الرئيسيةبحث

حروب خلافة العرش ( Succession wars )



حروب خلافة العرش حروب دارت في أوروبا نتيجة النزاع حول من يرث العرش، ويطلق عليها اسم حروب الوراثة. ولقد عرفت أربع حروب أوروبية بهذا الاسم هي: حرب الخلافة الأسبانية، وحرب الخلافة البولندية، وحرب الخلافة النمساوية، وحرب الخلافة البافارية.

حرب الخلافة الأسبانية:

بدأت عام 1701م واستمرت حتى 1714م.

لم يرزق ملك أسبانيا تشارلز الثاني أطفالاً مما شغل أوروبا بأكملها حول الشخص الذي سيكون خليفة لعرشه، ونشأ عن ذلك جدلٌ كبير حول القوانين التي تحكم خلافة العرش. ولقد كانت حقوق مختلف الورثة متضاربة في المطالبة بالعرش، لدرجة كان من المستحيل معها تقريبًا تحديد من هو الوريث الشرعي الذي سيلبس التاج الأسباني.

ترك الملك الأسباني تشارلز الثاني عند وفاته في 1 نوفمبر عام 1700م وصية يعطي فيها العرش للأمير الفرنسي فيليب أمير مملكة أنجو. وأعلن ملك فرنسا لويس الرابع عشر ـ الذي كان جد الأمير فيليب ـ الأمير فيليب ملكًا لأسبانيا. وصرح السفير الأسباني بأن جبال البرانس لم تَعد تفصل بعد الآن بين مملكة فرنسا ومملكة أسبانيا. ولأن قوة فرنسا كانت قوة رهيبة لا يستهان بها في أوروبا، فلقد تنبهت الدول الأوروبية إلى احتمال ضم فرنسا للإمبراطورية الأسبانية وهذا دفعها خلال عام 1701م إلى تكوين التحالف الكبير من إنجلترا وهولندا وبروسيا والنمسا ومعظم دول الإمبراطورية الرومانية، وذلك بهدف الحيلولة دون جلوس الأمير فيليب أمير أنجو على عرش أسبانيا، وتنصيب الأمير تشارلز أرشيدوق النمسا بدلاً منه.

بدأ القتال عام 1701م، ولكن التحالف الكبير لم يعلن رسميًا الحرب على فرنسا وأسبانيا إلا في عام 1702م ولقد لاقى الفرنسيون هزيمتهم النهائية في معارك بلنهايم وراميلز وترين وأودنارد، وقاد الجنرال الإنجليزي مارلبورو، والجنرال الملكي الأمير يوجين أمير مقاطعة سافوي قوات التحالف الكبير.

وعلى الرغم من انتصارات قوات الحلفاء، إلا أن إنجلترا أُنْهكَت نتيجة للحرب خاصةً بعد معركة مالبلاكوت الدموية عام 1709م، ولذلك فقد بدأت عام 1710م محادثاتها السرية مع فرنسا، ومات حاكم النمسا، والإمبراطور الروماني جوزيف الأول عام 1711م، وخلفه على العرش أخوه تشارلز أرشيدوق، مرشح الحلفاء لتولي عرش أسبانيا، ومن ثم خاف حلفاء النمسا من إمكانية تولي الأرشيدوق تشارلز عرش كل من النمسا وأسبانيا وقد دفعهم هذا إلى الموافقة على التفاوض مع فرنسا حول السلام.

وافقت معظم القوات الأوروبية على المشاركة في التحالف الكبير على معاهدة أوترخت عام 1713م، والتي بمقتضاها حصل ملك فرنسا لويس الرابع عشر على شروط جيدة للسلام، حيث اعترف بحفيده فيليب ملكًا على أسبانيا بشرط ألا تتحد فرنسا، وأسبانيا أبدًا في المستقبل. وفي البداية، رفض الأمير تشارلز التوقيع على هذه المعاهدة ولكنه اضطر في مارس 1714م إلى التوقيع على معاهدة مماثلة لها هي معاهدة راستت، ولقد خَتمت مُعاهدة بادن التي وقعت بعد ستة أشهر التسوية السلمية النهائية بين فرنسا ودول الإمبراطورية الرومانية.

