إمبراطورية فيجاينجار ( Vijayanagar Empire )
معبد فيروباكشا الذي يشرف على هامبي، بفيجاينجار. ويرتفع البرج الذي يقع عند البوابة أكثر من 50 مترًا. |
أسس مملكة فيجاينجار الأخوان هريهارا وبوكّا اللذان كانا، من قبل، موظفين في مملكة كامبيلي التي سقطت في عام 1327م في أيدي سلطان دلهي. وقد أخذ الأخوان إلى دلهي حيث اعتنقا الإسلام ثم أعيدا إلى كامبيلي ليحكماها نيابة عن السلطان. إلا أن الأخوين أعلنا استقلالهما عن دلهي وارتدّا إلى الهندوسية. وفي عام 1336م أسسا عاصمة جديدة هي فيجاينجار (أو مدينة النصر) تحت حكم هريهارا.
تغلّب بوكا في عام 1343م على مملكة هويسالا بلالا المجاورة وضمها إلى فيجاينجار، مما مكنها من السيطرة على شبه الجزيرة من الساحل إلى الساحل. إلا أن السلطنة الباهمانية وطدت وجودها في عام 1347م على حدود هريهارا الشمالية وشكلت تهديداً دائماً له.
خلف بوكا أخاه في عام 1356م باسم بوكا الأول، وحاول أن يواجه التهديد الماثل في السلطنة الباهمانية. إلا أنه، ومن خلال حروب باهظة التكاليف، نجح فقط في تثبيت الحدود بين الدولتين على نهر كريشنا. غير أنه تمكن، في سنة 1370م، من احتواء سلطنة كانت قد أسست حديثا هي سلطنة مابار (مادورا).
حكم هريهارا الثاني من 1377 إلى 1404م وحاول أن يُعزز من سلطته المركزية بالتخلص من أبناء عمومته الذين كانوا حكام ولايات، وأن يستبدلهم بأبنائه. وانتهز هريهارا فرصة اغتيال سلطان بهماني سنة 1378م ليستولي على غُوا وموانئ أخرى على الساحل الغربي. ولكن هجوماً بهمانيا مضادًا في سنتي 1388م و 1389م أدى إلى حصار فيجاينجار وذبح عدد كبير من مواطنيها. ولتجنب مزيد من الضرر، احتاط هريهارا بعقد تحالفات مع سلاطين مالاوا وغوجارات.
إثر وفاة هريهارا الثاني في عام 1404م نشب نزاعٌ على العرش بين أبنائه الثلاثة. وفي عام 1406م تولى ديفارايا الملك، وكان هو الوحيد الذي بقي على قيد الحياة منهم. ودخل ديفارايا أيضا في مواجهاتٍ مع الباهمانيين، مما أدى إلى تعرض العاصمة لحصار آخر وفقدان جزء من مملكة كوندافيدو، المتنازع عليها، سنة 1420م. ونتيجة لتأكد ديفارايا من تفوق جيش منافسيه، قرر أن يدخل إصلاحات على جيشه بتجنيد رماة أتراك وباستيراد خيول جيدة من الشرق الأوسط.
حكم ابنا ديفارايا، رامشاندرا وفيجايا، فترةٍ وجيزة مليئة بالأهوال. فقد خسرا كثيراً من أراضيهما نتيجة الحروب التي خاضاها، واضطرا لدفع تعويضات ضخمة. إلا أن ديفارايا الثاني عوض كثيرا من الخسائر، ورحب بالمسلمين للانضمام إلى جيشه. وقد وسع ديفارايا إقليمه باتجاه الجنوب وجبى الضرائب من سيلان (سريلانكا). غير أن الضعف عاد من جديد تحت حكم ماليكارجونا، الذي حكم من 1446م إلى 1465م، وفيروباكشا الذي اعتلى العرش سنة 1465م ؛ إذ عانت المملكة خلال هذه الفترة من الغارات التي شنها عليها كل من أوريسا والبهمانيين.
وفي عام 1485م قام حاكم ولاية يُدعى ناراسيما بإنشاء مملكة شبه مستقلة خاصة به، وشرع في استعادة ما خسرته فيجاينجار من قبل. فدحر أوريسّا، وعندما قتل فيروباكشا على يدي ابنه، أسس ناراسيما السلالة الحاكمة الثانية في المملكة. وكان ناراسا، كبير وزراء ناراسيما، هو الحاكم الفعلي من سنة 1490م إلى سنة 1503، وتمكن بذلك من استعادة السلطة المركزية. وفي عام 1503م نصّب ابنه فيرا ناراسيما على العرش، مؤسسا بذلك السلالة الحاكمة الثالثة في المملكة.
كان كريشنا ديفارايا، وهو أخو فيرا، أكثر حكام فيجاينجار نجاحاً وقد حكم بين عامي 1509م و1529م. تدخل كريشنا بقوة ونجاح في النزاعات التي نشبت بين جيرانه، وعقد تحالفات بارعة مع البرتغاليين عادت عليه بمنافع عسكرية وتجارية، كما كان راعياً سخيا للعلوم والفنون.
واجه أتشيوتا ديفا رايا، الذي ارتقى العرش سنة 1529م، تهديدات ناشئة من داخل المملكة وخارجها. فخلال حكمه، كان عليه أن يُكافح ليُبقي على تماسك مملكته، كما أجبر على تقاسم السلطة مع راما رايا، كبير وزرائه المتمرد. وفي عام 1542م نصّب راما رايا ابن أخيه ساداسيفا ملكاً رمزياً. وتدخل راما رايا كثيراً في نزاعات الدول المجاورة له، الأمر الذي استتبعه تشكيل تحالف كبير ضده. وقد تمكن هذا التحالف من سحق جيوش فيجاينجار في معركة تاليكوتا سنة 1565م واجتياح العاصمة وقتل راما رايا.
هرب تيرومالا، أخو راما رايا، إلى الجنوب وبرفقته الملك ساداسيفا، وأقام له قاعدة في بينوجوندا. وهناك أعاد بناء جيشه، إلا أنه أجبر على قبول استقلال الولايات الجنوبية. وفي عام 1570م، تجاهل تيرومالا ساداسيفا وتوّج نفسه ملكاً، مؤسسا بذلك السلالة الحاكمة الرابعة والأخيرة في المملكة. وبعد ذلك اعتزل الحكم لمصلحة ابنه سريرانجا الذي حكم في الفترة من 1572م إلى 1585م.
كافح سريرانجا للتغلب على الغارات التي تشن من جولكوندا وللحفاظ على الدولة من أن تزداد انقساماً. وقد نجح أخوه القوي فينكاتا الذي ارتقى العرش في 1585م في وقف التردي ولكنه لم يتمكن من إحراز تقدم يذكر. أما الحاكم التالي، وهو سريرانجا الثاني، فقد قتل بعد فترة حكم استمرت أربعة أشهر فقط. وكانت هذه الحادثة سبباً في إشعال حرب أهلية طويلة. وهكذا عندما اعتلى راما ديفا رايا العرش، فإن سلطاته لم تكن لتزيد إلا قليلاً عن سلطات حكام الولايات التابعين له. وفي عام 1642م قامت حملة قادمة من جولكوندا بطرده من عاصمته فيلور، ليُعلن بعد ذلك ابن أخيه سريرانجا نفسه ملكاً دون أن يتمكن من توطيد سلطاته فينسحب إلى ميسور.
وقد انتهت الأمبراطورية فعلاً في أربعينيات القرن السابع عشر، إلا أن سريرانجا احتفظ لنفسه ببلاط له في المنفى حتي وفاته في عام1672م.
كانت مملكة فيجاينجار قد وفقت في توحيد إقليم متعدد اللغات، وعززت قيام تجارة دولية نشطة، مُستفيدة منها في الوقت نفسه. كذلك قامت برعاية إنجازات رائعة في حقول الآداب والفنون. أما حكامها فكانوا هندوساً، وكانوا بين الفترة والأخرى يؤكدون ادعاءاتهم بأنهم حماة هذا الدين الحازمون. ومع هذا، كانوا على استعداد تام للتحالف مع المسلمين، وكانوا يستعينون بهم كموظفين عند الحاجة. وكان الضعف الشديد والدائم الذي ألمَّ بهذه المملكة ناتجاً عن عجزها عن منع الحكام المحليين من المطالبة بسلطات مُستقلة. وكان هذا يحدث، بشكل خاص، حين كان المطالبون بالعرش يتنازعون فيما بينهم حول من يكون الملك المقبل، وكانوا بذلك يهيئون الفرص للتمرد.
وفيجاينجار أطلال مهجورة الآن، تجذب إليها السياح وعلماء الآثار، بينما كانت عاصمتها في أيامها المجيدة تقوم على مساحة 33كم²، وكانت محاطة بسبعة خطوط دفاعية ذات مركز واحد، ويسكنها مايصل إلى نصف مليون نسمة.
★ تَصَفح أيضاً: الهند، تاريخ.