ابن عصفور الأشبيلي ( ibn- 'Usfur al- Ishbili )
ابن عصفور الأشبيلي (597-669هـ، 1200- 1270م). أبو الحسن علي بن مؤمن بن محمد بن علي الحضرمي الأشبيلي. نحوي ولغوي وأديب أندلسي.
ولد بأشبيليا في عام السيل الكبير، ونشأ في بلدته، وأخذ عن علمائها الأجلاء. وفي أشبيليا ذاع صيته، وعلا ذكره واتسعت شهرته. أما أشبيليا فكانت قاعدة للحكومة الموحدية آنذاك في الأندلس، وأعظم الحواضر الأندلسية، فصارت مركزًا للحياة العلمية وموطناً للثقافة والفكر، يؤمها العلماء من كل مكان، وهذا من أكبر الدواعي التي ساعدت ابن عصفور للأخذ عن مشاهير العلماء في العالم الإسلامي.
ولما اشتد عوده، واستقام أمره انصرف للتدريس، وكان أصبر الناس على المطالعة. فأجاد وأفاد في اللغة والأدب، وأشهر مؤلفاته في النحو والتصريف والضرائر وسرقات الشعراء وشرح الأشعار. وفي أشبيليا قرَّبه الأمير الهنتائي، لشهرته وتفوقه، وبعد إقرائه فيها زمنًا رأى أن ينشر علمه في الآفاق، فرحل إلى شريش، وشذونة، وملقا ولورقة، ومرسية، وأقام بكل واحدة أشهرًا، وكان يملي بها تقييداته على جمل الزجاجي، والإيضاح العضدي، وكتاب سيبويه، والكراسة المنسوبة للجزولي، وكان يمليها من حفظه، قيل: وهي من أنفع التقييدات في بابها.
بعد ذلك عبر ابن عصفور البحر إلى إفريقية (تونس)، وأقام مدة يسيرة مع الأمير أبي عبد الله محمد ابن أبي حفص صاحب تونس، ثم غادرها بصحبة الأمير إلى بجاية من أعمال الدولة الحفصية، وكان أثيرًا عند الأمير، فانتفع به خلق كثير أثناء إقامته هناك، ثم رجع ثانية إلى تونس، ثم عاد إلى الأندلس، واتجه إلى لورقة في الشرق من شبه الجزيرة، ومنها رحل إلى غربي الأندلس متجهاً إلى بلدة سلا، ولم تطل إقامته بها، ثم عاد إلى تونس مرة ثانية، باستدعاء من الأمير الحفصي أبي عبدالله المستنصر، فأقام بتونس إلى أن وافته المنية، واختلف في سبب وفاته.
وقد انتفع به في حياته المديدة ورحلاته العديدة خلق كثير من المشرق والمغرب.
ومع مانال من ثناء وإطراء فإنه لم ينج من انتقاص بعض معاصريه له. وأشهر مؤلفاته في النحو: المقرَّب ؛ شرح جمل الزجاجي ؛ وفي التصريف: الممتع في التصريف.