الرئيسيةبحث

مسلم بن الوليد ( Muslim- ibn- al- Walid )


مُسْلِم بن الوليد (140 - 208هـ ،757 - 823م). أبوالوليد مسلم بن الوليد الأنصاري، من فحول شعراء العصر العباسي الأول، ويلقب بصريع الغواني لقوله:

هل العيش إلا أن أروح مع الصِّبا وأغدو صريع الراح والأعين النُّجْلِ

وهو من الأنصار أو من مواليهم. نشأ بالكوفة في فترة صباه وشبابه، وفيها اكتسب اللغة وتعلم الشعر على مذاهب القدماء وأساليبهم. ولكنه انتقل إلى بغداد بعد ذلك واتصل بالولاة في عهد الرشيد، ونال جوائزهم وأُعطياتهم، وتقرب على وجه خاص من يزيد بن مزيد الشيباني الذي نظم فيه أشهر مدائحه. وانغمس حين ذهب إلى بغداد في حياة الطرب واللهو، وأنفق على أصحابه حتى عُرف بالسخاء والكرم إلى درجة الإسراف.

ولا يصدر مسلم بن الوليد في المضمون الفكري لشعره عن رؤية خاصة ولا عن موقف محدد من قضايا السياسة والاجتماع والفن، ولكنه ينسج على منوال القدماء في الجزالة والفخامة وطول النفس الشعري. فقد خلع على ممدوحيه ثوب الفضائل النمطية، وعلى رأسها الشجاعة والكرم. أشاع في شعره شيئًا من جو الخلاعة والمجون.

يمثل مسلم بن الوليد نقطة تحول كبرى في مسار الشعر العربي، حين جعل من أسلوب البديع مذهبًا شعريًا حرص عليه واتبعه فيه أبوتمام بعد ذلك حتى جعل شعره كله بديعًا. ومع أن التأسيس للظاهرة البديعية يُنسب أحيانًا إلى بشار بن برد قبله، إلا أن مسلمًا هو أول من استخدم الاستعارة والمطابقة والتجنيس والتصدير والمشاكلة استخدامًا واعيًا ومقصودًا يدل على وعيه بريادته للتجديد في لغة الشعر. ولأن الشعر العربي يقوم على الوضوح وعدم التكلف، اتَّهم النقاد القدامى مسلمًا بأنه أول من أفسد الشعر العربي وخالف طبيعته وخرج على عموده. ومن شعره البديعي، هذان البيتان في مدح يزيد بن مزيد:

موفٍ على مُهجٍ في يوم ذي رَهَج كأنَّه أجلٌ يسعى إلى أمل
ينال بالرفق مايعيا الرجال به كالموت مستعجلاً يأتي على مهلِ

وتراوحت أشعاره بين المدح والغزل ووصف الخمر. كما غلب على أسلوبه الشعري قوة البناء وروعة التصوير مع عناية بالحُلي اللفظية والمعنوية. كما عُني بموسيقى شعره بوجه خاص، وحرص على أن يجعل لها رنينًا محكمًا تلذّه الأسماع.

ومن رقيق شعره قوله:

إن كنتِ تسقين غير الراح فاسقيني كأسًا ألذَّ بها من فيك تشفيني
عيناك راحي، وريحاني حديثك لي ولون خديك لون الورد يكفيني

المصدر: الموسوعة العربية العالمية