أحمد عرابي ( Ahmad 'Urabi )
أحمد عرابي (1257 - 1329هـ، 1841- 1911م). زعيم سياسي مصري، ومناضل وطني، قاد حركة تحرير بلاده ضد الاستعمار الإنجليزي. ولد في قرية هرية رزنة من قرى الزقازيق بمصر، وجاور في الأزهر سنتين، ثم انتظم جنديًا في الجيش، وبلغ رتبة أميرلاي في أيام الخديوي توفيق.
ازداد التدخل الأجنبي في شؤون مصر، وحنق رجال الجيش لاضطهاد الأحرار الوطنيين، إضافة إلى عدم السماح لضباط الجيش المصريين، بأن يتجاوزوا في الترقية رتبًا معينة.
تولى عرابي في هذا الجو، زعامة الوطنيين في الجيش، وتوثَّقت العلاقة بينه وبين الزعماء السياسيين وضباط الجيش، فأوكلوا إليه رفع مطالبهم التي تتلخص في: إقامة الحياة النيابية في البلاد، ووقف التدخل الأجنبي.
قاد عرابي مظاهرة سلمية إلى ميدان عابدين (1881م) مع فرق الجيش، يحيط بهم آلاف من أفراد الشعب، وقدم للخديوي ومستشاريه ورئيس الوزراء والمندوب الإنجليزي، مطالب الشعب والجيش، وتتلخص في: عزل رئيس الوزراء، وتأليف مجلس نواب، وزيادة عدد الجيش وتقويته، ليصبح قادرًا على الدفاع عن البلاد.
اضطر الخديوي إلى الإذعان، فعهد إلى شريف باشا، بتأليف وزارة جديدة، وبإعداد الدستور الذي رُفع إلى مجلس النواب، فأصر المجلس على مناقشة الميزانية وأعلن احترامه لالتزامات الحكومة فيما يتعلق بشأن الديون.
فزعت أوروبا، وخاصة إنجلترا وفرنسا، من هذا الخبر، الذي يمس مصالحهما الاستعمارية، فأرسلتا مذكرة احتجاج مشتركة إلى الحكومة المصرية، تعارضان حق المجلس في مناقشة الميزانية وإقرارها، وتهددان بالتدخل لتأييد سلطة الخديوي.
فكر الخديوي في أن يستغل هذه المذكرة، لقلب الحكومة وحل المجلس النيابي وإعادة السلطة المطلقة، لكن النواب وقادة الجيش لم تزدهم المذكرة إلا تكتلاً وإصرارًا على موقفهم، فخالفهم شريف باشا ورأى تأجيل هذا الأمر، حتى يُفاد من الدولتين، ولكن المجلس رفض هذا الاقتراح، فلم يجد شريف بدًا من الاستقالة.
تألفت وزارة جديدة برئاسة محمود سامي البارودي، فعهد إلى أحمد عرابي بوزارة الحربية والبحرية، فبدأت الوزارة عملها بتقديم مشروع إصلاحي، لمختلف نواحي البلاد. وأقر المجلس مشروع الدستور الجديد، ووافق عليه الخديوي، وبذلك تحقق أول أمل للشعب في عهد الوزارة الجديدة.
خشيت إنجلترا خروج مصر من يدها، فأخذت تتحين الفرص، لإثارة الفرقة بين المواطنين والخديوي.
ولما اشتد الخلاف بين الخديوي والوزارة، لاحت بوادر الثورة، فادَّعت إنجلترا أن الحالة خطيرة، يخشى منها على أرواح الرعايا الأجانب، وتحفزت للتدخل المسلح، فأرسلت أسطولاً إلى مياه الإسكندرية، وطالبت مع فرنسا بإسقاط الوزارة وإبعاد عرابي عن مصر، فاستقال البارودي، على حين أصر عرابي، على البقاء في الوزارة، فدبّرت بريطانيا والخديوي حادث الإسكندرية، الذي كان سببًا في الفتنة، عندما اشتبك أحد رعايا الإنجليز مع عامل مصري وتطور الأمر إلى تبادل إطلاق الرصاص بين المواطنين والأوروبيين. أطلق البريطانيون قنابلهم على الإسكندرية ونزلت قواتهم إلى البر، وأقر الخديوي عمل بريطانيا وأمر بعزل عرابي، لكن الشعب التف حول عرابي ولقبه حامي البلاد، فأعد العدة للمقاومة، وعزم على ردم مدخل القناة ليمنع الأسطول الإنجليزي من إنزال جنوده في الجبهة الشرقية، ولم يثنه عن عمله سوى تدخل دي لسيبس، مهندس قناة السويس الذي وعده بمنع الأسطول من المرور في القنال اعتمادًا على حيادها.
التقت قوات الإنجليز بقوات عرابي في معركة التل الكبير، وهزموا عرابي ودخلوا القاهرة في 14 سبتمبر 1882م، فحلوا الجيش المصري، ونفوا عرابي إلى جزيرة سيلان، حيث مكث 19 عامًا، وأُطلِق سراحه في أيام الخديوي عباس، فعاد إلى مصر وتوفي بالقاهرة.