الرئيسيةبحث

سلم الخاسر ( Salm- al- Khasir )


سَلْم الخاسر ( ؟ - 186هـ، ؟ - 802م). سلم ابن عمرو بن حمّاد، من شعراء القرن الثاني للهجرة. قيل في سبب تلقيبه الخاسر: أنه كان مضيِّعًا لماله متلافًا. وهو من موالي تيْم، عشيرة أبي بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه. تذكر مصادر ترجمته أنه نشأ بالبصرة.

وسَلْم من شعراء العصر العباسي الأول (132 ـ 232هـ)، حيث بلغت الدولة الإسلامية فيه ذروة تفوقها السياسي والحضاري.

وتتلمذ سَلم على الشاعر بشار بن بُرد (ت167هـ)، وروى عنه شعره، وتأثر بمذهبه الفني. وتروي المصادر أنه لما قال أستاذه بشار بيته الشهير:

من راقب الناس لم يظفر بحاجته وفاز بالطيَّبات الفاتكُ اللَّهِجُ
أخذ سَلم هذا المعنى، وجاء به أجود لفظًا فقال:

من راقب الناس مات غَمًَّا وفاز باللذة الجسورْ
فاشتهر بيت سَلم، ولم يشتهر بيت بشار.

اختص سَلم بمدح خلفاء بني العباس، وبخاصة موسى المهدي والهادي والرشيد، كما مدح البرامكة أيضًا، وبخاصة يحيى بن خالد والفضل بن الربيع. ومن شعره في البرامكة قوله في يحيى بن خالد:

بلوت الناس من عجم وعُرْب فما أحدٌ يسير كما تسيرُ
فكلُّ الأمر من قولٍ وفعلٍ إذا علقت يداك به صغير
وفي كفيك مدرجة المنايا ومن جدواهما الغيث المطيرُ
وقد تخاصم سَلم وشاعر الزهد أبو العتاهية (130 ـ 211هـ)، وثارت بين الشاعرين الأهاجي، فقال أبو العتاهية يهجو سلمًا:

تعالى الله ياسلم بن عمرو أذلَّ الحرصُ أعناق الرجال
هبِ الدنيا تصير إليك عفوًا أليس مصير ذلك للزوال؟
ويرد سلم على أبي العتاهية هجاءه فيقول:

ما أقبح التزهيد من واعظٍِ يُزهِدُ الناسَ ولا يزهد
لو كان في تزهيده صادقًا أضحى وأمسى بيته المسجدُ
ويبدو أن المجون الذي اتصف سلم به إنما كان في شبابه، ثم لم يلبث أن استقام خلقه حين بلغ مبلغ الشيوخ.

على أن أبرز ما اتصفت به شخصية سَلم: الكرم والسخاء، والميل إلى الدعابة. هذا إلى ثقافة شعرية واسعة، فكان من أعرف الناس بأشعار الجاهلية، كما كان من أكثر الأدباء خبرة بشعر أستاذه بشار بن برد، حتى روي أنه قال عن بشار: ¸إني لأروي له تسعة آلاف بيتٍ ما يعرف أحد غيري منها شيئًا·.

وقد روت المصادر له أبياتًا في مدح الخليفة العباسي موسى المهدي، جرت على التفعيلة على النحو التالي:

موسى المطرْ غيث بكر ثم انهمرْ لما اغتفرْ
ثم غَفَرْ لما قدرْ ثم اقتصر عدل السير
باقي الأثر خير البشر فرعُ مضر بَدْرٌ بَدَرْ
وهو بهذا الشكل الشعري عدّ من الشعراء المجددين، وزنًا وقافية.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية