الرئيسيةبحث

مخطط جبال سنووي ( Snowy Mountains Scheme )



مخطط جبال سنووي في أحراش أستراليا يتضمن بناء سدود وأنفاق ومد خطوط أنابيب، ومحطات توليد قوى كهربائية من مصادر مائية.
مخطط جبال سنووي مشروع ضخم للري وتوليد الكهرباء من مصادر مائية، تمّ إنشاؤه في الجنوب الشرقي من القارة الأسترالية. ويبلغ هذا المشروع الهندسي من الضخامة درجةً جعلت الجمعية الأمريكية للمهندسين المدنيين تصفه بأنه أحد سبعة أعمال هندسية تعد من عجائب الدنيا.

وقد قام المهندسون بتصميم هذا المخطط، بهدف تزويد ضواحي منطقة العاصمة الأسترالية، ونيوساوث ويلز، وكذلك مدينة فكتوريا بمصدر إضافي للطاقة. يهدف المخطط كذلك إلى تخزين المياه لاستخدامها في ري الوديان المحيطة بنهري موراي ومرمبيجي. و في عام 1949م بدأ العمل في تنفيذ المخطط ـ الذي يغطي مساحة قدرها 5,200 كم². وخلال الستة والعشرين عامًا التالية لهذا التاريخ ـ ومن أجل إتمام المخطط ـ تم توظيف أكثر من 7,300 عامل ينتمون إلى32 دولة، ويعملون في نوبات يومية متواصلة، كل منها تستغرق ثماني ساعات، مع استمرار العمل ستة أيام، وأحيانـًا سبعة أيام في الأسبوع. وأتم العمال بناء ستة عشر سدًا عملاقًا، وحفر نحو 137كم من الأنفاق، وإنشاء سبع محطات قوى ضخمة.

ويشمل المشروع، أيضًا، إنشاء محطتي ضخ، ومد نحو 800كم من الترع الصناعية، بالإضافة إلى مئات الكيلو مترات من الخطوط الكهربائية المعلقة. وتقوم هذه الخطوط بتوصيل الكهرباء إلى مراكز توزيع، تتولى بدورها عملية نقلها إلى شبكة القوى المحلية للولايات المتصلة بها. وقد قام السير بول هاسلوك، الحاكم العام لأستراليا بافتتاح المشروع رسميًا يوم 21 أكتوبر 1972م. ولم تكن قد اكتملت كافة أعمال المشروع الرئيسية بعد، ولم تكتمل إلا بعد مرور أربعة أعوام أخرى. ومع استكمال آخر وحدة توليد كهرباء من بين ثلاث وحدات شيدت في مدينة توموت عام 1974م، بدأ توليد الكهرباء بطاقتها الكاملة المستهدفة من المشروع وقدرها 3,740 ميجاوات. لكن العمل الرئيسي في المشروع كان قد استكمل مبكرًا عما هو مخطط له بثلاثة أعوام. وكانت البداية الفعلية لتوليد الكهرباء عام 1955 م عند افتتاح محطة جوتيجا للقدرة الكهربائية.

السلسلة الفاصلة العظمى تقع بين المناطق الداخلية الجافة والمناطق الساحلية الأسترالية غزيرة المياه. وبفضل مخطط جبال سنووي، تنساب المياه القادمة من نهر سنووي إلى بحيرة يوكومبين ومنها إلى نهري موراي ومرمبيجي. وتستخدم هذه المياه في ري مساحات شاسعة من الأراضي. هذا بالإضافة إلى قيام مشروع جبال سنووي بتوليد الكهرباء.

المنافع:

تعّد جبال سنووي الأسترالية مصدر المياه لثلاثة أنهار رئيسية ؛ فنهرا موراي ومرمبيجي يسيران شمالاً وغربًا، عبر السهول الغربية الشديدة الجفاف والخصوبة في الوقت نفسه. أما نهر سنووي فينساب جنوبًا عبر المنحدرات الجنوبية في السلسلة الفاصلة العظمى. وتسقط على هذه المناطق أمطار كثيفة، مما يجعلها في غير حاجة إلى الزراعة بالري. ويقوم مشروع جبال سنووي بحجز المياه القادمة من نهر سنووي وفرعه يوكومبين، عند مستوى مرتفع، ثم يجري تحويلها خلال نفقين منحوتين في جبال سنووي.

يتولى المشروع كذلك تنظيم المياه الإضافية، لأنهار مرمبيجي وتوموت وجيهي. وتسمح شبكة من السدود والترع للمياه المحول مجراها بأن تتساقط من ارتفاع قدره 800م، لتمر خلال عدد من التوربينات (العنفات) والأنفاق قبل أن تصل إلى المناطق المتعطشة لمياه الري. وتولد مجمل محطات القوى المولّدة ضمن المشروع، ما مجموعه نحو 6,500جيجاوات/ساعة من الكهرباء سنويـًا (الجيجاوات/ساعة تعادل ألف مليون واط/ساعة). وتمثل هذه الطاقة 12% من الطاقة القصوى التي تستهلكها مدينة فكتوريا، بالإضافة إلى 13% من الطاقة اللازمة لمدينة نيوساوث ويلز العاصمة.

تسمح إدارة المشروع بتصريف نحو 2,300جيجا لتر من الماء كل عام، لاستخدامها في أغراض الري (الجيجا لتر يعادل ألف مليون لتر). وتتوجه نحو 40% من هذه المياه إلى نهر موراي، أما الباقي وقدره 1,300 جيجا لتر، فيذهب إلى نهر مرمبيجي لترفع بذلك المياه المتاحة منه للري بمقدار الثلث. وأدى ذلك إلى إمكانية البدء في استصلاح 80,000 هكتار بمنطقة كوليمبالي قرب نيوساوث ويلز.

يقوم كل عام نحو 30,000 شخص بزيارة مركز معلومات محطة توليد الطاقة المقامة تحت سطح الأرض في كل من كوما وتوموت 1. ويقع المكتب الرئيسي لسلطات تشغيل مشروع جبال سنووي في مدينة كوما. وتوظف هذه السلطات فرقـًا للصيانة يصل عدد أفرادها إلى 640 فردًا، يقيمون في معسكرات سكنية خاصة في كل من خانكوبان، وكابرامورا، وتالبنجو. ويخضع تشغيل المشروع حاليـًا لما يسمى مجلس إدارة مشروع جبال سنووي، وهو المسؤول عن تحديد كميات مياه الري المصرح بها، وكذلك عن توزيع الأحمال على محطات توليد الطاقة.

بحيرة جيندابين بدأ تشغيلها عام 1967م. يبلغ ارتفاع هذه البحيرة الصخرية نحو 72م، وتختزن حوالي 690 جيجا لتر من الماء تقريبًا.

ملامح إنشائية:

تعتمد نظرية مخطط جبال سنووي أساسًا على تخزين المياه في مناطق مرتفعة عند مرتفعات سنووي، ومرمبيجي، وذلك عن طريق إيجاد بحيرات صناعية هي جينبادين، وتانتانجارا، ويوكومبين. وينقسم المخطط بذلك إلى قسمين رئيسيين:

تطوير منطقة سنووي ـ توموت، ويهدف هذا المشروع إلى تحويل مجرى مياه أنهار يوكومبين ومرمبيجي وتوما لتصب في بحيرات يوكومبين. ومن هناك تنساب هذه المياه ـ خلال نفق ـ إلى خزان بركة توموت ثم إلى نهر توموت. ولاستكمال هذا العمل والإبقاء على الكميات الضخمة من المياه اللازمة لملء بحيرة يوكومبين، قام المهندسون ببناء سد يصل ارتفاعه إلى 116م، وسمك قاعدته 800م. وقد استغرقت الشركة الأمريكية المسؤولة زمنـًا قدره 23 شهرًا لتنفيذ هذا العمل.

تقع بحيرة يوكومبين على ارتفاع قدره 1,200 م عن سطح البحر. وتتجاوز مساحتها وهي ممتلئة 145 كم²، وهي مساحة تزيد على أكثر من خمسة أضعاف مساحة ميناء سيدني، وتفوقه كثيرًا في سعتها من المياه. ويقام كذلك سد آخر عند بحيرة توموت، لتنظيم مرور المياه إلى منخفض توموت.

وقد تم كذلك إنشاء أربع محطات لتوليد القدرة على نهر توموت جورج بالإضافة إلى العديد من السدود الأخرى. ويصل ارتفاع السد المقام عند تالبنجو إلى 162م، وهو من أطول سدود المخطط. أما سد بلورنج الذي يصل ارتفاعه إلى 112م، فيعد ثاني أضخم خزان مياه بعد خزان سد يوكومبين. وهو يحتجز 1,632 جيجا لتر من المياه، ليطلقها لاحقـًا في مجرى نهر مرمبيجي.

أيقونة تكبير مخطط جبال سنووي
تطوير منطقة سنووي ـ موراي. ينحرف نهر سنووي ـ المحتجر عند بحيرة جيندابين ـ خلال نفق طوله 13كم، ليلتحق بنهر جيهي، ثم ينطلق بعد ذلك إلى نهر سواجي بلينز أحد فروع نهر موراي. ويمكن للمياه القادمة من نهر يوكومبين أن تنضم إلى هذه الشبكة عن طريق نفق طوله 23كم. وتمر هذه المياه بعد ذلك خلال محطتي توليد قدرة كهربائية في منطقة موراي، قبل أن تنطلق إلى مجرى نهر موراي المنخفض. ولايتم سحب أي مياه للري إلا في الفترة الواقعة بين شهري سبتمبر وأبريل من كل عام.

ثنائية اتجاه المياه. من أهم سمات المخطط، إمكانية عكس اتجاه مرور المياه في بعض مقاطع المشروع. ففي المواسم المطيرة، عندما تقل الحاجة إلى المياه للري، يســتطيع المهندســـون توجيه المياه للعودة إلى الخزانات، عن طـــريق عكس اتجاه مرور الماء في بعض الأنفاق. وتتــولى مولدات المخطــط تأمين الطاقة اللازمة لضخ المياه لتعود إلى الخزانات، وتمثل هذه المياه التي تبقى في الخزانات العلوية احتياطياً ضخمًا، يستخدم لتوليد الكهرباء. فحالات الأحمال الطارئة التي تحدث عادة في فصل الشتاء، تتم مواجهتها بالسماح لكمية من المياه المخزونة بالمرور خلال المولدات. وتعمل أنفاق يوكومبين ـ سنووي بنظام ثنائية الاتجاه. كذلك، يمكن ضخ مياه بحيرة جيندابين إلى جزيرة بند.


الأنفاق

النفقالطول (كم)القطر (متر)تاريخ التشغيل
يوكومبين ـ سنووي23,526,101965م
يوكومبين ـ توموت22,196,401959م
مرمبيجي ـ يوكومبين16,643,101961م
سنووي ـ جيهي14,436,101965م
توما ـ توموت14,303,431961م
موراي ـ 1 ضغط11,766,931966م
توموت 2 ضغط ومياه خلفية11,226,401962م
جيندابين ـ منحنى جزيرة9,863,761968م
جوتيجا4,625,151955م
موراي 2 ضغط2,467,471968م
توموت 1 ضغط2,466,401959م
نفق نهر جيهي2,412,441965م
توموت 1 مياه خلفية1,317,711959م

نبذة تاريخية:

اقترح مسؤول عام الري بنيو ساوث ويلز ب.ف. آدمز عام 1884م، تحويل مياه نهر سنووي إلى نهر مرمبيجي لاستخدامها في أعمال الري. وخلال السنوات الستين التالية، قُدِّم الكثير من المقترحات الأخرى، إلا أن أول مخطط جمع بين مزايا استخدام المياه الزائدة في الري وتوليد الكهرباء، لم يقدم إلا عام 1944م. وجرى بعد ذلك تغيير المخطط الأصلي ليشتمل على إنشاء 16 محطة توليد قوى، وشق 800 كم من الترع الصناعية. وفي يوليو 1949م، أصدرت الحكومة الأسترالية قانون إنشاء مشروع مخطط جبال سنووي الذي يتضمن توليد القدرة الكهربائية، وأعلنت بذلك التزامها بتنفيذه. وفي أول أغسطس عام 1949م، عُيِّن السير وليم هدسون مشرفـًا عامـًا على إدارة مشروع مخطط جبال سنووي. وفي سبتمبر عام 1951م، بدأ العمل الفعلي في إنشاء سد ونفق ومحطة توليد كهرباء قرب جوتيجا. وتم توصيل التيار الكهربائي المولَّد من هذه المحطة لأول مرة إلى شبكة مدينة نيوساوث ويلز عام 1955م.

ولتنفيذ عمليات بناء هذه السلسلة المعقدة من السدود والأنفاق ومحطات توليد الكهرباء، جرى استقدام المقاولين من جميع أجزاء أستراليا وخارجها. ومن أجل إسكان العاملين في تنفيذ المخطط، تم بناء سبع مستعمرات، و1,000 معسكر، وتم تمهيد أكثر من 1,600كم. ووصل نشاط التنفيذ إلى قمته عام 1959م، حيث وصل عدد العاملين بالمشروع إلى 7,300 عامل تم توظيفهم إما عن طريق إدارة المخطط أو عن طريق المقاولين المنفِّذين للمشروع. ووصلت تكلفة الكيلو متر الواحد من الأنفاق 1,25 مليون دولار أسترالي، كما فقد 54 عاملا أرواحهم أثناء العمل بالمخطط، بسبب تساقط الأحجار أو بسبب الانفجارات. وفي ذروة الانشغال في حفر الأنفاق، سجَّل العاملون في المخطط الرقم القياسي العالمي لمعدل شق الأنفاق الذي كان 110م في الأسبوع (الأسبوع ستة أيام عمل وثلاث نوبات يوميًا). ووصل الرقم الذي حققه العاملون بالمخطط 165م في الأسبوع. ورغم هذه السرعة في الإنجاز، فقد استغرق تنفيذ مسافة قدرها 22كم من نفق يوكومبين ـ توموت، ثلاث سنوات.

وقد بدأ العمل في تطوير سنووي ـ توموت عام 1954م، واستكملت الإنشاءات العلوية من هذا الجزء في ثماني سنوات، ثم شرع في البدء في تطوير سنووي ـ موراي، واستكمل نفق يوكومبين ـ سنووي عام 1965م. وبدأت أول وحدة من وحدات محطة موراي (1) في توليد الكهرباء عام 1966م. واستكمل آخر نفق في المخطط عام 1967م، وأقيم احتفال إتمام العمل في المخطط في أكتوبر 1972م، رغم أن الكثير من الأعمال لم تكن قد استكملت بعد. فقد وصل ما أنفق على استكمال مشاريع المخطط خلال عامي 1973م، و1974م مبلغ 27,7 مليون دولار أسترالي، بالإضافة إلى سبعة ملايين دولار صرفت عام 1975م وثلاثة ملايين دولار عام 1976م وفي المقابل فقد حقق مخطط جبال سنووي أرباحًا قدرها 700 مليون دولار حتى عام 1980 م. وتحصِّل إدارة المشروع مبلغ 70 مليون دولار سنويًا قيمة فواتير الكهرباء.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية