الرئيسيةبحث

السياب، بدر شاكر ( as- Sayyab, B. Sh: )


بدر شاكر السياب
السَّياب، بدر شاكر (1926 - 1964م). بدر شاكر السيَّاب شاعر عراقي، يُعد من رواد الشعر الحديث. وُلِدَ في قرية جيكور بمحافظة البصرة، التي وضعها شعره على الخريطة العربية. وتلقّى تعليمه الابتدائي هناك، ونبغ في الشعر منذ حداثته. وأكمل تعليمه المتوسط في البصرة والجامعي في بغداد، بادئًا باللغة العربية، ومنتهيًا باللغة الإنجليزية في معهد للتربية يُخرِّج مدرسين في ميادين واختصاصات محدّدة.

وكان اهتمامه ينصبّ على الأدب العربي والشعر، إلا أنّه تحوّل إلى اللغة الإنجليزية في مرحلته الأخيرة لتوفّر فرص الوظائف التعليمية في اللغة الأجنبية. وقد أفسح له ذلك المجال التعرف على الشعر الإنجليزي في عصوره الحديثة، لاسيما المرحلة الرومانسية ومرحلة الحداثة.

اضطربت حياة بدر بين القلق والطمأنينة، وانتقل من الريف إلى المدينة، من جيكور إلى بغداد.فتعرض لما كان يعتلج به صدر بغداد من صراعات سياسية وفكرية إبان الحرب العالمية الثانية وبعدها. وانتمى إلى الحزب الشيوعي، وتركه ثائرا عليه. كافح من أجل الإنسان. وأيقن أن للكلمة دورًا مهمًا في معركة الخير والشر ؛ فجنّد شعره وقلمه للدفاع عن قضايا العرب من فلسطين إلى بورسعيد والجزائر ومعارك العراق من أجل الاستقلال والحرية.

تميّز السياب بصوت شعري حديث وقوي لا في العراق فحسب، بل في العالم العربي قاطبة. ولاقى شعره رواجًا عند معاصريه. كما تُرجمت منه نماذج إلى الفرنسية والإنجليزية لم تفتقد نبضها الإنساني، ونكهتها العربية في صلتها باللغات الأجنبية.

ويمثل شعر بدر أهم الاتجاهات الشعريه التي عرفها عصره، وكانت له حصيلة واسعة من الموروث الشعري الكلاسيكي، بالإضافة إلى ترجماته لمختارات من الشعر العالمي إلى العربية.

بدأ بدر كلاسيكيًا، ثم تأثّر برومانسية أبي شبكة من لبنان وبودلير من فرنسا، لكن إضافاته الشعرية وإنجازاته بدأت بشعره الواقعي، ولاسيما قصائد حفّار القبور ؛ المومس العمياء ؛ الأسلحة والأطفال.

وشعر بدر التّموزي أبدع ما ترك من آثار، لاسيما ديوان أنشودةّ المطّر، ففيه نماذج كثيرة للقصيدة العربية الحديثة، التي توفر فيها شكل فني حديث متميّز، ومضمون اجتماعي هادف في آن واحد، ومن أشهرها أنشودة المطر، ومدينة السندباد ؛ والنهر والموت ؛ وبروس في بابل ؛ وقصيدة المسيح.

وتعد قصيدتاه: أنشودة المطر ؛ وغريب على الخليج صوتًا مميزًا في الشعر العربي الحديث، وفيهما يظهر صوته الشعري المصفى وقدرته الإبداعية العميقة. يقول مطلع أنشودة المطر:

عيناك غابتا نخيل ساعة السحر
أو شُرْفَتَان راح ينأى عنهما القمر
عيناك حين تبسمان تورق الكروم
وترقص الأضواء كالأقمار في نهر
يَرُجّه الجذّاف وَهْنًا ساعةَ السحر
وتبلغ القصيدة ذورتها في قوله:

أتعلمين أي حزن يبعث المطر
وكيف تنشج المزاريب إذا انهمر
وكيف يشعر الوحيد فيه بالضياع
بلا انتهاء ـ كالدم المراق، كالجياع
كالحب، كالأطفال كالموتى ـ هو المطر

وأما غريب على الخليج التي تصور معاناة السياب الحقيقية مع المرض، ويرجّح أنها آخر ماكتبه من شعر، فتشف عن رؤية تمور بشوق عارم لوطنه العراق وخشيته الموت بعيدًا عن أرض هذا الوطن، وهي مثال لشعر الاغتراب في الأدب العربي. يقول في مقطع منها:

ليت السفائن لاتقاضي راكبيها عن سفار
أو ليت أن الأرض كالأفق العريض بِلا بِحَار
مازلت أحسب يانقود، أعدكن وأستزيد
مازلت أنقص، يانقود، بكن من مدد اغترابي
مازلت أوقد بالتماعتكن نافذتي وبابي
في الضفة الأخرى هناك فحدثيني يانقود
متى أعود، متى أعود
واحسرتاه… فلن أعود إلى العراق.
وشعر السياب فيه جزالة وصحة في التراكيب ومحافظة على الوزن، فهو مع ريادته للتجديد في الشكل لم يترك الوزن الشعري أو يتحرر من القافية: وكان ذلك من أسباب فحولته بين الشعراء المحدثين.

أصدر السياب عشرة دواوين هي: أزهار ذابلة (1947م) ؛ أساطير (1950م) ؛ حفار القبور (1952م) ؛ المومس العمياء (1954م) ؛ الأسلحة والأطفال (1954م) ؛ شناشيل ابنة الجلبي ؛ المعبد الغريق ؛ أنشودة المطر (1960م) ؛ منزل الأقنان ؛ إقبال. وقد صدرت جميعها عن دار العودة في مجموعة واحدة، حملت اسم ديوان بدر شاكر السياب.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية