الرئيسيةبحث

معجم الأدباء ( Mu'jam al- Udaba` )


مُعجَم الأدباء أو كتاب إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب، كما سماه مؤلفه شهاب الدين عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي الأصل، الحموي المولد، البغدادي الموطن والمشهور بياقوت الحموي.

وُلد ياقوت عام 574هـ وتوفي عام 626هـ. وقد اشتغل بمهنة النَّسخ والاتجار بالكتب، واضطرته مهنته إلى الارتحال، ووثقت علاقته بالكثيرين من أعيان الأدب، وكان من أبرزهم جمال الدين القفْطي (ت 624هـ) أحد وزراء الأيوبيين، ومؤلف كتاب إنباه الرواة على أنباه النحاة.

أُسِر ياقوت من بلاد الروم صغيرًا واشتراه تاجر حموي، واتخذه كاتبًا له يضبط تجارته، ولما كبر ياقوت قرأ العربية، ثم أعتقه سيده على إثر خلاف بينهما. ولعل مهنة التجارة وما استوجبته من ارتحال كانت عاملاً آخر من عوامل التعلم والدراسة، وقد انعكس أثر ذلك على مؤلفه معجم البلدان بالذات. ★ تَصَفح: العلوم عند العرب والمسلمين (الجغرافيا).

ولياقوت مؤلفات أخرى ـ عدا معجم الأدباء ـ منها: معجم البلدان ؛ معجم الشعراء ؛ المشترك وضعًا المختلف صُقعًا ؛ المبدأ والمآل في التاريخ والدول ؛ أخبار المتنبي.

يقع معجم الأدباء في عشرين مجلدًا، ويضم نحوًا من ألف واثنتين وتسعين ترجمة عدا ترجمتين أضافهما الناشر في الجزء التاسع، ويحتوي الجزء التاسع عشر على أكبر عدد من الترجمات، إذ بلغ ثلاثًا وعشرين ومائة ترجمة، بينما يضم الجزء الثامن أقل عدد وهو ثماني عشرة ترجمة.

تنوعت الترجمات فيه بين الشعراء والناثرين، والنحاة واللغويين والفقهاء والقراء ورجال الحديث والخطاطين. وهو بذلك يُعَدُّ موسوعة غزيرة المادة، شملت الأعلام والمعارف المنوعة وحركة التدوين والتأليف إلى عصر ياقوت نفسه في القرن السابع الهجري.

وياقوت الحموي مؤلف منهجي، حرص أن يكتب مقدمة نفيسة، أوضح فيها دوافع التأليف لمعجمه، وأصناف الأدباء الذين ترجم لهم، ومن سبقه إلى التأليف في تراجم الأدباء، وخصائص كلٍ منهم في تأليفه. كما كشف لنا لمحات من منهجه، ومنها إثبات الوفيات، وتبيين المواليد والأوقات، وذكر تصانيفهم ومستحسن أخبارهم والإخبار بأنسابهم، وشيء من أشعارهم.

حرص ياقوت الحموي في معجمه على توثيق مادته العلمية، إما بذكر الأسانيد المختصرة، وإما بذكر الكتب التي نقل عنها. ولم يقتصر معجم الأدباء ـ في تراجمه ـ على رجال قُطر معين ولا زمان محدد، بل جمع أدباء البلدان المختلفة، والعصور المتباينة، وعلى هذا يمكن القول أن شمولية المعرفة هي أهم ما يميز هذه الموسوعة الكبيرة. ولا تقتصر قيمة معجم الأدباء على تأريخه للثقافة العربية وأعلامها فحسب، بل تبرز قيمته أيضًا فيما تضمنه من النصوص الشعرية والنصوص النثرية الإبداعية، بالإضافة إلى النصوص العلمية.

كان ياقوت الحموي يمتلك حِسّ العالم وذوق الأديب، فيحسن الاختيار من النصوص العلمية والأدبية على السواء. وقد عني ياقوت في معجمه بتحري مصادره وبالتأكد من سلامتها قبل الأخذ عنها، وبخاصة مصادره في الرواية، حتى ليقول في بعض المواضع توثيقًا للمادة العلمية: "نقل لي بمصر بعض من اختبرت صحة نقله".

أما مصادره ـ عدا الرواية الشفوية ـ فأهمها الكتب التي اقتنى الكثير منها، فقرأها وأعاد النظر فيها ووقف على مناهجها وطبيعة مادتها. وقد أعانه على ذلك امتهانه حرفة الوراقة حينًا من الزمن، مع شغفه بالعلم والتأليف. وتُعدُّ المؤلفات التالية أهم مصادره في معجم الأدباء: الشعر والشعراء لابن قتيبة وأخبار الشعراء لأبي بكر الصولي، والأمالي لأبي علي القالي، والعِقد الفريد لابن عبد ربه، والأغاني لأبي الفرج الأصفهاني وخريدة القصر وجريدة أهل العصر للعماد الأصبهاني، هذا إضافة إلى واحد من أهم كتبه التي لم تصل إلينا، وهو كتاب معجم الشعراء.

حدثنا ياقوت عن كتابه معجم الشعراء، ووازن بينه وبين معجم الأدباء فقال: "وكنت قد شرعتُ عند شروعي في هذا الكتاب أو قبله في جمْع كتاب في أخبار الشعراء المتأخرين والقدماء ونسجته على هذا المنوال. في الترتيب والوضع والتبويب، فرأيت أكثر أهل العلم المتأدبين، والكبراء المتصدرين، لا تخلو قرائحهم من نظم شعرٍ، وسبْك نثر، فأودعتُ ذلك الكتاب كل مَن غلب عليه الشعر ولم يشتهر برواية الكتب وتأليفها ... وأما من عُرف بالتصنيف، واشتهر بالتأليف، وصحت روايته، وشاعت درايته، وقلَّ شعره وكثر نثره فهذا الكتاب عشه ووكره". فالفرق ـ إذن ـ بين معجم الأدباء، ومعجم الشعراء، أن الأول يضم من غلبت عليه النزعة العلمية، بينما يحوي الثاني من غلبت عليه موهبة الشعر واشتهر بها.

تميل لغة ياقوت، في مقدمة الكتاب إلى الصنعة، بينما هي في صلب الكتاب تمضي بعيدة عن الصنعة، وإن كانت في الموضعين فخمة جزلة شأنها شأن لغة العلماء.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية