الرئيسيةبحث

ابن عربي، محيي الدين ( ibn- 'Arabi, M: )


ابن عربي، محيي الدين (560 - 638هـ ، 1164 - 1240م). أبوبكر محي الدين محمد بن علي ابن عربي الطائي، مفكر وأديب وشاعر ووشاح صوفي. أندلسي المولد. أثرى القاموس الصوفي بما أضافه من ثروة لغوية. فهو يرى أن لكل لفظ وتعبير واصطلاح معنييْن ؛ أحدهما ظاهر والآخر باطن.

ولد بمرسيه ثم انتقل إلى أشبيليا والتقى في شبابه بابن رشد إلا أنه لم يسايره في تفكيره، واختار مسارًا صوفيًا متأثرًا بالفكر الهرمسي وبآراء الحلاج والسهروردي. وعندما قارب الثلاثين من عمره غادر الأندلس ـ كما يقول ـ لأسباب سياسية ودينية، واستجابة لرؤيا كشفت له أن الحرية الفكرية التي يرومها هي في مكة. ولما نزل مكة عام 598هـ، 1201م اجتمع بعلمائها وأخذ عنهم، خصوصًا الشيخ زاهر الأصبهاني والشيخة فخر النساء. وتعلق في مكة بحب النظام ابنة شيخه، وملهمة قصائد ديوانه ترجمان الأشواق التي يشير بها كما يقول إلى معارف ربانية وأسرار روحانية، وجعل العبارة بلسان الغزل. غادر مكة إلى بغداد والموصل سنة 601هـ، 1204م ثم إلى القاهرة سنة 603هـ، وبها ألف مُصَنَّفَيه مشاهد الأسرار و رسالة الأنوار. ثم رجع إلى بغداد سنة 608هـ، 1211م، والتقى بشهاب الدين السّهروردي، ثم توجَّه مرَّة أخرى إلى مكة سنة 610هـ، 1213م حيث صنف شرحًا على ديوانه ترجمان الأشواق أطلق عليه ذخائر الأعلاق.

وغادر مكة إلى دمشق عام 620هـ ، 1223م، حيث استقر بها وألَّف كتبًا كثيرة حمَّلها رؤيته الصوفية القائلة بوحدة الوجود، وأن هذا الوجود المادي صورة ومرآة ينعكس عليها وجه الحقيقة، وأن الخلق سلسلة من التجليات الإلهية، كل حلقة فيها ابتداء ظهور صورة من صور الوجود واختفاء صورة أخرى. وقد عبر عن ذلك بمصطلحيْ الفناء والبقاء، وهو مصطلح يجمع فكرة الفناء التي قال بها الحلاج وفكرة البقاء التي أضافها إلى المعادلة الصوفية، مؤكدًا ضرورة الشريعة للسالكين.

فصَّل رؤيته الصوفية في كتابيه فصوص الحِكَم والفتوحات المكية، إلا أن قراءتهما تتطلب جهدًا ذهنيًا لما يُغلف عباراتهما من غموض ربما يرجع إلى رغبته في إخفاء مقاصده أو إلى إغراقه في استخدام الرموز الصوفية. وبعد وفاته في دمشق مقتولاً، استمرت الخصومة حول سُنِّيته (أي كونه من أهل السنّة أم لا). إلا أن السلطان العثماني سليم الأول أصدر قرارًا ينص على سنيّته ويقضي بإضافة كتبه إلى المناهج المدرسية.

ومن مخاطباته الصوفية قوله:

ياخليليَّ قِفا واستنْطِقا رسمَ دار بعدَهم قد خرِبا
واندُبا قلبَ فتىّ فارقه يوم بانوا، وابكيا وانتحبا
رحلوا العيسَ ولم أظفر بهم ألِسَهْو كان أم طرفٌ نَبَا
لم يكن هذا ولاذاك، وما كان إلا وَلهٌ قد غَلَبَا
ويقول في موقف آخر من ديوانه ترجمان الأشواق وكأنه يتغزل بإزاء محبوبٍ من لحم ودم، وقد غدا واحدًا من الشعراء العذريين:

مَرَضِي من مرَيضةِ الأجفانِ عَلِّلاني بذكرها عَلِّلاني
بأبي طفلة لَعُوبٌ تَهَادَى من بنات الخدور بين الغواني
طلعتْ في العيان شمسًا فلمّا أفَلَت أشرقت بأفقِ جَنَاني
بأبي ثم بي غزالٌ ربيبٌ يرتعي بين أضلعي في أمان
★ تَصَفح أيضًا: الصوفية.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية