سارتر، جان بول ( Sartre, Jean-Paul )
جان بول سارتر |
كانت مسألة الوجود المجرد للأشياء، خاصة وجوده هو شخصيًا، مصدر قلقه وإعجابه مما دفعه للبحث. فقد بدا له أنه لا مبرر لوجود أي شيء.
وفي روايته الأولى الغثيان (1938م) وصف الرعب والغموض اللَّذَين يواجههما الإنسان عندما يفكر في حقيقة وجود الأشياء ؛ تلك الحقيقة التي لا يمكن تغييرها.
في عمله الفلسفي الرئيسي الوجود والعدم (1943م) قام سارتر بالتحري في طبيعة وأشكال الوجود والعدم. قال سارتر إن الوجود البشري الذي سماه الوجود لذاته يختلف اختلافًا جذريًا عن وجود الجمادات مثل الطاولات والذي سماه الوجود في ذاته.
يقول سارتر إن الكائن البشري وحده هو الذي يعي وجود نفسه كما يعي وجود الأشياء الأخرى. ويتمسك سارتر برأيه في أن الجمادات ببساطة هي أشياء جامدة، غير أن بني البشر ليسوا كذلك، لأن لهم الخيار في أن يصبحوا الشيء الذي يختارونه هم بأنفسهم. ويقول سارتر: إن الإنسان ليس جبانًا، ومثال ذلك أن الطاولة هي طاولة فقط ولا شيء غير ذلك، بينما الإنسان بعكس الطاولة يصبح جبانًا باختياره هو. ويستطرد سارتر قائلا: إن الإنسان، على عكس الطاولة، لا يملك سمة مميزة أو جوهرًا ثابتًا محددًا أو مخصصًا له. ومبدئيًا فإن الناس يوجدون كمخلوقات عليهم أن يختاروا طبائعهم وسماتهم بأنفسهم. وهكذا فإنه في مقالة الوجودية والإنسانية (1946م) وصف الوجودية بأنها مبدأ ينطبق على البشرية التي يسبق فيه وجودُها سماتها المميزة.
يعتقد سارتر أن الناس أحرار تمامًا، إلا أنهم يخشون الاعتراف بهذه الحرية وتحمّل المسؤولية الكاملة تجاه سلوكهم المنطوي على هذه الحرية. ولذلك فإن الناس يميلون إلى خداع أنفسهم عن موقفهم الحقيقي. قام سارتر باختيار وتحليل الأشكال المختلفة والدقيقة عن الخداع النفسي في جميع أعماله الفلسفية والأدبية. وقد انتقد سارتر نظرية سيجموند فرويد في التحليل النفسي للسلوك البشري، ووضع نظريته الخاصة في التحليل النفسي والوجودي. ويقول سارتر إن الدافع الأساسي للسلوك البشري هو الرغبة في تحقيق إرضاء الذات بصورة كاملة، وذلك بمحاولة أن يصبح الإنسان السبب في وجود نفسه. وقال سارتر إن هذا الهدف مناقض لنفسه، ومن المحال تحقيقه. ولذلك فهو يعد النشاط البشري كله لا طائل من ورائه. كما قال سارتر أيضًا إن الإنسان عاطفة لا فائدة منها. ويُعرِّف فكرة الكائنات ذات القناعة الذاتية التامة والتي هي السبب في وجود أنفسها بأنها الفكرة التقليدية عن الإله. وحسب مايقول سارتر ـ حاشا لله وتعالى عن الزعم ـ فإن كل فرد منا يريد أن يصبح الله وأن الله لا يمكن أن يكون موجودًا.
وفي نقد المنطق الجدلي (1964م) قدّم سارتر نظرياته السياسية والاجتماعية، واعتبرها شكلاً من أشكال الماركسية.
تتضمن مسرحيات سارتر: الذباب (1943م) ؛ ولا مخرج (1944م) ؛ والأيدي القذرة (1948م) ؛ سجناء الطونا. (1959م). وكتب طرق الحرية وهي سلسلة من الروايات تشمل عمر المنطق (1945م) ؛ وتأجيل تنفيذ الحكم (1945م) ؛ والنوم المزعج (1949م).
وقد طبّق سارتر نظرياته في التحليل النفسي في كتاباته عن السيرة الذاتية لبودلير عام (1947م)، والقديس جنيت عام(1953م)، أما الكلمات (1963م)، فهي سيرته الذاتية أثناء فترة الشباب.
ولد سارتر بباريس حيث درس بالمدرسة النظامية العليا. وخلال الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945م) قاتل ضمن القوات الفرنسية، وأسّس المجلة النقدية الشهرية الأزمنة الحديثة سنة (1945م). وعمل رئيسًا للتحرير. وقد مُنح سارتر في 1964م جائزة نوبل للآداب إلا أنه رفض تسلمها. زار بعض دول الشرق الأوسط. وكان له موقف مؤيد لإسرائيل.