الطوربيد ( Torpedo )
الطوربيد الحديث |
تختلف الطوربيدات حجما ووزنًا، ومن حيث التصميم الميكانيكي، وحسب الغاية التي صُمِّمت من أجلها. وبعضها مصمم لمهاجمة مجموعة من سفن الشحن تحرسها السفن الحربية. وبعضها يُستخدم لاقتناص الغواصات في أعماق المياه أو حاملات الطائرات، أو في المواقف الحربية الدقيقة.
كيفية عمل الطوربيد:
يتألف الطوربيد التقليدي عادة من أربعة أجزاء: القسم الأمامي ويحتوي على مستشعرات صوتية (مسماعات مائية) وأجهزة إلكترونية، تمكِّن الطوربيد من اصطياد سفن العدو واقتفاء أثرها، والرأس الحربي ويحتوي على المتفجرات والجهاز الذي يفجرها، وقسم الطاقة ويحوى البطارية والمحرك الكهربائي أو المحرك الاعتيادي، والمؤخرة وتحوي دفة السيطرة ووحدات الدفع.تُطلق بعض الطوربيدات من قاذف أنبوبي، أو من فوق مزلاج أو حامل يوجهه نحو الهدف أو منطقة الهدف. وحال مغادرة الطوربيد مقر القاذف تنفلت عتلة ليبدأ قسم الطاقة في العمل. وفي الوقت نفسه، يعمل تيار الكهرباء على دوران مراوح الدفع فيندفع الطوربيد سريعا إلى الأمام وتحافظ وحدة التحكم على توازن الطوربيد. وعند ازدياد سرعته، تتحرر آلية تفجير الرأس الحربي، وتصبح المتفجرات جاهزة للانفجار فور ارتطام الطوربيد بالهدف. تبحث مستشعرات الصوت عن مصادر الصوت الناتجة عن حركة مراوح دفع السفينة البعيدة. وتلتقط المستشعرات صوت السفينة عندما تصبح السفينة ضمن مدى الاستشعار، فيغير الطوربيد مساره ويتجه نحو هدفه مباشرة. وينفجر الطوربيد مغنطيسيًّا عندما يقترب من جسم السفينة أو عند ارتطامه بها.
ويمكن تصنيع طوربيد يحوي معظم هذه المزايا ليوجَّه نحو هدفه سلكيّا، بأن يحمل لفة أسلاك تنفتح أثناء سير الطوربيد إلى هدفه، ويبقى السلك متصلاً بالسفينة التي أطلقته لكي ترسل من خلاله إشارات توجهه نحو هدفه من مدى قصير.
وهناك نوع من الطوربيدات الخاصة، يُسمَّى الصاروخ المضاد للغواصات أو آرسوك. ويكتشف هذا النظام الغواصة من مدى بعيد، فيحسب اتجاهها وسرعتها على الفور، ويطلق صاروخًا في الجو وهو يحمل على جسمه طوربيدًا أوحشوة أعماق. وعندما يقترب من منطقة الهدف ينفصل الصاروخ متطايرًا في الهواء. ويغوص الطوربيد أو حشوة الأعماق في الماء، فيبدأ جهاز التوجيه الصوتي باكتشاف الغواصة، ثم يوجه الطوربيد نحوها لينفجر عند ارتطامه بها، بينما تنفجر حشوة الأعماق على عمق محدد سلفا. وهناك نظام سلاح آخر مماثل يدعى صاروخ الغواصات سوبروك، وتطلقه غواصة ضد أخرى.
تتشابه الطوربيدات الحديثة والقديمة في الشكل الخارجي لكنها تختلف تماما عن بعضها من الداخل. فالحرب الحديثة تتطلب أسلحة تعمل في مدى واسع وتتمتع بدرجة عالية من الدقة. وكانت طوربيدات الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945م)، بسيطة التصميم من الناحية الميكانيكية والكهربائية. فقد كانت توجه نحو السفن العائمة على سطح الماء ؛ ويتحرك الصاروخ في خط مستقيم فقط، وكانت تترك خلفها خطا واضحا من الفقاعات الهوائية وتصدر صوتا مسموعا، فيسهل تحاشيها بمناورة من السفينة الهدف. أما الطوربيدات الحالية فلا تترك أثرا خلفها، وتستطيع اقتفاء أثر السفن التي تحاول المناورة للإفلات منها.
نبذة تاريخية:
حتى مطلع القرن العشرين الميلادي، كانت كلمة طوربيد، تُطلق على أي لغم أو أي وسيلة تفجير ضد السفن. ولم تكن لها أجهزة دفع، بل تحملها السفن والغواصات وتدك بها جسم سفينة العدو، أو تُلصق في بطنها سرًا. فقد حاول الأميركي ديفيد بوشنل أن يدمر سفينة حربية بريطانية بالطوربيدات عام 1776م، ولكن الحظ لم يحالفه. وفي مطلع القرن التاسع عشر الميلادي، نجح المخترع الأميركي روبرت فولتن في صنع الطوربيد، ودمر عدة سفن، لكنه لم يلق سوى اهتمام محدود. وخلال الحرب الأهلية الأمريكية، تم إغراق سفينتين كبيرتين بوساطة طوربيد السارية، حيث ثُبتت المتفجرات في نهاية العمود الخشبي المثبَّت أفقيا في مقدمة السفينة، لينفجر عند ارتطامه بسفينة أخرى.وفي عام 1864م قام القبطان لوبيس، وهو من البحرية النمساوية، بتسليم مخططات طوربيد إلى مهندس اسكتلندي يدعى روبرت وايت هيد الذي طور عام 1868م أول طوربيد حقيقي مزود بقوة دفع من الهواء المضغوط، فكان هذا أول طوربيد ذاتي الدفع.
لقد أُدخل في تصميم الطوربيدات الحالية شتى مجالات العلوم، وهي معقدة إلى درجة لا يمكن معها أن ينسب الطوربيد لشخص واحد.
أنظر أيضًا: القذيفة الموجهة ؛ الغواصة.