الرئيسيةبحث

التعايشي، الخليفة عبد الله ( at- Ta'ayshi, 'A: )


التعايشي، الخليفة عبدالله (1266- 1317هـ، 1850-1899م). عبدالله بن محمد التقي من قبيلة التعايشة، وهي تنتسب إلى جهينة. اشتهر بالتعايشي نسبة إلى قبيلته. ولد في البادية بغرب السودان، ونشأ فيها، وقد اتصف بحدة الذكاء، وسرعة البديهة. اتصل التعايشي بالمهدي قائد الثورة المهدية عام 1880م، ولازمه منذ ذلك الحين، وتوطدت بينهما الصلات. ولقد أوصى له المهدي بالخلافة قبل وفاته وبويع بها عمليًا عام 1885م.

واجهت الخليفة عبدالله عدة مشكلات، وكانت بعض هذه المشكلات داخلية، كما كان بعضها مشكلات خارجية. أما أهم المشكلات الداخلية فقد كانت التخلص من منافسيه من أقرباء المهدي.

أما المشكلة الداخلية الثانية فقد حدثت بانتفاض بعض القبائل عليه، ومحاولاتهم الاستقلال عن دولة المهدية فاستطاع بقوة الجيش والسلاح الناري أن يبقيهم في دولة المهدية عنوة.

ومن ناحية أخرى فقد واجهت حكومة الخليفة عبدالله عدوانًا خارجيًا من مختلف الجهات ومن دول أوروبية متعددة. فكانت في مقدمة تلك الدول بريطانيا التي كانت تحتل مصر، وتخطط للاستيلاء على السودان على أساس أنه أراض مصرية خرجت عن طاعة الخديوي. وكانت جيوش الدولتين البريطانية والمصرية ترابط في الحدود، وتنظر إلى أحوال السودان تحت حكم الخليفة عبدالله بغية الانقضاض عليه.

ولما أرسل البلجيكيون بعثة حربية صغيرة إلى داخل الأراضي السودانية أسرع الخليفة عبدالله بإرسال الجنود لطرد البلجيكيين من الجنوب فارتدوا على أعقابهم.

وكانت لفرنسا أطماع في الأراضي التي حكمها الخليفة عبدالله تتمثل في امتلاك حزام يبدأ من غرب إفريقيا مرورًا بالسودان مخترقًا الحبشة حتى المحيط الهندي. وكانت لبريطانيا طموحات في أن تقيم سلسلة من المستعمرات تمتد من مصر على البحر الأبيض المتوسط مخترقة القارة الإفريقية من الشمال حتى كيب تاون في جنوبها عابرة بذلك الأراضي السودانية. وكان هذا من بين ما يجب على الخليفة عبدالله أن يعدّ له العدة.

تطلعت الحبشة أيضًا إلى اقتناص الفرصة والانقضاض على مدينة القلاَّبات السودانية مرتين، الأولى في سنة 1887م والثانية في سنة 1889م، ودخلت القلاَّبات ودمرتها. فاضطر الخليفة عبدالله إلى إرسال قواته بقيادة قائده حمدان أبي عنجة مرة، ثم بقيادة الزاكي طمل مرة أخرى بعد وفاة أبي عنجة. واستطاع هذان القائدان الانتصار على القوات الحبشية وطردها من كل الأراضي السودانية.

أما إيطاليا فقد اتفقت مع بريطانيا على الاستيلاء على مدينة كسلا على حدود إرتريا لفترة مؤقتة لفتح جبهة شرقية ضد دولة المهدية. وبالفعل استولت إيطاليا على كسلا سنة 1896م، مما أثار حماس الخليفة عبدالله والسودانيين جميعًا لتجديد الجهاد ضد أعداء السودان.

بيد أن الأمور العصيبة بلغت مداها حين قررت الحكومة البريطانية إرسال اللورد كتشنر بالجنود البريطانيين والمصريين للاستيلاء على كافة الأراضي السودانية. ورغم الاستعدادات العسكرية التي أعدها الخليفة عبدالله، إلا أن جيشه الأول الذي أرسله بقيادة الأمير محمود ود أحمد لم يفز بطائل من البريطانيين والمصريين، وأُسر قائده.

لما علم الخليفة بما أصاب محمودًا وجيشه خرج بجيش آخر قوامه خمسون ألف مقاتل سوداني إلى خارج أم درمان لملاقاة الجيش الغازي البالغ عدده حوالي خمسة وعشرين ألفًا. والتقى الجمعان في سفوح جبال كرري. وفي يوم الجمعة 2 سبتمبر 1898م تصادمت القوات البريطانية والمصرية بجيش السودانيين تحت قيادة الخليفة عبدالله، وانتصر الغزاة، ورحل الخليفة عبدالله بمن بقي معه من قواده ورجاله وهو يحدث نفسه عن جولة ثانية. وفي غرب السودان حدثت معركة أم دبيكرات، وخسرها الخليفة وأصحابه فافترش هو ومن بقي معه حيًا من كبار قادته وأمرائه فراء صلاتهم، واستقبلوا الموت برباطة جأش حين حُمَّ القضاء. وأطلق عليهم جنود الجيش الغازي رصاص مدافعهم وأجهزوا عليهم، فقتُلوا جميعًا في 24 من نوفمبر 1899م.

كان الخليفة يؤمن بالمهدية، وبأن الوقت قد حان لكي يتحد العالم الإسلامي بكافة أقطاره، ويقيم دولة إسلامية موحدة على غرار الدولة الإسلامية الأولى.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية