عبدالله بن رواحة ( ؟ ـ 8هـ، ؟ ـ 629م). أبومحمد عبدالله بن رواحة بن ثعلبة الأنصاري. صحابي جليل يُعدّ أحد فرسان المسلمين وقوادهم. من الشعراء المخضرمين. وقف شعره ونفسه للدفاع عن الدعوة ورسولها، فجمع بين الفروسية والشعر والدين. خزرجي النسب يعود أصله إلى قبائل الأزد القحطانية الذين نزحوا إلى شمالي الجزيرة بعد تصدُّع سد مأرب. وقد أقام الأوس والخزرج في يثرب، إحدى مدن الحجاز. وحينما عرف الإسلام طريقه إلى يثرب كان عبد الله من أوائل من سارعوا إلى الإيمان بالله والتصديق بدعوة الرسول ﷺ، فهو أحد النقباء في بيعة العقبة، وأحد الأمراء الثلاثة الشهداء في غزوة مؤتة.
شهد مع الرسول ﷺ جميع الغزوات والوقائع، لم يتخلف عن واحدة منها حتى استُشهد في غزوة مؤتة. وكان مثلاً من الأمثلة الصادقة في الإيمان والإخلاص والتفاني، وكان له شأنه في الحياة الإسلامية منذ عهد مبكر ؛ فهو أحد الشعراء المحسنين الذين كانوا يردون الأذى عن رسول الله ﷺ وفيه وفي صاحبيه : حسان، وكعب بن مالك، نزلت: ﴿ إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرًا﴾ الشعراء: 227: فالآية الكريمة استثنت ثلاثتهم من الشعراء الذين يَتَّبعُهم الغاوون، ويقولون مالا يفعلون. وهو أحد فرسان المسلمين وقوادهم، فقد اندفع لقتال أعداء الله، وتمنى الموت على الصورة التي أرادها فخرج إلى مؤتة مع جيش المسلمين، وذلك في جمادى الأولى عام 8هـ، فحينما ودعه المسلمون مع أمراء جيش مؤتة قائلين لهم: صحبكم الله ودفع عنكم، وردكم إلينا صالحين. أجابهم عبد الله بن رواحة قائلاً:
|
لكنني أسأل الرحمن مغفرةً | | وضربة ذات فرع تقذف الزَّبدا | أو طعنةً بيدَيْ حَرّانَ مُجْهِزَةً | | بِحربة تَنْفَذ الأحشاء والكبدا | حتى يُقال إذا مَرُّوا على جدَثي | | يا أرشد الله من غاز وقد رَشدا |
|
وكان الرسول ﷺ يقربه منه ويعتمد عليه في أكثر من مناسبة. وله مناقب كثيرة أشار إلى بعضها ابن حجر في
الإصابة وابن عبدالبر في
الاستيعاب. وشعره على قلته ملتزم، هدفه خدمة العقيدة والدفاع عنها. وشعره في مؤتة يعكس حقيقة شخصيته وتحمسه لعقيدته. وطَّن نفسه على الشهادة طمعًا في مرضاة الله ومثوبة المجاهدين. وحينما اصطدمت هذه الرغبة بالرهبة من الموت في معركة غير متكافئة بين جيش الروم ـ كثير العدد والعدة ـ وجيش المسلمين الذي لا يتجاوز الثلاثة آلاف مقاتل، تردد عبدالله في أول الأمر، وحدثته النفس البشرية المجبولة على حب الحياة بالتراجع. وهذا الموقف يعبِّر بصدق عن النزعة الإنسانية التي تفرض نفسها في مثل هذه المواقف. إلا أن إرادة عبدالله وشجاعته كانت أقوى من الاستسلام والتراجع، فمضى يقاتل ويرتجز وافتتح حواره مع النفس بتقريع لها وتحقير لشأنها:
|
يا نفس مالك تَكرهيَن الجنّة | | أُقْسِم باللّه لتنزلِنّهْ | طائعة أو لَتُكْرهِنّهْ | | فطالما قد كنت مطمئنهْ | هل أنتِ إلا نطفة في شنّهْ | | قد أجلبَ الناس وشدّوا الرّّنّهْ |
|
ومن أجمل مقطوعاته في نصرة الدعوة وتأييدها، قوله:
|
إني تفرَّسْتُ فيك الخيْرَ أعرفه | | والله يعلم أنْ ماخانني البَصَرُ | أنت النبيُّ ومن يُحْرَمْ شفاعَتَه | | يوم الحسابِ فقد أزرْى به القدرُ | فثبَّتَ الله ما آتاك من حَسَنٍ | | تثبيتَ موسى ونصرًا كالذي نُصِرُوا |
|
المصدر: الموسوعة العربية العالمية