جرير (30 - 114هـ ، 650 - 732م). جرير بن عطية بن حُذَيْفة الملقَّب بـ الخَطفَى بن بدر بن سلمة. من كُلَيْب ثم من يربوع ثم من تميم . من شعراء العصر الأموي، وُلد في أثيفية إحدى قرى الوشم من أرض اليمامة في نجد. وأم جرير كُلَيْـبـيَّة مثل أبيه. وله إِخوة هم أبو الورد وعمرو وحكيم.
نشأ في بيئة بدوية يتوارث أبناؤها الشعر، وقضى صباه وشبابه يرعى غنم أبيه في وادي المروت حتى حدثت حادثة أظهرت موهبته، حين تشاجر بنو سليط مع قومه كُلَيْب وتنازعوا غديرًا في ديارهم ؛ فهجاهم جرير، ثم التحم مع شعراء آخرين بعد ذلك، منهم الأعور النبهاني الطائي والبَعيث المجاشعي.
أما معركته الهجائية الشهيرة فقد كانت مع شاعر تميم الكبير الفرزدق، استمرا يتبادلان النقائض قرابة أربعين عامًا. وأثناء تلك المعركة الشرسة، اصطدم مع شعراء كثيرين، من أشهرهم بعد الفرزدق: الأخْطل التغلبي، وله معه نقائض كنقائضه مع الفرزدق، وسُراقة بن مِرداس البارقي واللعين المنقري، وعمر بن لجأ التَّيْمي وعدي بن الرقاع العاملي، والراعي النُّمَيْري وغير هؤلاء الفحول. اتخذ هجاءه وشهرته سبيلاً إلى مدح الولاة الأمويين والخلفاء، فبدأ بالحجاج بن يوسف والي العراق ثم مدح عبدالملك بن مروان وأبناءه من بعده : الوليد وسليمان ويزيد وهشام ، ومدح عمر بن عبدالعزيز واليًا وخليفة.
وهو أحد قطبي معركة النقائض كما تقدم. جعله ابن سلام في الطبقة الأولى من الشعراء الإسلاميين، وقد اختلف النقاد: أي فحلي تميم أشعر؟ إلا أنهم أجمعوا على رقة النسيب في مطالع قصائده وحسن استهلاله مما جعل خصمه اللدود الفرزدق يحسده على ذلك.
وقد نشأ بينه وبين الفرزدق حب متبادل وعلاقة حميمة، وأصبحت معركتهما الهجائية فنًا واحترافًا لا يمنع من الصداقة، والدليل على ذلك مراثي جرير للفرزدق حين يقول:
|
لَعَمْرِي لَقَدْ أضْنى تَميمًا وهَدَّها | | عَلى نَكَبَاتِ الدَّهْرِ مَوْتُ الفَرَزدقِ |
|
وقوله أيضًا :
|
لَعَمْرِي لَئِنْ كَانَ المُخَبِّرُ صَادقًا | | لَقَدْ عَظُـمَتْ بلْـوى تمِيْمٍ وَجَلــَّتِ | وَلا حَمَلتْ بَعْدَ الفَرَزْدقِ حُرَّةٌ | | وَلا ذَاتُ حَمْلٍ مِنْ نٍفَاسٍ تَعـَلَّتِ |
|
وبوفاته أُغلقت صفحة النقائـض الباقية وطبـق كتابها إلى الأبد، فلحق بالفرزدق خصمه الألد بعد ستة أشهر من وفاته.
وقد حفظ ديوان الشعر العربي طائفة كبيرة من أبيات جرير السيّارة التي يستشهد بها في مقامات مختلفة، من ذلك قوله في المدح:
|
ألستمْ خيرَ من رَكِب المطايا | | وأندى العالمينَ بطونَ راحِ |
|
وقوله في الغزل:
|
إن العيون التي في طرفها حَوَرٌ | | قَتَلْْنَنَا ثم لم يُحيِينَ قتلانا | يَصْرَعْنَ ذا اللُّبِّ حتّى لاحراكَ به | | وهُنّ أضْعَفُ خلقِ الّلهِ إنسانا |
|
وقوله في الفخر:
|
إذا غضبتْ عليك بنو تميم | | حَسِبْتَ الناسُ كلهمُ غضابا |
|
وقوله في الهجاء الساخر المتهكم:
|
زعم الفرزدق أنْ سيقتلْ مَرْبعا | | أْبشْر بطولِ سلامةٍ يامربعُ |
|
وكذلك قوله:
|
والتغلبي إذا تَنَحْنَحَ للقرى | | حك استه وتمثّل الأمثالا |
|
المصدر: الموسوعة العربية العالمية