سرجاسو، بحر ( Sargasso Sea )
بحر سرجاسو |
أساطير البحر
رأى المَّلاحون الأوائل الذين أبحروا بسفنهم الصغيرة إلى أمريكا الشمالية بحر سرجاسو، وجاء في وصفهم أنه غطاء من الأعشاب الخليجية التي تُشكّل مروجًا منتشرة. وتناقلت عنها الأساطير والحكايات الغريبة التي تحكي عن وجود جزر واسعة من الأعشاب الكثيفة التي تسكن في أعماقها وحوش ضخمة.
أطلق الشُّعراء والأدباء لخيالهم العنان في وصف البحر، فصّوروه غطاءً من الأعشاب البحرية المتشابكة التي لا تمرّ منها سفينة إلا وقعت في شباكها واستحال الفكاك منها. وترى بالإقليم أشباح سفن قديمة، وهياكل سفن مغطاة بالطَّحالب والقشريات، وقد صوروا كل هذه الأشياء باعتبارها موجودة تحت هذا البحر الغامض. وقد أسهمت فيما بعد هياكل سفن الرّقيق، وحطام سفن القراصنة، والثورة الأمريكية، في إكمال الأسطورة.
حقائق عن البحر
غيَّر العلماء صورة بحر سرجاسو. فقد أوضحوا أن مساحته حوالي 5,2 مليون كيلومتر مربع، كما فتحوا حوله مجالات بحثية رائعة.
يعْتَقِد العلماء أن الأعشاب البحرية جاءت أولاً من سواحل جزر الهند الغربية بعد أن اقتلعتها الرّياح والأمواج فتأقلم بعضها على النمو والحياة في البحر. واستخدمت طريقة للنمو والتكاثر دون بذور، حيث تتجزأ النّباتات النَّاضجة بفعل الأمواج، وينمو الجزء المفصول في شكل نبتة كاملة مثلما يحدث في شجرة العنب، إذ ينمو الجزء المقطوع ليصبح شجرة كاملة. وتنمو أعشاب السرجسيوم في عدد من المحيطات، ويستخدم أحد أنواعه غذاءٍ عند اليابانيين.
تأقلم كثير من الحيوانات البحرية على النمو والحياة في هذه الأعشاب، مثل سمك الروبيان، والسرطان، والقشريات، ويمكن للأسماك في بحر سرجاسو أن تُرَى في عمق يصل إلى 365م، وهي أعمق مسافة يمكن أن تُرى فيها الأسماك في أي محيط في العالم. وقد أخذت هذه الأسماك لون الأعشاب البحرية لذا يصعب تمييزها. وتوجد كميات هائلة من الأعشاب في منتصف بحر سرجاسو، وتظهر هذه الأعشاب في شكل كتل متفرّقة يصل قطر الواحدة منها إلى 30م. وتُشَّكل حركة الرياح قطاعات طويلة من الأعشاب تتحرك حسب اتجاه الرِّيح، وتغطي رقع الأعشاب الكثيفة مساحة تُقَدَّر بأكثر من نصف هكتار مما يعوق حركة السفن.
وتتحرك بعض الأعشاب أحيانًا بفعل الرِّياح والتيارات القوية إلى مجرى الخليج ومن ثمّ إلى منطقة نيوإنجلاند في الولايات المتحدة، وربما إلى أيرلندا أو النرويج.
تَتَّصف مِياه بحر سرجاسو بالزرقة الداكنة، ونسبة ملوحة عالية (3,7%)، ودرجة حرارة مرتفعة (28 درجة مئوية)، ودرجة صفاء بالغة. وقد كسب البحر هذه الصفات لموقعه المتميِّز، ولعمقه السحيق الذي يصل إلى 4,5كم في المتوسط، ولعدم وجود جزر قريبة منه ماعدا جزيرة بورما.