سوكارنو ( Sukarno )
☰ جدول المحتويات
سوكارنو |
وُلد سوكارنو في مدينة بليتر شرقي جاوه، وكان والده يعمل مدرساً بإحدى المدارس بجاوه، أمّا والدته فقد نشأت في مدينة بالينز، وغرس فيه والده مُنذ الصغر نمط التعليم الغربي. تزوج عام 1922م بأرملة غنية من جاوه تُسَمى إنجيت جرنشيه، وكانت تكبره سنًا، وتزوج من بعدها بعدة نساء أخريات.
تخرج سوكارنو من المعهد الفني في باندونج غربي جزيرة جاوه، وحصل على درجة في الهندسة المدنية عام 1926م، ولكنه بعد عمله لفترة قصيرة مهندسًا معماريًا تخلى عن مهنته وتحول إلى الأنشطة القومية، وأشعل سوكارنو بخطبه الحماسية الحركة القومية، وسرعان ما جذب الأنظار إليه على نطاق واسع. وفي عام 1929م قامت الحكومة الهولندية باعتقاله وسجنه لمدة عامين، والتحق بعد إطلاق سراحه عام 1931م بالحزب الإندونيسي الذي يعرف باسم بارتندو، ثم أصبح رئيسًا له، وقد استمر في العمل جاهدًا نحو استقلال إندونيسيا إلى أن تم القبض عليه مرة أخرى عام 1933م، وأُرْسِل إلى المنفى في فلورز وهي إحدى جزر سوندا الصغرى شرقي إندونيسيا. وخلال الحرب العالمية الثانية قام اليابانيون عام 1942م بغزو جزر الهند الهولندية، وأطلقوا سراح سوكارنو الذي قام خلال فترة الاحتلال الياباني من 1942م إلى 1945م مع المجاهدين الإندونيسيين بالتعاون مع اليابانيين. وأدخل سوكارنو في خطبته التي ألقاها في أول يناير عام 1945م مفهوم المبادئ الخمسة (البانتشاسيلا) الذي أصبح فيما بعد فلسفة للدولة في الحصول على الاستقلال.
في 14 أغسطس عام 1945م استسلم اليابانيون في الحرب، وفي 17 أغسطس 1945م قرأ سوكارنو مع رفيق نضاله محمد حتا الإعلان التاريخي لاستقلال إندونيسيا، وأصبح سوكارنو رئيساً لجمهورية إندونيسيا الجديدة وظل يشْغَلُ هذا المنصب لمدة تزيد على عشرين عامًا.
وقضى سوكارنو السنوات الأربع الأولى من حكمه في الصراع مع الهولنديين الذين كانوا يريدون استعادة سيطرتهم على مستعمراتهم السابقة، ولذلك ألقوا القبض عليه مع بعض زملائه الوطنيين ونفوهم إلى جزيرة بنكا إحدى الجزر النائية عن سومطرة، وأخيرًا وافق الهولنديون عام 1949م على استقلال إندونيسيا، وعاد سوكارنو إلى جاكرتا لاستئناف مهام منصبه رئيسًا لإندونيسيا.
الاستقلال:
ظل سوكارنو الزعيم الأوحد لإندونيسيا حتى عام 1965م، وخلال تلك الفترة واجه تحديين هائلين: الأول حل مشكلة الفقر والفوضى الإدارية التي عمت البلاد بسبب الحرب، والثاني أن يوحد، ويقود بلادًا موزعة على عدة آلاف من الجزر، يسكنها نحو 250 جماعة منفصلة، ولكل جماعة لغتها، وثقافتها، وعاداتها، وتقاليدها المختلفة، وقد حقق نجاحًا نسبيًا في مواجهة تلك التحديات.حاول سوكارنو خلال فترة حكمه تطبيق نظامٍ ديمقراطي في إندونيسيا، ولكنه لم ينجح، وأنشأ خلال الفترة من عام 1956م إلى عام 1959م ما أطلق عليه اسم الديمقراطية الموجهة وبمقتضى هذه الديمقراطية تناقش الجماعات المختلفة بإندونيسيا القضايا المطروحة حتى تجد حلاً يمكن أن تقبله كل الجماعات الأخرى.
كان أهم إنجاز سياسي لسوكارنو المحافظة على التوازن بين الجماعات القوية المختلفة، وبصفة خاصة بين القوات المسلحة، والشيوعيين، والمسلمين. فلم تستطع أي جماعة منهم السيطرة على أمور البلاد، ولكن خلال الستينيات من القرن العشرين الميلادي أدت سياسات سوكارنو إلى عزل إندونيسيا عن البلاد المجاورة لها، مما أدى إلى ظهور العداوات وبصفة خاصة مع ماليزيا.
قامت مجموعة من ضباط الجيش الشيوعيين وضباط القوات الجوية في ليلة الثلاثين من سبتمبر 1965م باغتيال ستة من كبار جنرالات الجيش والاستيلاء على السلطة، وتمكنت قوات الجيش في جاكرتا بقيادة اللواء سوهارتو من قمع هذا التمرد واضطر سوكارنو في مارس عام 1966م إلى التنازل عن بعض سلطاته إلى سوهارتو الذي قام بحظر نشاط الحزب الشيوعي، واحتفظ سوكارنو بمنصبي رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، ولكن سوهارتو سيطر على الحكومة في إندونيسيا بصورة متزايدة، وفي مارس عام 1967م اضطر سوكارنو أخيرًا إلى التنازل عن الرئاسة إلى الجنرال سوهارتو.
حاول سوكارنو أن يعيش في بوجور، ولم يستطع فانتقل فيما بعد إلى جاكرتا حيث أقام هناك حتى وافته المنية، وبقي الشعب متعاطفاً معه فاحتشدت الجماهير الغفيرة في جنازته لتشييع جثمانه.
وعلى الرغم من أن اسم سوكارنو توارى بعد عدة سنوات من إقصائه عن السلطة، وكانت الجهات الرسمية تتحاشى ذكر اسمه إلا أنه قد استعاد بعد وفاته سمعته الطيبة بوصفه بطلاً قوميًّا، ففي عام 1978م أمرت الحكومة ببناء مقبرة فخمة لسوكارنو.