الحريري ( al- Hariri )
الحريري (446 - 516 هـ ، 1054 - 1122م). أبومحمد، القاسم بن علي بن محمد بن الحريري، نحوي وأديب بارع وشاعر. وُلِدَ في المشان وهي بلدة قريبة من البصرة التي نشأ فيها. درس اللغة والأدب في البصرة، وعمل في ديوان الخلافة بها في وظيفة صاحب الخبر أو مايُسمى الآن الاستعلامات. وظل في هذا المنصب إلى أن تُوُفِّي، وقد أخذ أبناؤه هذا المنصب من بعده، وظل فيهم إلى أواخر عهد الخليفة المقتدر.
كان الحريري يميل إلى الدُعابة والظَرف اللّتين نراهما تسيطران على مقاماته. ويكاد يُجْمِعُ المؤرخون على أنه كان غاية في الذكاء والفطنة وخفة الروح وحضور البديهة. وله من الكتب: درَّة الغوَّاص في أوهام الخواص وهو كتاب نقدي يبين فيه أغلاط الكتَّاب فيما يستعملونه من الألفاظ التي لايراها فصيحة وتشيع على ألسنة العامة، وقد طبع مرارًا ؛ وكتاب مُلحة الإعراب، وهو منظومة في النحو شرحها شرحًا جيدًا، وقد طبع عدة مرَّات ؛ وله ديوان شعر ومجموعة رسائل ومن أشهر رسائله السينية التي بناها على حرف السين، والشينية التي بناها على حرف الشين. وهاتان الرسالتان تبيِّنان بوضوح مدى التكلف والتصنع اللذين سيطرا على الكتابة العربية في عصر الحريري.
غير أن شهرة الحريري الحقيقيّة مرتبطة أشد الارتباط بتأليفه المقامات المشهورة ★ تَصَفح: المقامات. وهي مجموعة تضم خمسين مقامة، ألَّفها مقلدًا بديع الزمان الهمذاني. وقد جعل الحريري لمقاماته بطلاً سمّاه أبا زيد السروجي، وراوية سمّاه الحارث بن هَمَّام. بدأ الحريري كتابة مقاماته بالمقامة الثامنة والأربعين المسماة بالمقامة الحرامية سنة 495هـ. وانتهى من كتابة جميع مقاماته سنة 504 هـ . وقد لاقت هذه المقامات شهرة واسعة في عهد الحريري نفسه، إذ يقال: إن الحريري أجاز بيده سبعمائة نسخة منها. وتولى شرحها بعد موته عدد كبير من الشراح، لعل من أهمهم الشُريشي والمطرَّزي والرازي والعُكبُري. كما أنّ شهرتها لم تكن مقصورة على العالم العربي والإسلامي، بل امتدت إلى خارجه ؛ فقد تُرجمت قديمًا إلى العبرية والسريانية، ثم ترجمت في القرن الثامن عشر الميلادي إلى اللاتينية ، ثم ترجمت أخيرًا إلى عدد من اللغات الأوروبية وغير الأوروبية.