النديم، عبد الله ( an- Nadim, 'A: )
النّديم، عبد الله (1258-1314هـ ، 1842- 1896م). أديب وخطيب وصحفي وسياسي مصري. ولد لعائلة فقيرة فأرسله أبوه إلى الكتّاب ثم إلى المسجد ليتعلم شيئًا من اللغة والحساب ليستطيع مساعدته في مهنته المتواضعة في مخبزه الصغير. لم يستمر النديم في دراسته في المسجد لعدم موافقتها لطبعه، فبدأ يتردد على مجالس الأدباء يسمع شعرًا وزجلاً ونوادر وقصصًا، وكان لهذه المجالس أثر كبير في حياته الأدبية فيما بعد.
لم يرض أبوه عن مسلكه وخاصة انقطاعه عن الدراسة النظامية فقطع علاقته به، مما ألجأه إلى الاعتماد على نفسه في إيجاد قوت يومه عن طريق التنقل في عدة أعمال لم يبقْ طويلاً في أيٍّ منها.
عاد النديم إلى الإسكندرية في عام 1879م عندما اشتدت المقاومة السرية ضد الخديوي إسماعيل بسبب بذخه الشديد الذي أغرق مصر بالديون وفتح أبوابها أمام الأجانب، وانضم إلى جمعية مصر الفتاة السرية وأخذ يغذي الصحف بمقالاته الوطنية فأصبح زعيمًا وطنيًا رائدًا. فحوّل تلك الجمعية السرية إلى جمعية علنية وسماها الجمعية الخيرية الإسلامية. تفرغ للصحافة بعد ذلك وأنشأ جريدة التبكيت، وصار ينشر مقالات اجتماعية نقدية بأسلوب هزلي. ولما قامت الثورة العرابية صادفت مبادئها هوى في نفسه فانخرط في صفوفها خطيبًا مفوّهًا، وأصبح لسانها الناطق وداعيتها الصادق، فغير اسم جريدته بناء على طلبٍ من أحمد عرابي إلى الطائف. وكانت مقالاته قاسية اللهجة في نقد الخديوي إسماعيل وما سببه من فقر وبؤس للمصريين.
حينما فشلت الثورة العرابية وأُلقي القبض على زعمائها اختفى النديم تسع سنين كان يغير خلالها من هيئته وشكله ولهجته، كما كان يغير اسمه وانتماءه الجغرافي. ورُصِدَت جوائز مالية لمن يعثر أو يدل عليه. وبعد أن ألقي القبض عليه عفا عنه الخديوي توفيق ونفاه إلى يافا، ثم عاد إلى مصر بعد وفاة توفيق سنة 1892م، ثم أنشأ جريدة الأستاذ وجعلها منبرًا وطنيًا يناهض الإنجليز. انتقل بعدها إلى تركيا حيث مكث هناك حتى وفاته بمرض الدرن عن أربع وخمسين سنة.