الرئيسيةبحث

سيراليون ( Sierra Leone )



خريطة سيراليــــون
سيراليون قطر إفريقي صغير يقع في الجزء الغربي النائي من القارة إلى الشمال من خط الاستواء. وتعدُّ سيراليون من كبرى الدول المصدّرة للماس في العالم. ويُستخدم الماس المُنْتَج في هذا البلد في صناعة الجواهر والأحجار الكريمة. ويوجد الماس بين ترسبات الحَصى المتراكمة على مجرى الأنهار والمستنقعات في الأجزاء الشرقية من سيراليون. ويُستخدم نحو 70% من الماس المُستخرج في صناعة الجواهر والأحجار الكريمة. والنسبة المتبقية تعدُّ أقل قيمةً، وتستخدم في أغراض صناعية أخرى.

حصلت سيراليون على استقلالها من بريطانيا عام 1961م، وأصبحت عضوًا في كومنولث الأمم. أنشئت مدينة فريتاون عام 1787م وهي العاصمة كما أنها من أكبر المدن، فضلاً عن كونها ميناءً رئيسيًا مهمًّا.

الحكومة:

نصّ دستور سيراليون على أن الرئيس هو رأس الدولة. وينتخب الشعب الرئيس لفترة خمس سنوات. ويعين الرئيس مجلس الوزراء بموافقة البرلمان، ويضطلع المجلس بالأعباء الحكومية اليومية. يعمل البرلمان على تشريع قوانين البلاد، وينتخب الشعب 80 عضواً للبرلمان لفترة خمس سنوات.


فريتاون عاصمة سيراليون وتمثل مركزًا تجاريًا مهمًّا. وقد أُنشئت المدينة عام 1787م مأوى للمحرَّرين من العبيد.

السكان:

يبلغ عدد السكّان في سيراليون نحو 5,069,000 نسمة. ويعمل معظمهم في الزراعة. ويستغلون مواسم الجفاف في العمل في مناجم الماس. وتشتغل الكثير من النساء في التجارة وخاصةً في بيع السلع في الأسواق المحلية. وتتميز مدينة فريتاون بمبانيها الحديثة. ويقطن سكان القرى في منازل من الإسمنت المُسلح بينما يقيم الفقراء في المناطق الريفية في منازل من الطين تغطيها سقوفٌ مصنوعةً من الألواح الحديدية أو القشّ. ويُشكل الأفارقة السواد الأعظم من سكان سيراليون، ويرجعون في أصولهم السلالية إلى 12مجموعةً عرقية. ويتوزع نحو ثلثي السكان بين قبائل المنْدي والتمن، وتسكن الأولى في الأجزاء الجنوبية من البلاد، بينما تتركَّز الثانية في الأجزاء الغربية من سيراليون. ويُشكّل الكريوليون نحو 2% من إجمالي سكان البلاد، ويتركزون في مدينة فريتاون وضواحيها. ويرجع الكريوليون في أصولهم السلالية إلى الفئات التي تم عتقها من الرقيق. وبالرغم من أن اللغة الإنجليزية هي اللغة الرسمية للبلاد إلا أن الكثير من السكان يتحدثون اللهجات المحلية الإفريقية. ويتحدث الكريوليون الكريو وهي إحدى اللهجات الإنجليزية المُستخدمة محليًا. ويُمارس الكثير من السكان العديد من الديانات والمعتقدات المحلية، وتقدّس بعض القبائل كائنات صغيرة تحمل صورًا بشرية توجد في التربة. ويعتقد أفراد هذه القبائل أن امتلاك واحد من هذه الكائنات الصغيرة يجلب الخير والوفرة في المحاصيل. كما أنّ بعضًا من سكّان هذه البلاد يعتنق الإسلام، والبعض الآخر يعتنق النصرانية.

وسيراليون لا تعتمد نظام إلزامية التعليم بالنسبة للتلاميذ ممن هم في سن الدراسة. ومع هذا فإنّ 40% من الأطفال مقيَّدوُن في المرحلة الابتدائية، و 15% في المرحلة الثانوية. أما جامعة سيراليون، فمقرها العاصمة فريتاون.

السطح والمناخ:

يبلغ إجمالي المساحة الكلية لسيراليون نحو 71,740كم². وتقع مدينة فريتاون في الأطراف الشمالية الغربية من شبه جزيرة سيراليون. ويصل ارتفاع المناطق الجبلية إلى نحو 910م فوق مستوى سطح البحر. وتغطي المستنقعات معظم الشريط الساحلي وتمتد نحو 32كم داخل اليابسة. ويُتَاخمُ هذه المستنقعات سهل ساحلي يمتد نحو 160كم داخل الجزء الشمالي من هذا القطر. وتبدأ هذه السهول الساحلية في الارتفاع تدريجيًا لتلتحم بالهضاب والجبال المنتشرة في شمال شرقي البلاد، والتي تغطي أكثر من نصف مساحة هذا القطر. ويزيد ارتفاع الجبال في هذا الإقليم عن 1,800م وخاصة في المناطق المتاخمة للحدود الشرقية مع غينيا. ويعدُّ جبل لومامانسا أعلى قمة في سيراليون، إذ يصل ارتفاعه إلى نحو 1948م فوق مستوى سطح البحر. وتُغطي أكثر من نصف مساحة الأراضي في هذه البلاد طبقة من الرمل، أو الحصباء التي توفرّ تربة طيبة لنمو الحشائش القصيرة.

وتتميّز سيراليون بمناخ مداري ممطر. وتقتصر فترة الجفاف على شهري يناير وفبراير في المناطق الجنوبية، وعلى الفترة ما بين ديسمبر ومارس في المناطق الشمالية.

وتحظى مدينة فريتاون بمعدل سنوي من الأمطار يصل إلى نحو 3,66م، وتقل كمية الأمطار في الشريط الضيق شمالاً ليصل إلى نحو المترين. أما درجات الحرارة، فتتراوح في المتوسط بين 25- 27°م باستثناء المناطق النائية في الشمال، إذ تتأرجح درجات الحرارة بدرجة كبيرة في هذه المناطق.

سيراليون تحتل موقع الصدارة بين دول العالم المصدرة لليف النخيل البرازيلي (البيسافا) الذي يستخدم في صناعة الألياف والحبال والفُرش.

الاقتصاد:

يتميز الإنتاج الزراعي في سيراليون بقدر كبير من التنوع ؛ غير أن فقر التربة وفصل الجفاف، فضلاً عن الاعتماد على وسائل الفلاحة التقليدية ـ كل هذه العوامل متجمعة تجعل الإنتاج الزراعي متدنيًا للغاية. ولاتبذل الجهود بالقدر الكافي للحفاظ على خصوبة التربة. فما أن يستنزف المزارعون الإمكانيات الخصبة للتربة في منطقة ما حتى يتحولوا إلى منطقة أخرى دون بذل أدنى قدر من الجهد لإعادة استصلاح البقعة الأولى.

ويحتل الأرز موقع الصدارة بين المحاصيل الغذائية. كالبرتقال، والفول السوداني، والطماطم، والمنيهوت (الكاسافا). أما الصادرات من المحاصيل الزراعية، فتشمل البن، والزنجبيل، والكاكاو، وجوز الكولا. وتعدُّ سيراليون أكبر دولة مصدرة لليف النخيل البرازيلي (البيسافا)، وتوفّر شواطئ سيراليون قدرًا كبيرًا من الأسماك من نوع الشابل.

ويُشكّل الماس نسبة تُقدر بنحو 50% من الصافي الإجمالي لصادرات البلاد. وتتولىّ شركة بريطانية، تُسمى مجموعة سيراليون الائتمانية المحدودة عمليات التنقيب عن الماس في هذه البلاد إلى جانب مجموعة أخرى من الشركات والأفراد المرخّص لهم بالتنقيب عن هذه المادة الثمينة. وتنحصر امتيازات الشركة البريطانية في مساحة لا تتجاوز 736كم² ؛ بينما تعمل مجموعات التنقيب الأخرى في مساحة تقدَّر بنحو 24,600كم². وبالرغم من محاولات الدولة التحكُّم في كميات الماس المستخرجة إلا أنّ هنالك العديد من الفئات التي تعمل بصورة غير قانونية في هذا المجال، وتُمارس عمليات تهريب الماس إلى خارج البلاد.

وقد تم اكتشاف الماس في سيراليون عام 1930م. ومن ذلك الحين ظهرت اكتشافات أخرى كالحديد الخام، والبوكسيت، وثاني أكسيد التيتانيوم. ويُستخلص الألومنيوم من البوكسيت ؛ كما أن مادة التيتانيوم يتم استخراجها من ثاني أكسيد التيتانيوم. ويحتل البوكسيت المرتبة الثانية من حيث الأهمية بالنسبة للصادرات الخارجية لسيراليون. وفي قطاع النقل هناك خط واحد للسكك الحديدية يربط الساحل بمنطقة مارامبا، حيث يتركَّز خام الحديد. أما الطرق البرية، فمعظمها غير مُعَبَّد. ومع هذا، فإن الدولة تبذل جهودًا طيبة في المحافظة على هذه الطرق وصيانتها بالرغم من غزارة الأمطار الموسمية.

ويمتلك أقل من 1% من إجمالي سكان سيراليون سيارات خاصة. وفي المناطق الريفية تُشكّل الشاحنات الصغيرة التي تتوسطها مقاعد للركاب وسيلة النقل الأساسية. أما سيارات الأجرة ووسائل النقل الجماعي، فتتوافر في المدن. وفي مجال النقل النهري هنالك نحو 800كم صالحة للملاحة على امتداد ثلاثة أشهر في العام. وتُعتبر المراكب الصغيرة وسيلة النقل الأساسية في هذا المجال. وتوفّر سيراليون خدمات النقل الجوي عبر مطار فريتاون الدولي.

نبذة تاريخية:

لم يتعّرف المؤرخون على سيراليون قبل عام 1460م ؛ حينما وطئت أقدام البحارة البرتغاليين أراضي هذه الدولة. ومع بداية القرن السادس عشر الميلادي اتخذت السفن التجارية الأوروبية من هذه المنطقة محطة توقف لنقل المئات من المواطنين إلى أمريكا. ومنذ عام 1725م بدأت قبائل الفولاني، التي تعيش إلى الشرق ممَّا يُعرف حاليًا بسيراليون، بجهود مثمرة لتعريف أبناء المناطق المجاورة بالإسلام وتوحيدهم تحت رايته.

ومع نزوح قبائل الفولاني غربًا- بدأت مجموعات أخرى كبيرة في الهجرة نحو المناطق الساحلية لتُقيم فيما يُعرف الآن بسيراليون.

وفي عام 1787م وصل جرانفيل شارب (أحد مناهضي تجارة الرقيق البريطانيين) إلى شواطئ سيراليون وفي معيته 400 من المواطنين السود الأمريكيين بعد حصولهم على حرياتهم. وقد قام شارب بإطلاق سراحهم في الساحل فيما يُعرف الآن بفريتاون. وقد عانى هؤلاء المستوطنون الجوع والمرض وويلات الحروب ؛ حتى كادت هذه المستوطنة أن تنقرض. وفي عام 1807م أصدرت بريطانيا مرسومًا يُحرّم تجارة الرقيق في كافة مستعمراتها. وفي العام التالي أصبحت شبه جزيرة سيراليون مستعمرة بريطانية. وقد عملت السلطات البريطانية منذ ذلك الحين على تحرير أفواج الرقيق المُحمَّلة في السفن التجارية التابعة للعديد من الدول وإفراغ هذه السفن في سيراليون.

ثم ما لبث أن امتد النفوذ البريطاني تدريجيًا إلى أعماق البلاد. وفي عام 1896م، أنشأت بريطانيا مَحمية لها في المناطق المجاورة. وأصبحت هذه المحمية إلى جانب المستعمرة تُشكل تقريبًا ما يُعرف حاليًا بسيراليون.

ومنذ عام 1896م وحتى عام 1961م ؛ بدأت سيراليون تتّجه تدريجيًا نحو الحكم الذاتي. وفي عام 1961م حصلت سيراليون على استقلالها التام من بريطانيا. وأصبح لها رئيس للوزراء يدعى السير ميلتون مارجاي الذي تُوفي عام 1964م. وقد خلفه في الحكم أخوه السير ألبرت مارجاي. وفي عام 1967م جَرَت انتخابات برلمانية، غير أن نتائجها كانت غير حاسمة مما أدى إلى صراع على السلطة بين الفئات السياسية المختلفة. وحفَّزَ هذا الوضع المؤسسة العسكرية التي قامت بالانقضاض على السلطة عبر مجموعة من الضباط. وإثر هذا تم حل البرلمان وأوقف العمل بالدستور. غير أن الحكم العسكري لم يستمر طويلاً، حيث تم إسقاطه عام 1968م. وأُعلن عن قيام حكم مدني. وتولى السيد سياكا ستيفنز رئاسة الوزراء. وفي عام 1971م تم إدخال تعديلات دستورية تم بمقتضاها اعتماد الشكل الجمهوري نظامًا للحكم. كما تم تنصيب السيد ستيفنز رئيسًا للجمهورية. وفي عام 1978م تمت الموافقة على دستور جديد للبلاد. ونصّ الدستور على اعتبار مؤتمر الشعب الحزب السياسي الوحيد الذي يتمتع بالشرعية في هذه البلاد. وساعد سوء الأحوال الاقتصادية على حدوث موجة من التذمر على حكم السيد ستيفنز الذي بدأ يواجه بعض التحديات لرئاسته من حين لآخر. وقد صمد هو الآخر أمام هذه الصعوبات إلى أن أُحيل إلى التقاعد عام 1985م. وخلفه على رئاسة الدولة اللواء جوزيف مومو، القائد العام للقوات المسلحة.

في مايو 1992م قامت جماعة من الضباط بإسقاط الحكومة وفرّ مومو إلى غينيا، وتم تكوين مجلس حاكم أعلن حالة الطوارئ مع إجراء تعديلات في الحكومة وتعليق النشاط السياسي. وأصبح الكابتن فالنتين ستراسر رئيسًا للبلاد. دارت حرب أهلية بين الحكومة وقوات كوربورال فودي سانكو الذي كان قد تمرد على حكومة مومو في 1991م. وفي 15 مارس 1996م، انتخب أحمد تيجان كاباح رئيسًا لسيراليون في أول انتخابات متعددة منذ عام 1967م. وقعت الحكومة اتفاق مع المتمردين في 30 نوفمبر 1996م أنهى أكثر من خمس سنوات من الحرب. لم تعمر الحكومة المدنية إلا قليلاً، إذ أطاح بها انقلاب في 25 مايو 1997م، بقيادة الرائد جوني بول كوروما بدعم من قوات الجبهة الثورية المتحدة التابعة لسانكو. وشكل كوروما حكومة عسكرية ضمت سانكو. وفي مارس 1998م، نجحت القوات النيجيرية تحت مظلة قوات التدخل الإفريقية التابعة لمنظمة الوحدة الإفريقية في إلحاق هزيمة عسكرية كبيرة بالانقلابيين الذين فروا خارج البلاد، وعاد كاباح لسيراليون بصحبة الرئيس النيجيري ساني أباشا واستعاد سلطته. وفي عام 1999م، وقع كاباح وسانكو اتفاقية للسلام، وحظي بعض قادة الجبهة الثورية المتحدة بمناصب في الحكومة الجديدة. انهار الاتفاق مرة أخرى في نهاية عام 2000م، وعادت أجواء الحرب تلقي بظلالها رغم انتشار قوات الأمم المتحدة بين الفرقاء، ورغم نداءات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لوقف الحرب الأهلية الدائرة لأكثر تسع سنوات. انتهجت سيراليون سياسة عدم الانحياز.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية