القيروان ( al- Qayrawan )
القيروان. ويظهر في وسط الصورة مسجد عقبة بن نافع العتيق. |
تقع القيروان في منطقة سباسب وسط تونس إلى الغرب من المهدية وجنوب غربي سوسة بنحو 60كم.
بدأ إنشاء القيروان لتكون معسكرًا للجيوش، ثم تطورت لتصبح موقع إشعاع حضاري إسلامي بالمغرب، ولقد تعرضت القيروان لعمليات نهب قام بها الخوارج من عام 758-761م، لكن سرعان ما استتب الأمر بعد ذلك على يد الأمراء الأغالبة في نهاية القرن الثالث الهجري، الثامن الميلادي.
أصبحت القيروان عاصمة الأغالبة، فازدهر العلم والحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، واستحدثوا معاهد علم أشهرها بيت الحكمة، وكذلك المرصد الفلكي الذي بناه المأمون، وشيدوا أعظم معالمها التي تعد مفخرة القيروان، من ذلك الفسقية الأغلبية وهي حوض كبير له 48 ضلعًا ويبلغ قطره 128م. وبئر بروطة (وهي ناعورة مائية، يديرها جمل موقوف على البئر، وهو معصوب العينين (من خشية الدوار أو خشية الزوار).
القيروان مدينة تضم كثيرًا من الآثار منها رقادة (مدينة الأغالبة الثانية)، التي أصبحت قرية أثرية. استُغل أحد قصورها ليكون معهدًا للدراسات والبحوث الإسلامية، فضلاً عن قيامه بأعمال توثيق المخطوطات التي نُقلت إليه من جامع عقبة بن نافع، وهي مخطوطات نادرة، أهمها جزء من تفسير يحيى بن سلام البصري (200هـ، 815م)، وهو أقدم تفسير معروف للقرآن الكريم.
مسجد عقبة بن نافع في مدينة القيروان. |
اتسمت القيروان، على الرغم من المحن التي تعرضت لها، بحرصها على الحرية ودفاعها عن الإسلام. وحينما أبرمت فرنسا معاهدة باردو عام 1881م التي وضعت تونس تحت الحماية الفرنسية، كانت القيروان معقلاً من معاقل الحركة الوطنية ومنطلقاً لمقاومة النفوذ الفرنسي حتى سيرت لها فرنسا ثلاثة جيوش احتلتها في أكتوبر عام 1881م.
القيروان مدينة زراعية، إذ إن فيضانات وادي مرق الليل والزرود تغطي آلافًا من الهكتارات بطبقة من الطمي الخصب الذي يتيح زراعة الحبوب، كما تزرع الأشجار المثمرة مثل الزيتون واللوز والمشمش والخضراوات وتسهم المرأة في العمل الزراعي.
وإلى جانب الزراعة هناك الصناعات التقليدية والحرف مثل صناعة الزرابي وهي صناعة منزلية نسائية قديمة، والزِّرْبِيَة نوع من السجاد المصنوع من الصوف الرفيع تمتاز بألوانها الطبيعية المتميزة، وهناك أنواع أخرى منها: العلوشة والمرقوم ؛ وبعض هذه الأنواع تصدر إلى الخارج. وهناك صناعة الأثاث الخشبي والأواني النحاسية والحلي (الفضة) والأسرجة المزخرفة وصناعة الجُبَّة الشهيرة في تونس.
وهناك صناعات حديثة مثل عصر الزيتون وتعليب الخضراوات والفواكه والملابس الجاهزة وصناعة نسج الحـرير الطبيعي المستورد من فرنسا (ليون)، وصناعة مواد البـناء. ولازالت مدينة القيروان كما يقولون: مدينة الطوب.
تعددت الإصلاحات وبرامج التنمية، فأنشئت السدود لاستغلال مياه واديْ زرود ومرق الليل، ولحماية القيروان من الفيضانات. وعُبدت الطرقات لتواكب الحركة الكبيرة التي تشهدها المدينة، خاصة وأنها نقطة ربط بين شمال تونس وجنوبها. وللقيروان أنشطة ثقافية متعددة منها دورتان عالميتان للآداب والدراسات الإسلامية، ومهرجانات للشِّعر والزربية والفروسية.