السلفا ( Sulphonamide )
السلفا مجموعة من المركبات المرتبطة كيميائيًا والمضادة للبكتيريا. وهي من أوائل الأدوية التي أثبتت فاعليتها، وأمانها ضد كثير من العدوى البكتيرية الشائعة، وأدت دورًا رئيسيًا في العلاج ضد البكتيريا في الفترة بين الثلاثينيات ومنتصف الأربعينيات من القرن العشرين، إلى أن أصبح البنسلين متوافرًا على نطاق واسع.
أدى تطور مشتقات السلفا إلى انخفاض حاد في عدد الوفيات الناتجة عن كثير من الأمراض المعدية، وساعدت على إنقاذ أرواح كثيرة خلال الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945م). ويصف الأطباء السلفا اليوم لعلاج أخماج المسالك البولية بصورةٍ أساسية.
كيف تعمل مركبات السلفا:
تعمل مُشتقات السلفا بصورةٍ طبيعية، إذ لا تقتل مشتقات السلفا البكتيريا بالفعل ولكن بدلاً من ذلك، فإنها تَمْنع تكاثرها، فيكون من السهل على آليات الدفاع الطبيعي للجسم (المناعة) قتل تلك البكتيريا.وتحتاج البكتيريا التي لديها حساسية لمشتقات السلفا إلى مادة كيميائية تُسمى بارا ـ أمينو حمض البنزويك لكي تنمو وتتكاثر. ومشتقات السلفا لها تركيبة كيميائية مشابهة لهذه المادة يمكن أن تمتص البكتيريا بسهولة. وعندما تمتص البكتيريا تلك التركيبة الكيميائية فإنها توقف التفاعلات الكيميائية التي يدخل فيها مركّب بارا ـ أمينو حمض البنزويك، وبالتلي فإن البكتيريا لا تستطيع النمو أو التكاثر.
استخدامات السلفا في علاج الأمراض:
لا تكون مشتقات السلفا فعالة ضد كل أنواع البكتيريا، وبالتالي يحتاج الأطباء إلى التعرف أولاً على نوع البكتيريا المسببة للعدوى قبل أن يقرروا ما إذا كانوا سيستخدمون مشتقات السلفا أو لا.وفي الماضي كانت مشتقات السلفا تستخدم في علاج أمراض، مثل التهاب الرئة والزحار (الدوسنتاريا) والإسهال وتسمم الدم والتهاب الهلل والطاعون الدبلي والتهاب الملتحمة، إلا أن استخدامها قد تضاءل بسبب تطوير الأدوية الأكثر قوة ـ مثل البنسلين، والمضادات الحيوية الأخرى ـ لتعالج كثيرًا من الأمراض البكتيرية. وكذلك اكتسب كثير من أنواع البكتيريا مناعة ومقاومة ضد مشتقات السلفا.
وفى أواخر الستينيات من القرن العشرين طور الباحثون توليفة دوائية مكونة من السلفا ميثوكسازول، وهو من مركبات السلفا، ومركب مضاد للبكتيريا يسمى ترايميثوبرزم وأطلقوا على هذا الدواء اسم كورترايموكسازول، وقد أثبت فاعليته في علاج أنواع معينة من العدوى البكتيرية غير الحساسة لمشتقات السلفا وحدها.
تطور مركبات السلفا:
لقد اكتشف الصيدلي الألماني بول جلمو ـ الذي كان يبحث عن أصباغ أفضل للأقمشة الصوفية ـ بعض المواد الكيمائية التي أدت بدورها إلى التوصل إلى مشتقات السلفا، ولكن لم تستخدم مشتقات السلفا في الأدوية إلا في أوائل ثلاثينيات القرن العشرين الميلادي.وفي عام 1935م اكتشف باحث ألماني في علم الأمراض، جيرهارد دوماك، أن صبغة البرونتوسل تقتل البكتيريا العقدية في الفئران، وكشفت المزيد من الأبحاث أن البرونتوسل يتحلل إلى مشتق للسلفا في الجسم. وتوصل العلماء إلى أن السلفا هي المادة الكيميائية المسؤولة عن منع تكاثر ونمو البكتيريا. واخْتَبر الباحثون الآلاف من المواد الكيميائية المرتبطة بالسلفا قبل أن يتوصلوا من بينها إلى العدد القليل الأكثر فاعلية.
والمشكلة الرئيسية المرتبطة بالسلفا وغيرها من مركبات السلفا الأولى، هي أنها قد تتبلور أَحيانا في بول المريض مسببة تلف الكُلية، ولكن العلماء تمكنوا فيما بعد من حل هذه المشكلة، فطوروا مشتقات السلفا وجعلوها ذات قابلية أكثر للذوبان في الماء وبالتالي أصبح من الطبيعي أن يقل احتمال وجود التبلور في البول.