الرئيسيةبحث

الصمام المفرغ ( Vacuum tube )



الصِمَام المفرَّغ نبيطة تُستخدم في المعدات الإلكترونية مثل أجهزة المذياع والتلفاز والحواسيب. يتحكم الصمام المفرغ في التيارات الكهربائية، أو ما يسمى الإشارات الإلكترونية الضرورية لتشغيل هذه الأجهزة. وتساعد الصمامات في توليد هذه الإشارات وتقويتها وتجميعها أو تفريق بعضها عن بعض.

والجزء الخارجي من الصمام غلاف زجاجي أو فلزي أنبوبي الشكل، توجد بداخله أسلاك وصفائح فلزية صغيرة صممت خصيصا لتقوم بالتحكم في الإشارات الإلكترونية. وقد أعطيت الصمامات المفرغة هذا الاسم، نظرا لأنه لابد من سحب كل الهواء تقريبا من الصمام حتى يتمكن من أداء وظيفته. ويتم تكوين هذا التفريغ الجزئي داخل الصمام بضخ معظم الهواء للخارج.

وكانت الصمامات المفرغة، ضرورية لتطور علوم وتقنية الإلكترونات. فمنذ الثلاثينيات، وحتى الخمسينيات من القرن العشرين الميلادي، استخدمت الأجهزة الإلكترونية صمامات مفرغة سميت باسم الصمامات الإلكترونية. وتم بعد ذلك استبدال الصمامات الإلكترونية في معظم الأجهزة الإلكترونية بنبيطة جديدة سميت الترانزستور. وتؤدي الترانزستورات نفس وظيفة الصمام الإلكتروني، لكنها تتميز بأنها أصغر حجما وأكثر اعتمادية وأقل استهلاكا للقدرة. ★ تَصَفح: الترانزستور. ولا تزال بعض الأجهزة الإلكترونية تستخدم الصمامات المفرغة حتى الآن، فشاشة جهاز التلفاز على سبيل المثال، هي طرف صمام مفرغ كبير يسمى أنبوب أشعة الكاثود. ★ تَصَفح: الإلكترونيات.

كيف يعمل الصمام المفرغ:

الجزء الخارجي لمعظم الصمامات المفرغة الشائعة الاستعمال وعاء زجاجي أو فلزي يسمى البصيلة أو الغلاف. ويتضمن الغلاف قطعتين فلزيتين ـ أو أكثر ـ يطلق عليهما اسم القطبين الكهربائيين. وتقوم الأقطاب الكهربائية بتوليد سريان الإلكترونات، والتحكم فيه خلال الصمام. ويمثل هذا التيار الإشارة الإلكترونية التي يتم التحكم فيها بوساطة الصمام. وتتصل الأقطاب الكهربائية عادة بدوائر كهربائية خارجة عن الصمام بوساطة أسلاك تمر خلال قاعدة الغلاف.

وللصمام المفرغ قطبان رئيسيان هما: الباعث أو الكاثود، والمُجمَّع أو الأنود. ويبث الباعث الإلكترونات التي تسير في اتجاه المجمع الذي يكون مغلفا للباعث في أغلب الصمامات. ويطلى الباعث بطلاء خاص يبعث بالإلكترونات إذا تم تسخينه. ويثبت قرب الباعث، شعيرة (أي سلك رفيع) تشبه تماما، تلك الموجودة داخل المصباح الكهربائي. ويمر تيار كهربائي، من خارج الصمام خلال هذه الشعيرة لتسخينها، حيث يتم بالتالي تسخين الباعث لتجعله يبدأ في بث الإلكترونات.

ويحمل الباعث عادة شحنة كهربائية سالبة، بينما يحمل المجمع شحنة كهربائية موجبة. وتحصل الأقطاب على شحنتيها من بطارية أو أي مصدر آخر للتيار المستمر. وتساعد الشحنة السالبة للباعث في دفع الإلكترونات التي يولدها خارجا. ويحدث ذلك لأن للإلكترونات شحنة سالبة هي الأخرى، والشحنتان السالبتان ـ وأيضا الموجبتان ـ تتنافران بعيدا، بينما تتجاذب الشحنتان إذا كانت إحداهما موجبة والأخرى سالبة. ولذلك فإن المجمع موجب الشحنة، يجذب الإلكترونات سالبة الشحنة. ويمر بهذه الطريقة، تيار من الإلكترونات بين الباعث والمجمع. والقطب الرئيسي الآخر للصمام المفرغ هو الشبكة، وهي عبارة عن شبكة سلكية تتوسط بين الباعث والمجمع. وتتحكم الشبكة في كمية الإلكترونات المارة خلال الصمام. فالشحنة السالبة القوية على الشبكة، تمنع الكثير من الإلكترونات من الوصول إلى المجمع. أما إذا ضعفت الشحنة السالبة على الشبكة، فإن عدداً أكبر من الإلكترونات يستطيع المرور إلى المجمع. وبذلك تتناظر شدة شحنة الشبكة، مع شدة الإشارة الإلكترونية الداخلة إلى الصمام.

وقد يحتوي الصمام المفرغ على العديد من الأجزاء الأخري بين الباعث والمجمع. كذلك قد يحتوي على صفائح فلزية مشحونة، تستطيع أن تسبب انحراف تيار الإلكترونات المتولد داخل الصمام. ويستطيع كذلك أي مغنطيس خارجي أن يسبب انحراف تيار الإلكترونات.

صمام مفرَّغ ثلاثي يقوم باستحداث تدفق الإلكترونات في الفراغ والتحكم فيه. وتغادر الإلكترونات الكاثود عند وصل التيار بالأنبوب. تتدفق الإلكترونات عبر الشبكة إلى الأنود. وتتحكم الفولطية المستخدمة للشبكة في عدد الإلكترونات التي تصل إلى الأنود.

أنواع الصمامات المفرغة:

هناك العديد من الصمامات المفرغة المختلفة الأحجام والوظائف. لكن المهندسين الكهربائيين يصنفون جميع هذه الصمامات إلى عدد قليل من الأنواع الرئيسية. وتصنف الصمامات، وهي النوع الذي استخدم بكثرة في أجهزة الاستقبال من مذياع وتلفاز، طبقا لعدد الأقطاب بكل منها كما يلي: 1- الصمام الثنائي (وله قطبان فقط). 2- الصمام الثلاثي (وله ثلاثة أقطاب). 3-الصمام متعدد الأقطاب.

وهناك أنواع أخرى للصمامات منها: 1- صمام أشعة الكاثود. 2- صمام الموجة الدقيقة. 3- الصمام الغازي.

الصمام الثنائي. ليس له إلا باعث ومجمع، ويستخدم أساسا كمقومات للتيار، أي لتحويل التيار الكهربائي المتناوب إلى تيار مستمر. والتيار المتناوب هو التيار الذي يعكس اتجاه سريانه باستمرار. ويغذي القطب المتصل بالتيار الكهربائي المتناوب بشحنة تتغير بانتظام، من موجبة إلى سالبة والعكس. فإذا غُذِّي الصمام الثنائي بتيار متناوب، فلن يمرر إلا التيار ذا الشحنة السالبة فقط، لذلك فإن التيار الخارج من الصمام الثنائي يصبح تيارا مستمرا.

وقد استخدمت الصمامات الثنائية في أجهزة الاستقبال مقوّمات للتيار ومكشافات. ويقوم المكشاف بتحويل التيار المتناوب الضعيف لأجهزة المذياع، إلى تيار مستمر. ويحول جهاز الاستقبال هذا التيار المستمر إلى صوت أو صورة. ★ تَصَفح: الإلكترونيات.