حرب الخلافة البولندية :

(1733-1738م). اندلعت هذه الحرب عندما انتخب النبلاء البولنديون ستنيسلاس لسشزنسكي والد زوجة الملك الفرنسي لويس الخامس عشر ملكًا لبولندا، ولكن روسيا والنمسا أجبرتا البولنديين على الموافقة على أوغسطس إلكتور أمير مقاطعة ساكسونيا ملكًا عليهم، وعلى إِثر ذلك، اندلعت الحرب بين فرنسا وأسبانيا وسردينيا وبين النمسا وروسيا، وعدة ولايات ألمانية، ولقد انتصرت فرنسا في معظم المعارك ولكن المعاهدات التي تم توقيعها في فيينا والنمسا عامي 1735 و1738م قد سمحت لأوغسطس أمير ساكسونيا بأن يظل ملكًا لبولندا. غير أن فرنسا وحلفاءها خرجوا من هذه الحرب بمكاسب كبيرة، حيث حصلوا على أراضٍ واسعة في النمسا وألمانيا وإيطاليا.

حرب الخلافة النمساوية:

(1740 ـ 1748م). اندلعت هذه الحرب بعد موت تشارلز السادس حاكم النمسا والإمبراطور الروماني الذي لم ينُجب أبناءً ذكورًا تاركًا مملكته الواسعة لابنته ماريا تيريزا، ولقد اعترفت القوى الأوروبية الكبرى بحقها في خلافة والدها بمقتضى الأمر العالي. ولكن بعد موت والدها تشارلز نقضت عدة قوى أوروبية اعترافها وحاولت انتزاع الأراضي منها بالقوة.

كان ملك بروسيا فريدريك الكبير أول من بادر بالهجوم، حيث فتح المقاطعة النمساوية سيلسيا في بداية حرب الخلافة النمساوية ثم حذت كل من فرنسا وأسبانيا وبافاريا وساكسونيا وسردينيا حذو بروسيا فهددت ماريا تيريزا بسلبها مزيدًا من الأراضي الأخرى، ولكن ماريا استطاعت بشجاعتها وقيادتها الفذة إنقاذ عرشها ومعظم أراضي بروسيا، وقد أصبحت بريطانيا وهولندا حليفتين لها، حيث أعطتها بريطانيا الأموال اللازمة لبناء جيش قوي، واستطاعت ماريا تيريزا فصل الملك فريدريك الكبير عن حلفائه بإعطائه معظم سيلسيا، وأنهت معاهدة إكس لاشابيل التي أبرمت عام 1748م حرب الخلافة النمساوية، وسمحت لماريا تيريزا بالاحتفاظ بالنمسا وبوهيميا والمجر.

حرب الخلافة البافارية:

(1778 ـ 1779م).كانت نزاعًا قصيرًا بين بروسيا والنمسا حول خلافة عرش بافاريا، والمطالبة بحقوق الأراضي الإقليمية البافارية. وفي عام 1777م، مات جوزف ماكسيمليان الأمير المنتخب لبافاريا دون أن يترك ورثة مباشرين لخلافته، ولقد أغرت النمسا الأمير المنتخب الجديد بإعطائه جزءًا كبيرًا من بافاريا ؛ حيث أثارت تلك المحاولة غيرة ملك بروسيا فريدريك الكبير، وقامت القوات النمساوية باحتلال بافاريا وبدت الحرب قائمة لا مفر منها، ولكن لم تكن النمسا أو بروسيا متلهفتين على دخول الحرب ولم تخوضا أي معركة بعضهما ضد بعض، وغالبًا ما يطلق على هذه الحرب حرب البطاطس، ذلك لأن الجنود المجريين لم يحاربوا بل قضوا وقتهم يبحثون عن طعامٍ لهم في الحقول. وقد توسطت ملكة روسيا كاثرين الثانية بين الجانبين، وتم التوقيع على معاهدة تشن عام 1779م ولقد حصلت النمسا بمقتضاها على مكاسب إقليمية طفيفة.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية