الرئيسيةبحث

حزب الويج ( Whig Party )


حزب الويج اسم يطلق على الأحزاب السياسية بإنجلترا وأسكتلندا وأمريكا. وكلمة ويج مصطلح أسكتلندي أطلق في وقت ما على سكان غربي أسكتلندا الذين عارضوا الملك تشارلز الأول في عام 1648م، كما أطلق على الخصوم السياسيين لهذه الجماعة اسم التوري ويرجع أصل هاتَيْن الجماعتَيْن السياسيَّتَيْن إلى ما كان يُعْرَفُ بقوائم الاستبعاد. فمنذ عام 1673م، قاد الحزب المسمى حزب الوطن ـ وأعضاؤه هم الويجيون ـ المُعَارضَةَ داخل البرلمان، أما الحزب المنافس والمسمَّى الحزب التوري ـ وأعضاؤه هم المحافظون ـ فكان يُطْلَقُ على من يتزعّمه اسم إيرال دانبي. وكان يساند الملك تشارلز الثاني بقوة، مما جعله يحظى بالعطايا والهبات من الملك، أما حزب الوطن الذي يتزعمه مَنْ يُعْرَفُ بإيرال شاف ليسبوري والذي أصبح مؤسسًا لجماعة الـويج، فكان يطالب بأن تكون السلطة العليا للبرلمان وبالقبول بحركة البروتستانت وضمان حرية الفرد دون الحاجة إلى طلب الدعم من الملك. وفي عام 1679م، دفع الخوف من تسلم الرومان الكاثوليك مقاليد الحكم حزب الوطن إلى طلب إجازة قانون قائمة الاستبعاد من قِبَلِ البرلمان، ويهدف هذا القانون إلى حِرْمَان جيمس شقيق الملك تشارلز ووريث مُلْكه وهو من طائفة الكاثوليك، من تولِّي العرش مستقبلاً، وللحيلولة دون إجازة هذا القانون اضطُرَّ الملك تشارلز إلى حل البرلمان.

بعد موت الملك تشارلز في عام 1685م، عُيِّن شقيقه جيمس ملكًا، ولُقِّب بالملك جيمس الثاني. عندئذ اقتنع بعض أعضاء البرلمان بإمكانية القبول به ملكًا، خاصة وأن إحدى شقيقاته التي تنتمي لطائفة البروتستانت ستخلفه في الحكم، ولكن في عام 1688م رُزِقَ الملكُ جيمس الثاني طفلاً وبدأ في التخطيط لضَمّه لطائفة الرومان الكاثوليك، وكذلك لاعتلاء العرش من بعده، مما أثار مخاوف السياسيين بالبلاد، لذلك قاموا بدعوة الأمير وليم أورانج زوج الابنة الكبرى للملك جيمس الثاني، والذي كان حاكمًا لهولندا آنذاك، إلى غزو بريطانيا، وقد قبل وليم الدعوة، وزحف على لندن واحتلَّها ورَحِّبَ به أهلها، وكان الملك جيمس المخلوع قد لاذَ بالْفِرَار إلى فرنسا.

أطلق الناس على الأحداث التي وقعت عام 1688م اسم الثورة المجيدة، لأنَّ التغيير في السُلْطَة تَمَّ دون إراقة الدماء تقريبًا. عقب ذلك، عيّن البرلمان وليم وماري حاكمين مشاركة، وخلع عليهما لقب وليم الثالث وماري الثانية، وقد كان لحزب الوطن الفضل الأكبر في هذا التغيير. وحسبما تشير الوقائع ماتت ماري الثانية عام 1694م، كما مات وليم الثالث عام 1702م دون أن ينجبا من يخلفهما في الحكم، لذلك فقد تولّت الحكم من بعدهما آن شقيقة ماري. في هذه الأثناء، كان الحزبان السياسيان الرئيسيَّان قد برزا باسميْ الويج والتوري، وعلى الرغم من أن وصول آن إلى الحكم كان بفضل تأثير جماعة الـويج، إلا أنَّها اختارت معظم وزرائها من جماعة التوري. وماتت آن في عام 1714م وكان جميع أبنائها البالغ عددهم 19 ابنًا قد ماتوا قبلها وبالتالي كان وريثها الشرعي هو ابْن الْملك جيمس الثاني، إلا أن البرلمان وبضغط من جماعة الويج رأى عدم منح الحكم لمن له علاقة بالطائفة الكاثوليكية، لذلك اختار جورج بن إليزابيث حفيدة الملك جيمس الأول وأميرة مقاطعة هانوفر الألمانية.

منذ بدايةِ عهدِ جورج الأول في عام 1714م وحتى مجيء جورج الثالث إلى الحكم في عام 1760م، كانت جماعة الويج تُمَثّلُ الحزب الأكثر سيطرةً على الأمور في البلاد. وتعودُ هذه السيطرةُ في معظمها إلى المهارة السياسيّة للسير روبرت ولبول أول رئيس للوزارة البريطانية. تكونت جماعة الويج من فئات أرستقراطية مختلفة وكذلك من عدة تكتلات أسرية ذات مصالح متضاربة، لذلك كانت تمثل اتحادًا هشًَا لهذه المجموعات. ولعلَّ أكثر الفترات ازدهارًا لجماعة الويج خلال القرن الثامن عشر الميلادي هي تلك الفترات التي تولى فيها حاكم نيوكاسل رئاسة الوزارة بالائتلاف مع وليم بت الأكبر الذي يُعْتَبَرُ من أذكى رجالِ الدولة، وكان ذلك في المراحل الأخيرة لحرب السنوات السبع (1756-1763م) والتي تعتبر من أنجح فترات الحكم، وقد بدأ بعدها بريق جماعة الويج يخبو تدريجيًا.

تولَّى قيادة جماعة الويج أثناء تزعّمها المعارضة داخل البرلمان تشارلز جيمس فوكس وعُرِفَت الجماعة بدفاعها القويّ عن الصناعيين والمعارضة الدينية وبمساندتها للإصلاح السياسي والاجتماعي. واستعادت هذه الجماعة قوتها في عام 1830م وتَمَكَّنَتْ بعد عاميْن من حَثّ البرلمان على إجازَةِ قانون الإصلاح الشامل بقيادة اللورد جراي.

أعطى هذا الإجراء المزيد من حق التصويت للمواطنين، وأنهى الكثير من تعسّف البرلمان. وفي عام 1833م، نجح الويجيون في إنهاء الرق عبر المستعمرات البريطانية.

لكن القرن التاسع عشر شهد ظهور المجتمع الصناعي القوي الذي لم يتمكن الويجيون من مسايرته بشكل كبير، وحدث الكثير من الفوضى الحزبية. وترأس الوزارة أحد الرؤساء التقليديين المناوئين للإصلاح، وهو السير روبرت بيل وذلك في عام 1841م. وأصبح التوريون (التقليديون) يُعْرَفُون فيما بعد بحزب المحافظين، وذاب الويجيون من جانبهم تدريجيًا في حزب الأحرار الجديد (الليبرالي). وبمرور الوقت، جاء للسلطة رئيس وزراء من حزب الأحرار هو وليم جلادستون في عام 1868م، وتوقف الويجيون عن الاستمرار كحزب سياسي منفصل.

في تاريخ الولايات المتحدة، يعتبرالويجيون هم الجماعة التي أبدت تذمُّرُها من الهيمنة البريطانيّة، ودعَمَت الثورة الأمريكية (1775م-1783م)، وشُكّلَ حِزْبُ الويج الأمريكي في حوالي 1834م لمعَارضة الجاكسونيين الديمقراطيين. وفي عام 1854م ذاب حزب الويج في الحِزْب الجُمْهُوريّ.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية