة وتنويه بفضلها وإشادة بأفاضل كتابها وذمٍ لحمقاهم، وذكر لمدلول الكتابة، والفرق بين معنى الكتابة ومعنى الإنشاء وصفات الكاتب، والأطوار التي مر بها ديوان الإنشاء منذ نشأته إلى زمن المؤلف.

ويحدد في المقالة الأولى ما تتطلبه صناعة الإنشاء، وما يحتاج إليه الكاتب من ثقافة علمية وعملية. فالعلمية قوامها اللغة والنحو والصرف والمعاني والبيان والبديع والقرآن والأحاديث والخطب والرسائل والأشعار والأمثال، والأنساب. أما الثقافة العملية فقوامها إجادة فن الخط والإحاطة بجميع أشكاله، ومعرفة أنواع المداد والأقلام والأوراق وما إلى ذلك.

وتتضمن المقالة الثانية ما يحتاجه كاتب الإنشاء من ثقافة جغرافية وتاريخية. فقد وصف الأرض والجهات الأربع وخط الاستواء والبحار، ثم انتقل إلى الحديث عن الخلفاء حسب تسلسلهم في التاريخ الإسلامي، وخصَّ الديار المصرية والشامية والحجازية بحديث مستفيض عن مختلف الجوانب الجغرافية والتاريخية والإدارية.

وتحتوي المقالة الثالثة على معلومات عن الأسماء والكُنَى ونظام الألقاب وأصحاب الوظائف الإدارية وأنواع الورق والأقلام، وما تُفْتَتَح به الرسائل، وما تُخْتَتَم به من أمور تختلف باختلاف المكتوب إليه.

وتتناول المقالة الرابعة فن الكتابة، وما يُراعى فيها من أصول وأساليب ومصطلحات، وتتبع للأطوار التي مرت بها الكتابة منذ عهد الرسول ﷺ إلى زمن المؤلف.

وتشتمل المقالة الخامسة على بيان الولايات والخلافة والسلطنة والبيعات والعهود الرسمية الصادرة عن الخلفاء والملوك والأوامر الصادرة لأرباب السيوف والأقلام وأصحاب المناصب الإدارية.

وتحتوي المقالة السادسة على الوصايا الدينية والمسامحات والإطلاقات، وتحويل السنين القمرية إلى الشمسية، وما يتصل بذلك من أمور يلزم الكاتب الإلمام بها.

وتتضمن المقالة السابعة معلومات عن أنواع الإقطاعات وصورة كتابتها.

وتشتمل المقالة الثامنة على حديث عن الأيْمان ـ جمع يمين ـ وأنواعها وأحكامها الشرعية.

وتحتوي المقالة التاسعة على كتب الأمان وعقود الصلح والهُدَن بين ملوك المسلمين ونظرائهم من ملوك الأمم الأخرى، وما تلزم معرفته من هذه المكاتبات.

وتتحدث المقالة العاشرة عن فنون الترسُّل كالمقامات ورسائل الصَّيد والمفاخرات والإجازات العلمية ورسائل السخرية والتندر والهجاء.

أما الخاتمة فتحتوي على موضوعات وثيقة الصلة بديوان الإنشاء كالبريد ومطارات الحمام وأبراجه.

فرغ القلقشندي من كتابة موسوعته في 814 هـ. أي بعد ما يزيد على عشرين عامًا من كتابة مقامته التي مدح بها رئيس ديوان الإنشاء بالديار المصرية، وقبل سبع سنوات من وفاته سنة 821 هـ.

وقد أراد القلقشندي بمؤلفه أن يكون تدريبًا عمليًا لناشئة الكتّاب حتى يتدربوا على الأساليب العملية لصناعة الكتابة قبل الالتحاق بدواوين الكتابة، ولكن المُؤلف خرج عن غرضه التدريبي المحدود إلى غرض ثقافي أعمق وأشمل جعل منه موسوعة أدبية فريدة.

★ تَصَفح أيضًا: القلقشندي، أحمد بن علي ؛ اللغة العربية ؛ العربي، الأدب.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية