رواندا ( Rwanda )
خريطة روانـــدا |
وتُعدُّ هذه الكثافة أكثر بنحو ثلاثة عشر ضعفًا من معدل الكثافة السكانية في القارة الإفريقية على وجه العموم.
وبالرغم من أنّ رواندا لا تبعد كثيرًا عن خط الاستواء إلا أنها تتمتع بمناخ معتدل وتميل إلى البرودة قليلاً. وهذا يرجع إلى موقع هذا القطر على سلسلة من الهضاب العالية.
تتنوع المعالم الطبيعية في هذا البلد. فهناك المرتفعات ذات الفوهات البركانية، والأودية النهرية المتعرِّجة، والبحيرات ذات المناظر الخلابة، فضلاً عن السهول الممتدة التي تغطيها الحشائش. ويعتبر متنزه فولكانو الوطني الواقع على جبال فيرونجا شمال غربي رواندا، محمية طبيعية للغوريلا وغيرها من الحيوانات الفطرية النادرة والمعرَّضة للانقراض.
وتعتبر رواندا إحدى الدول الإفريقية الفقيرة ؛ حيث إن قطاع الصناعة فيها مازال محدودًا للغاية، كما أنها تُعاني من انفجار سكاني يتجاوز قدرات البلاد. ومدينة كيجالي العاصمة أكبر المدن، إذ يصل تعداد السكان فيها إلى نحو 157,000 نسمة.
كان هذا الإقليم قبل الاستقلال يسمى رواندا ـ أوروندي ويخضع لوصاية الأمم المتحدة وللإشراف الإداري البلجيكي. وتشكل رواندا الحالية النصف الشمالي مما كان يسمى رواندا ـ أوروندي بينما تشكل بوروندي الحالية النصف الجنوبي من ذلك الشكل الاتحادي. وقد انفصلت الدولتان عقب الاستقلال عام 1962م.
ترجع الأغلبية العظمى من سكان رواندا في أصولهم السلالية إلى قبائل الهوتو التي تسمى أحيانًا الباهوتو بينما تُشكل قبائل التوتسي التي تُسمى أحيانًا الواتوسي الأقلية السكانية في هذا القطر.
وبالرغم من أن قبائل التوتسي تشكل الأقلية، إلا أنها ظلت تسيطر على قبائل الهوتو سياسيًا واقتصاديًا لمئات السنين. وفي عام 1959م ثارت قبائل الهوتو على هذا الوضع غير العادل، وتمكَّنت بعد حرب دموية ضارية من السيطرة على الحكم وعلى مقدَّرات البلاد الاقتصادية. وقد اضطر الكثيرون من أبناء قبائل التوتسي إلى الهرب إلى بوروندي التي تسيطر عليها جماعات التوتسي وغيرها من الدول المجاورة. وفي عام 1994م، دار صراع دموي بين هاتين القبيلتين، استطاعت التوتسي على إثره أن تسيطر على حكومة البلاد.
نظام الحكم:
يرأس حكومة رواندا رئيس ينتخبه الشعب. ويرأس رئيس الوزراء مجلس الوزراء الذي يساعد الرئيس في القيام بأعباء الحكم. يعين الرئيس مجلس الوزراء وأعضاء وزراته. وفي عام 1994م، بدأ التوتسي في تعيين شاغلي هذه الوظائف بعد أن أطاحوا بالحكومة. كان حزب الحركة الوطنية الثورية من أجل التنمية الحزب الوحيد في رواندا لفترة طويلة. أما الآن، فقد أطلق على هذا الحزب اسم الحركة الوطنية الجمهورية من أجل الديمقراطية والتنمية. عدل الدستور عام 1991م ليسمح بالتعددية الحزبية. وتشمل أحزاب المعارضة كلاً من الحركة الجمهورية الديمقراطية وحزب رواندا الاشتراكي والحزب الاشتراكي الديمقراطي.السكان:
يصل تعداد سكان رواندا إلى سبعة ملايين نسمة. وتشكل قبائل الهوتو نحو 90% من إجمالي سكان البلاد. ويعمل معظم أفراد هذه القبائل في الزراعة لتوفير المحاصيل الضرورية لأسرهم. وبعضهم يُعنى بتربية الأبقار وزراعة البن الذي يعتبر المحصول النقدي الأول في رواندا. ويعمل بعض أفراد قبائل الهوتو في المدن. ونتيجة لصعوبة الحياة المعيشية في الداخل اضطر الكثيرون من أبناء هذه القبائل إلى الهجرة إلى الدول المجاورة طلبًا للرزق. أما قبائل التوتسي فلا تتجاوز نسبتها 5% من إجمالي سكان رواندا. ويعمل مُعظم أبناء قبائل التوتسي إما في التجارة أو في القطاعات الحكومية المختلفة. ويُشكل الأقزام أقل من 1% من إجمالي سكان البلاد. وقد تركز نشاط الأقزام في السابق على الصيد غير أن بعضهم يعيش ويعمل الآن في المدن. ★ تَصَفح: الأقزام.ويعيش القليل من الأوروبيين حاليًا في رواندا، وبعض هؤلاء يعملون في زراعة الشاي وحشيشة الحُمَّى (البيرثرم) التي تستخدم في صناعة المبيدات الحشرية. كما تعمل مجموعة أخرى من الأوروبيين مديرين تنفيذيين في قطاع التعدين. والقلة الباقية من الأوروبيين تعمل في مجال التنصير. أما اللغات الرسمية، فهي: الفرنسية والكينيارواندا. ويتحدث الأخيرة ـ وهي من لغات البانتو ـ مُعظَم سكان رواندا، ويتبع معظم المواطنين الكنيسة الكاثوليكية. وهناك نسبة من المسلمين تقدر بنحو 17% من عدد السكان.
غير أن نسبة ضئيلة من السكان مازالت تمارس بعض المعتقدات التقليدية الإفريقية. وتُدِيْر البعثات النَّصرانيَّة والكاثوليكية مُعظَم المدارس الأولية والثانوية. وتوجد جامعة واحدة في رواندا تسمى جامعة رواندا الوطنية ومقرها مدينة بوتاري وتُؤمِّن الدولة مجانية التعليم العام للجميع. كما أن الدولة تَفْرض إلزامية التعليم على كل الأطفال من السابعة وحتى الرابعة عشرة من العمر، بالرغم من العجز الذي تعانيه في توفير قاعات الدراسة للجميع. إلا أنَّ نسبة الأمية بين البالغين قد تصل إلى 50%.
السطح والمناخ:
تبلغ مساحة رواندا نحو 26,338 كم². وتغطي المرتفعات والجبال الوعرة معظم أرجاء رواندا. وتتركز المرتفعات البركانية الشاهقة في الأجزاء الغربية والشمالية الغربية منها. وتمثل بحيرة كيفو ونهر روسيزي الحدود الغربية لرواندا ويشكلان جزءًا من وادي الأخدود العظيم. ويحد رواندا شرقًا نهر الكاغيرا كما أن نهر أكاينارو، يغطي أجزاء من حدود رواندا الجنوبية.وترتفع الأرض كثيرًا عند بحيرة كيفو لتصل إلى نحو 2,700م فوق مستوى سطح البحر. كما يصل ارتفاع جبال الفيرونجا الواقعة في الأطراف الشمالية الغربية إلى نحو 4,510 م.
أدّى هطول الأمطار الغزيرة في المناطق الغربية من البلاد إلى إضعاف خصوبة التربة. كما أدّى الاستغلال المكثف للأرض في النشاط الزراعي إلى تعرية التربة من مقوماتها الأساسية. وتغطي الأجزاء الشرقية من البلاد سلسلة من الهضاب التي يتراوح ارتفاعها ما بين 1,500 ـ 2,100م فوق مستوى سطح البحر.
وتبدأ هذه الهضاب في الانحدار كلما اتجهنا شرقًا. وتكون حوافها الشرقية شديدة الانحدار، بينما تغطي المستنقعات الأطراف السفلى من هذه الهضاب. وقد كانت الغابات في الماضي تغطي سفوح هذه الهضاب إلا أن معظمها أزيل للأغراض الزراعية.
يبلغ متوسط درجة الحرارة في مناطق الأخدود الإفريقي العظيم التي تقع في الأجزاء الغربية من رواندا نحو 23°م. بينما يصل متوسط المنسوب السنوي للأمطار إلى نحو 75سم. وتنخفض درجة الحرارة في المرتفعات الغربية لتصل إلى نحو 17°م، بينما يرتفع المعدل السنوي من الأمطار ليصل إلى 147سم. وتزداد مُعدَّلات هطول الأمطار على جبال فيرونجا، أما في الهضاب، فتصل درجة الحرارة في المتوسط إلى نحو 20°م. بينما يبلغ المعدل السنوي للأمطار نحو 120سم.
رواندا قطر إفريقي يقع في وسط شرق إفريقيا. تنتشر المدن الصغرى والقرى والمزارع على امتداد أرياف هذا القطر. توضح الصورة شارعًا في مدينة جيتارما. |
الموارد الاقتصادية:
يعمل معظم سكان رواندا في الزراعة، إلا أن النشاط الزراعي يعتبر للإعاشة في المقام الأول. وتشمل المحاصيل الزراعية: الموز والفاصوليا والمنيهوت (الكسافا) والذرة والبطاطا الحلوة. ويُعنى بعض سكان الريف بتربية الأبقار. ويحتل البن موقع الصدارة بالنسبة للصادرات. ومن الصادرات المهمة أيضًا، الشاي وحشيشة الحُمَّى. وتتنوع المحاصيل الزراعية بحسب معدلات الارتفاع عن مستوى سطح البحر.فعلى سبيل المثال، يُزرع نوع من أنواع البن المنشط في بعض المناطق التي يصل ارتفاعها إلى 1,370م فوق مستوى سطح البحر. ويُستخدم هذا النوع من البن في إنتاج القهوة السريعة الذوبان. أمَّا المناطق التي يتراوح ارتفاعها ما بين 1,370 ـ 1,800م، فيزرع فيها البن العربي وهو النوع الذي يحتاج ترشيحًا قبل الاستخدام.
وفي مجال التعدين يأخذ القصدير، والوولفرامايت موقع الصدارة، حيث يشكلان نحو ربع إجمالي صادرات البلاد. وتعاني رواندا من شحٍ كبير في إمكاناتها الصناعية. كما أنها تفتقر لخطوط السكك الحديدية بالإضافة إلى أن معظم الطرق البرية تُرابية. ويوجد مطار دولي يقع في مدينة كيجالي وقد ظل التعاون قائمًا بين ما كان يسمى برواندا وأوروندي. فقد كانت صادرات رواندا تشحن عبر أوروندي، ليتم تصديرها إلى الخارج عبر موانئ دار السلام في تنزانيا، ولوبيتو في إنجولا، وبيرا في موزمبيق. غير أن هذا التعاون الوثيق لم يدم طويلاً. إذ تدهورت العلاقات بين رواندا وبوروندي إثر الحرب التي دارت بين قبائل الهوتو والتوتسي. ولهذا تلجأ رواندا كلما كان ذلك ممكنًا ـ إلى نقل صادراتها برًا إلى كمبالا، ليتم نقلها بالقطارات إلى ميناء ممبسا في كينيا، وعليه فقد أصبح من الصعب على رواندا تصدير منتجاتها واستيراد احتياجاتها بسبب التكاليف العالية التي تتطلبها هذه العمليات.
نبذة تاريخية:
تعتبر قبائل الهوتو ومحترفو الصيد من الأقزام من أوائل السلالات العرقية التي استوطنت مايسمى الآن برواندا وقد تعرضت هذه البلاد قبل نحو 600 عام إلى غزو خارجي، قادته قبائل التوتسي القادمة من الشمال. وقد اشتهرت هذه القبائل بقدراتها القتالية وبامتلاكها لقطعان من الماشية ذات القرون الكبيرة.، وقد عجزت قبائل الهوتو عن صَدِّ هجوم قبائل التوتسي وإثر هذه الهزائم وافقت القبائل التي تعرضت للهزيمة، على أن تكون في خدمة رؤساء القبائل المنتصرة، في مقابل توفير الحماية لهم وتمكينهم من الاستفادة من بعض الأبقار التي تمتلكها قبائل التوتسي ووفقًا لهذه الترتيبات استمرت قبائل التوتسي في السيطرة على مقدرات البلاد في رواندا حتى عام 1959م.سيطرت ألمانيا على المنطقة التي تسمى حاليًا رواندا، وبوروندي عام 1897م وضمتها إليها باعتبارها جزءًا ممّا كان يسمى بشرق إفريقيا الألمانية. وفي عام 1916م تمكنت بلجيكا من السيطرة على هذه المنطقة فيما كان يسمى آنذاك رواندا ـ أوروندي ـ مستغلة انشغال ألمانيا بالحرب العالمية الأولى. وعقب عام 1918م فقدت ألمانيا كل مستعمراتها في القارة الإفريقية. وإثر هذا أصبح إقليم رواندا ـ أوروندي تحت وصاية الأمم المتحدة. وكُلًِّفت بلجيكا بإدارة هذا الإقليم وذلك في عام 1923م. ★ تَصَفح: إقليم تحت الانتداب ؛ رواندا أوروندي.
وفي عام 1959م بدأت القلاقل السياسية تظهر بين قبائل التوتسي والهوتو، إثر مقتل الملك مُوامي موتارا الثالث وقد أثار هذا الأمر حنق قبائل الهوتو على التوتسي وترتب على هذا نشوب قتال ضار بين هاتين القبيلتين تمخَّض عنه مقتل 150,000 شخص من أفراد القبيلتين، غير أن الخسائر الأكبر كانت في صفوف قبائل التوتسي. وأثناء هذا القتال الضاري اضطر نحو 150,000 من أبناء قبائل التوتسي إلى الهرب والنزوح إلى بوروندي وغيرها من الدول المجاورة. وفي عام 1961م صوَّت السكان في رواندا لصالح النظام الجمهوري. وانفصلت رواندا عن أوروندي وأصبحت كل منهما دولة مستقلة في الأول من يوليو عام 1962م. وتم تنظيم انتخابات عامة في رواندا تمخَّض عنها انتخاب جريجويري كيباندا أوّل رئيس للبلاد. وتم إعادة انتخابه رئيسًا للبلاد لفترتين رئاسيتين عام 1965م وعام 1969م. وفي عام 1973م حدث انقلاب عسكري قاده اللواء جوفينال هابياريمانا وإثر ذلك تم إقصاء كيباندا عن السلطة، كما حَلَّ المجلس التشريعي للدولة ونَصَّبَ قائد الانقلاب نفسه رئيسًا للدولة، وعيَّن مجلسًا للوزراء من العسكريين. وخلال عقد السبعينيات من القرن العشرين عمل اللواء هابياريمانا تدريجيًا على إحلال المدنيين محل العسكريين.
وفي عام 1978م تمَّ انتخاب هابياريمانا رئيسًا للبلاد وأعيد انتخابه مرتين أخريين عام 1983م وعام 1988م.
وتمكنت رواندا من تحقيق بعض التقدم الاقتصادي خلال الفترات الرئاسية المتعاقبة للرئيس هابياريمانا. وقد تمثِّل هذا التقدم في زيادة معدلات الإنتاج بالنسبة لبعض السلع. ومع هذا يظل الفقر من المشكلات التي تعاني منها رواندا، مما يجعلها في حاجة مستمرة للمساعدات الخارجية.
وفي أكتوبر 1990م، بدأ المتمردون في الحركة الوطنية الرواندية في شن هجمات علي الحكومة. كان أغلب هؤلاء المتمردين من التوتسي الذين يعيشون في المنفى بأوغندا. وفي عام 1991م، عدلت الحكومة الدستور ليسمح بالتعددية الحزبية.
وفي أغسطس 1993م، وقعت الحكومة اتفاقية سلام مع الحركة الوطنية الرواندية. وفي أبريل 1994م لقي الرئيس هابياريمان مصرعه في حادث تحطم الطائرة المقلة له. نقضت مليشيات الهوتو اتفاقية السلام وقتلوا أكثر من نصف مليون نسمة أغلبهم من التوتسي. وشكل الهوتو حكومة لم تعترف بالحركة الرواندية الوطنية. وفي منتصف يوليو استطاعت قوات الحركة من إلحاق هزيمة كبيرة بقوات الهوتو وسيطرت على الحكومة. عينت الحركة حكومة تعددية ضمت بعض الهوتو المعتدلين. نزح أكثر من مليوني مواطن أغلبهم من الهوتو هربًا من قوات الحركة واستقر أغلبهم في منطقة حول مدينة جوما في الكونغو الديمقراطية. لقي عشرات الآلاف من اللاجئين حتفهم من الجوع أو من الكوليرا وغيرها من الأمراض. وفي عامي 1996م و1997م، استطاع الثوار في زائير من الاستيلاء على السلطة، وغيروا اسم بلادهم إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية. اضطر اللاجئون الروانديون إلى إخلاء معسكراتهم، وعاد بعضهم إلى رواندا بينما نزح الكثيرون إلى مناطق الكونغو الداخلية والأقطار المجاورة.
★ تَصَفح أيضًًا: بوروندي ؛ كيجالي.