الحمدانية، الدولة ( Hamadani State )
الحمْدانية، الدولة (317 - 394هـ، 929 - 1003م). قامت الدولة الحمدانية في منطقة الموصل ثم في حلب لسببين أولهما: لتسد فراغًا كان موجودًا بين قوات ثلاث: قوة الخلافة المتمثلة في أمير الأمراء ببغداد وقوة الإخشيديين ثم الفاطميين في مصر والشام. فكانت الحاجة ماسة إلى قوة تتصدى للإمبراطورية البيزنطية التي بدأت في مهاجمة العالم الإسلامي للاستيلاء على الشام أو إضعاف أو تدمير القوة الإسلامية في الثغور. وثانيهما: انتعاش العنصر العربي الذي انزوى بعد تقدم العناصر التركية في العراق، وبعد أن أسقط المعتصم العرب من الديوان، ثم تتبع ابنه الواثق حركاتهم للقضاء عليها. ثم أدى وقوع الخلافة تحت نفوذ الأتراك وكذلك الصراع الذي بين الخلفاء وبين المتسلطين من قواد الأتراك إلى محاولة الخلفاء إنعاش هذا العنصر العربي مرة أخرى.
ثار الحمدانيون على الدولة العباسية، ولكن عفت عنهم عندما انتصر الحسين بن حمدان على هارون الشاري وأسره وجاء به إلى المعتضد. وحارب القرامطة، وتدخل في شؤون الخلافة للحد من سيطرة الأتراك على الخلفاء، وأراد إسناد الخلافة لابن المعتز لثقافته وقدرته على أعباء الخلافة. ولكن الأتراك نجحوا في إسناد الخلافة للمقتدر الذي كان طفلاً صغيرًا. وعلى الرغم من هذا الموقف الحمداني من الخليفة الجديد إلا أن سياسة الخلفاء كانت تتجه إلى تقوية هذه القوة العربية لتقف في وجه المناوئين وفي وجه الروم. لذلك وافق المقتدر على تقليد الحمدانيين على الموصل وديار ربيعة، واشتهر منهم سيف الدولة الذي تولى إمارة حلب عندما انقسمت الدولة الحمدانية إلى قسمين: إمارة الموصل وإمارة حلب.
ولما كان الحمدانيون يمثلون القوة التي تلجأ إليها الخلافة إذا ضاقت بها الأحوال في بغداد، فقد لجأ إليهم الخليفة المتقي فارًا من قوات البريدي التي زحفت على العراق وعجز أمير الأمراء ابن رائق عن الصمود لها، فناصر الحمدانيون الخلافة، وقتلوا ابن رائق وطردوا البريديين وأعادوا الخليفة إلى عاصمته، وتولى إمرة الأمراء في بغداد الحسن بن عبدالله الحمداني، أمير الموصل.
لم يستقر الحمدانيون كثيرًا ببغداد لاضطراب أمورها ورغبتهم في التفرغ لحماية الثغور، وظلت علاقتهم حسنة بالخلافة على الرغم من محاولة البويهيين إزالتهم عن إمارتهم.
وعندما أراد سيف الدولة أن يوسع ملكه بالشام ليتمكن من تقوية جبهته أمام الروم، امتد بنفوذه إلى دمشق، الأمر الذي أدى إلى حرب مع الإخشيد، انتصر فيها الإخشيد، وتوصلا أخيرًا إلى صلح يدفع بموجبه سيف الدولة غرامة سنوية للإخشيد وعدم التعرض لدمشق.
وعندما مات الإخشيد نقض سيف الدولة الصلح، فتصدى له كافور وهزمه، وتم الصلح على بنود الصلح الأول ماعدا دفع الغرامة.
بدأت الدولة الحمدانية في التفكك بعد سيف الدولة، ووقعت في صراعات داخلية أسرية أدت إلى أن يستعين بعضهم على بعض بالروم والفاطميين. ثم سقطت أخيرًا تحت الضغط الفاطمي المتعاظم في مصر، والنفوذ البويهي من جهة العراق، فورثها الفاطميون في النهاية.
كان جهاد الحمدانيين ضد الروم من أبرز الأعمال التي خلدت ذكرى هذه الدولة. وكان ممن خلدوا ذكر الحمدانيين: أبوالطيب المتنبي، وأبو فراس الحمداني، وأبوالفرج الأصفهاني الذي ألف كتابه الأغاني خصيصًا لسيف الدولة، والخطيب ابن نباتة.
★ تَصَفح أيضًا: أبو فراس الحمداني ؛الحمداني، سيف الدولة ؛ المتنبي .