قصص الخيال العلمي ( Science fiction )
قصص الخيال العلمي نوع شائع في الأدب الخيالي. تشتمل موضوعاته الأساسية على الترحال عبر الفضاء وعبر الزمن وعلى الاكتشافات والاختراعات العجيبة. معظم قصص الخيال العلمي الحديثة قد يحدث في المستقبل. غير أن بعضه يحدث في الماضي أو حتى في يومنا الحاضر، ويوضع بعضه في عالم آخر. وعلى عكس الأدب ذي الخيال الجامح الذي يعالج ما هو غير ممكن، نرى أن قصص الخيال العلمي تصف أحداثًا يمكن أن تحدث فعلاً بناء على نظريات مقبولة أو ممكنة. وتعطي بعض القصص تفسيرات علمية مفصّلة وبعضها الآخر يدفع بالقارئ إلى مكان أو زمان غريب فحسب.
البدايات:
تعود بدايات فن قصص الخيال العلمي إلى أساطير ما قبل التاريخ وقصص الرحلات والمغامرات الوهمية. وفي القرن الثاني الميلادي حوّل الكاتب اليوناني لوسيان الساموساتي هذه المغامرات إلى فن قصص الخيال العلمي. وعلى سبيل المثال يصف في مؤلفيه إيكارومينبوس والتاريخ الصحيح رحلات إلى القمر.شهد القرن السابع عشر الميلادي ميلاد هذا الفن، فقد كتب فرانسيس بيكون الذي يُدعى أحيانًا بأبي العلم الحديث، كتابه أطلنتس الجديدة (1627م) ويستخدم هذا العمل موضوع رحلة عجيبة ليصف مجتمعًا مبنيًا على العلم التجريبي، كما يصف العجائب العملية التي يمكن للعلم أن يوجدها. ووصف الفلكي الألماني كيبلر يوهانز رحلة إلى القمر في مؤلُّف له بعنوان سومنيوم، نُشر عام 1634م بعد وفاته، فكان هذا الكتاب أول قصة علمية خيالية تُسَّرد بدقة علمية. وفي القرن السابع عشر الميلادي ظهر أيضًا أول فن قصصي علمي خيالي حدّد المستقبل زمنًا لأحداثه عندما كتب فرانسيس شينل قصة أوليكَس (1644م)، وألف جاك جوتان إبيجون، قصة في القرن الآتي (1659م).
تطور فن قصص الخيال العلمي في القرن الثامن عشر الميلادي لينتج رحلات جليفر (1726م) بقلم جوناثان سويفت وقصه لودفيج هولبيرج رحلة نلز كليم إلى العالم السفلي (1741م) وهما عملان سابقان لرواية جول فيرن رحلة إلى قلب الكرة الارضية. وكانت قصة فولتير مايكروميجاس (1752م) أول قصة لزائرين من كواكب أخرى.
وأدت الثورة الصناعية إلى ثورة اجتماعية، وخلّفت صعوبات لكثير من الناس. وقد أثرت هذه العوامل على الرواية القوطية التي جسَّدت الرعب والعنف وقوى ما وراء الطبيعة. وكانت رواية ماري شيللي فرانكنشتين (1818م) القصة العلمية الخيالية الرئيسية في هذا المجال وطوّر إدجار ألان بو، وناثانيل هووثورن القصة العلمية الخيالية القصيرة.
وصل فن قصص الخيال العلمي إلى شكله الحديث المتميز في حوالي نهاية القرن التاسع عشر الميلادي، في أعمال فيرن وإتش.جي. ولز. وكان فيرن أول كاتب يتخصص في هذا الفن، إذ جعل الجمهور يرى فيها فرعًا مميزًا من الأدب.
القرن العشرون:
تأكد الجدل الاجتماعي والسياسي الذي ظهر في الكثير من فن قصص الخيال العلمي المبكر بشكل أكبر في القرن العشرين. وقد حدّد عمل يوجن زامياتن بعنوان نحن (1924م) الذي كُتِبَ خلال الحرب الأهلية الروسية، شكلاً أدبيًا عرف باسم مضاد اليوطوبيا. يصور الفن القصصي اليوطوبي عوالم مثالية ولكن الفن القصصي المضاد لليوطوبيا يصور هذه العوالم على أنها كوابيس. ومن الأمثلة الشهيرة على هذا الفن القصصي رواية ألدوس هكسلي بعنوان العالم الجديد الشجاع (1932م)، ورواية جورج أورويل بعنوان عام 1984 (1949م). وردًا على الفن القصصي المضاد لليوطوبيا كتب إيفان يفرموف روايته اليوطوبية أنروميدا (1956م).تنبأ فن قصص الخيال العلمي بالعجائب التقنية والعلمية لعصري الذرة والفضاء. ووضع كاريل كابك كلمة روبوت لأول مرّة في مسرحية آر. يو. آر (1921م) وناقش القنبلة الذرية في روايته كراكاتيت (1924م) وكتب أولاف ستابلدون روايتي قصص علمي وهما: آخر وأول الرجال (1931م)، و صانع النجوم (1937م).
وبدأ فن قصص الخيال العلمي يلقى الاهتمام والتشجيع الكبيرين منذ العشرينيات من القرن العشرين الميلادي في روسيا. ففي عام 1928م امتدحه المؤلف الروسي مكسيم جوركي.
في الولايات المتحدة أدت المجلات المسماة بلبس دورًا رئيسيًا في تطوير هذا الفن، فقد أسس هوجو جيرنز باك أول مجلة باسم قصص مدهشة (1926م)، وفي عام 1930م كان أول شخص استعمل مصطلح قصص الخيال العلمي، وكانت مجلات البلبس، الأولى تركّز على العجائب العلمية ولكنها اتجهت باضطراد لاهتمامات اجتماعية رئيسية. وقد ساهم اسحق أزيموف وهو أحد أكثر كتاب قصص الخيال العلمي شعبية، في الكتابة لهذه المجلات قبل أن ينشر كتابه الأول حصاة في السماء (1950م).
وازداد عدد قراء هذا القصص بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945م، ونمت شعبيته عندما أظهرت التطورات في الطاقة النووية واكتشاف الفضاء أن أغلب مضامين القصص العلمية الخيالية أكثر واقعية مما تصوّر بعض الناس.
وتضاءل دور المجلات التي تنشر قصص الخيال العلمي خلال الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن العشرين بينما ازدادت أهمية الكتب باطِّراد. إِذ نُشِرَت روايات عن الفن بغلاف مقوى للمرة الأولى عام 1950م، وازداد عدد المنشور منها باطّراد. وفي بداية الستينيات من القرن العشرين الميلادي حدث ازدياد كبير في قصص الخيال العلمي المنشورة في كتب ذات أغلفة ورقية. وظهرت في التلفاز برامج جدية منها في عدد من البلاد. وكان برنامج ِستَار تِرك من أشهرها. وقد ظهر هذا البرنامج للمرة الأولى على التلفاز الأمريكي عام 1966م حتى عام 1969م ولكنه نال أعظم شعبية له عندما عُرض للمرة الثانية في السبعينيات ثم في الثمانينيات من القرن العشرين الميلادي.
قصص الخيال العلمي اليوم:
في عام 1977م سجل الفيلم العلمي حروب النجوم نجاحًا كبيرًا، كما حقق رقمًا قياسيًا في عائداته. وأعقب هذا الفيلم، فيلمان مكمّلان له أحدهما بعنوان الإمبراطورية ترد الضربة (1980م) ؛ عودة الجدي (1983م). جذبت أفلام القصص العلمي المرعبة مثل: الغريب (1979م) جماهير غفيرة من المشاهدين. ويحكي فيلم ساكن الأرض الإضافي قصة ساحرة عن مخلوق ضائع جذاب من عالم آخر، يصادفه أطفال، وقد أُنتجت خمسة أفلام بنيت على فيلم ستار ترك أي رحلة النجوم.وفي منتصف السبعينيات من القرن العشرين الميلادي، عاد الاهتمام من جديد بالفن القصصي العلمي المنشور في المجلات. ففي عام 1977م، بدأت في الظهور أول مجلة جديدة للقصص العلمي منذ عام 1950م، وهو العام الذي صدرت فيه مجلة إسحق أزيموف للفن القصصي العلمي. وفي عام 1978م أصبحت أُمني أول مجلة علميه تنشر القصص العلمي بانتظام. وفي السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين حاز عدد من كتاب القصص العلمي شعبية في أوساط القراء العاديين، ومن أشهر هؤلاء الكتاب يأتي فرانك هربرت، وروبرت هاينلاين، وأرثر سي كلارك، وإِبرسولا لوجوين.
أصبح الفن القصصي العلمي ذا شعبية كبيرة في روسيا واليابان خلال أواسط القرن العشرين وأواخره. ونال بعض الكتاب ومن بينهم الأخوين أركدي وبوريس ستراجاتكي في روسياوساكيو كوماتسو في اليابان شهرة عالمية، وعُرِف ستانيسلو ليم من بولندا بأنه كاتب قصص علمي خيالي رئيسي منذ الخمسينيات من القرن العشرين الميلادي.