الصمام الثلاثي مزود بشبكة بالإضافة إلى الباعث والمجمع. ويقوي الصمام الثلاثي الإشارات الضعيفة. فالإشارة الكهربائية الضعيفة عند توصيلها بالشبكة، تتحكم في تيار أكبر يمر بين الباعث والمجمع. وبذلك فإن التيار الأكبر يصبح نسخة مكبرة من الإشارة الكهربائية المتصلة بالشبكة. ويولِّد الصمام الثلاثي أيضا تيارا متناوبا دون الحاجة إلى إشارة خارجية، إذا ما تم توصيل بعض التيار الأكبر الخارج مرة أخرى إلى الشبكة. وعندما يعمل الصمام الثلاثي بهذا الشكل يطلق عليه اسم المذبذب.

الأوديون أو الصمام الترميوني كان أول صمام يمكنه تقوية الإشارة الإلكترونية، وأدى أكتشافه إلى تطوير الهندسة الإلكترونية.
الصمام متعدد الأقطاب له أكثر من شبكة تقع كلها بين الباعث والمجمع. ومن أهم الصمامات متعددة الأقطاب: الصمامان الرباعي والخماسي. فالصمام الرباعي يحتوي على شبكتين ؛ الشبكة الرئيسية، وأخرى تسمى الحجاب. ويمنع الحجاب الصمام من توليد ذبذبات غير مرغوبة. أما الصمام الخماسي فيحتوي على شبكة ثالثة تسمى شبكة الكبت. وتحسِّن شبكة الكبت من قدرة الصمام على التكبير. وتحتوي الصمامات متعددة الأقطاب الأخرى على عدد أكبر من الشبكات، لكن استخداماتها محدودة.

صمام أشعة الكاثود يستخدم في الأجهزة الإلكترونية، لعرض الصور والمعلومات الأخرى. فشاشة جهاز التلفاز، عبارة عن صمام أشعة كاثود. وفي جهاز الرادار، تظهر على شاشة صمام أشعة الكاثود بقع ضوئية صغيرة تحدد مواقع السفن والطائرات. ويُستخدم أنبوب أشعة الكاثود كذلك في جهاز يسمى مرسمة الذبذبات الذي يُظهِر صوراً لخطوط متموجة تبُيِّن الإشارات الإلكترونية.

تعمل صمامات أشعة الكاثود كلها بنفس الطريقة. فللصمام شاشة دائرية أو مستطيلة في أحد طرفيه. ويضيق الأنبوب تدريجيا من الشاشة حتى العنق الضيق في الطرف الآخر. ويتم ترتيب وضع الباعث والأقطاب الأخرى في العنق الضيق لتكوين مايُسمى مدفعة الإلكترونات. وتقذف مدفعة الإلكترونات بحزمة من الإلكترونات تجاه الشاشة. وفي مواقع اصطدام الحزمة بالشاشة يبرق طلاؤها المعد خصيصا لذلك. وتقوم الصفائح الفلزية المشحونة كهربائيًا والموجودة داخل الصمام، أو المغنطيسات الكهربائية الموجودة خارجه، بإحداث انحراف للحزمة عبر الشاشة. وبهذه البقع الضوئية ترسم الحزمة صورة على الشاشة. ★ تَصَفح: التلفاز.

صمام الموجة الدقيقة يولد أو يتحكم في موجات الراديو عالية التردد. وتستخدم أجهزة الرادار وأجهزة الهاتف بعيدة المدى، وأجهزة التلفاز، وأفران الموجة الدقيقة، مثل هذه الموجات. وهناك ثلاثة أنواع من صمامات الموجة الدقيقة هي الكليسترون والمغنيطرون وصمام الموجة الرحالة.

الصمام الغازي يُملأ هذا الصمام بكمية صغيرة من غازات مثل غاز الأرجون وبخار الزئبق وغاز النيون. تزيد هذه الغازات كمية التيار الكهربائي المار خلال الصمام. فذرات هذه الغازات تتأين، بعد فقدها لبعض الإلكترونات لتصبح موجبة الشحنة. وتستطيع الذرات المتأينة حمل تيار كهربائي أكبر بكثير مما يمر بالصمام بدونها، ويعتبر الثيراترون الصمام النموذجي من بين الصمامات الغازية.

تطوير الصمام المفرغ:

بدأ مجربو الدوائر الكهربائية العمل في تطوير الأجهزة التي تستخدم الصمام المفرغ في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي. وكانت هذه الصمامات مصنوعة من أنابيب زجاجية مفرغة جزئيا من الهواء. ولاحظ هؤلاء المجربون توهجا حول الصمام، بالإضافة إلى تأثيرات غير معتادة عند مرور التيار الكهربائي ★ تَصَفح: الإلكترونيات.

اكتشف المبتكر الأمريكي توماس أدِيسون، أول صمام إلكتروني مفرغ، لكنه لم يقدِّر أهمية اكتشافه. ففي بداية الثمانينيات من القرن التاسع عشر الميلادي، أضاف أديسون قطباً إضافياً للضوء الكهربائي. وعند توصيل الضوء لاحظ أديسون مرور التيار الكهربائي بين الشعيرة والقطب الإضافي إذا كان موجب الشحنة. وأصبحت هذه الظاهرة معروفة باسم، تأثير أديسون. ولم يتمكن أديسون من الاستفادة من اختراعه، الذي كان في الواقع هو الصمام الثنائي المفرغ.

وبدأ العالم البريطاني، جون أمبروز فليمنج، في إجراء التجارب على تأثير أديسون. وقادته تجاربه إلى تطوير الصمام الثنائي عام 1904م ليستخدمه في التقاط إشارات الراديو اللاسلكية. وكان صمام فليمنج، أول صمام راديو عملي يستخدم في جهاز المذياع.

وفي عام 1906م، سجّل المخترع الأمريكي، لي دي فورست، براءة اختراع صمام ثنائي القطب يشبه كثيرا صمام فليمنج. وأطلق دى فورست على صمامه اسم أوديون (أو الصمام الترميوني). وفي عام 1907م سجل دي فورست صمامًا ترميونيًا آخر ذا سلك متعرج يصل بين القطبين الآخرين. وكان هذ الصمام أول صمام ثلاثي.

وبدأ الفيزيائي الأمريكي، هارولد أرنولد، عام 1912م في إجراء تجاربه على الصمام الترميوني، فغير في تصميمه الداخلي، وقام بتفريغه من الهواء لإحداث فراغ جزئي داخل الصمام. وفي عام 1914م استخدم فورست الصمام الترميوني مكبِّرا ضمن خط هاتفي بعيد المدى.

ومنذ عام 1912 م شارك العديد من المبتكرين في تطوير الصمام الترميوني ليُستخدم مذبذبا. وكان بين هؤلاء، كل من فورست، ورائد الراديو الأمريكي إدوين أرمسترونج. وخلال الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918م) ابتكر والترشوتكي ـ وهو فيزيائي ألماني ـ صماما تجريبيا ذا أربعة عناصر. واستخدم ألبرت و. هل المهندس الأمريكي، هذا الابتكار في تطوير صمام رباعي عملي عام 1924 م. وفي عام 1926 م ابتكر المهندس الهولندي بنجامين هـ. تليجين الصمام الخماسي.

أدى جهد اثنين من المبتكرين، خلال فترة العقد الثالث من القرن العشرين، إلى تطوير جهاز التلفاز الإلكتروني. فقد قام العالم الأمريكي ـ الروسي المولد ـ فلاديمير زوريكين باختراع آلة تصوير تلفازية أطلق عليها اسم إيقونوسكوب، وهي عبارة عن صمام إلكتروني يحول الأشعة الضوئية إلى إشارات كهربائية. كذلك طور المبتكر الأمريكي فيلو تايلور فارنزورت آلة تصوير تلفازية سميت مشرح الصورة.

انصرف الاهتمام عن الصمامات بعد اختراع الترانزستور في الخمسينيات من القرن العشرين، والدوائر المتكاملة في الستينيات. وحلت هذه المكونات الصلبة ـ التي تمر فيها الإشارات الإلكترونية خلال مواد صلبة بدلا من مرورها خلال الفراغ ـ محل الصمامات بصورة كبيرة.

★ تَصَفح أيضًا: الإلكترونيات.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية