الرئيسيةبحث

فيلادلفيا ( Philadelphia )



قاعة المدينة في فيلادلفيا (وسط الصورة) من أكبر قاعات المدن في الولايات المتحدة، وتستوعب مساحتها مجمعًا من أربعة مبان مربعة، تضم بعض ناطحات السحاب وساحة عريضة، ومجمعًا للمصارف والمكاتب. ولقد أصبح هذا المجمع معلماً بارزاً في برنامج تحديث مدينة فيلادلفيا.
فيلادلفيا مدينة أمريكية، هي مهد نشأة الولايات المتحدة الأمريكية. يبلغ عدد السكان 1,585,577 نسمة. أما عدد سكان هذه المدينة مضافًا إليه سكان ضواحيها فإنه يصل إلى 5,892,937 نسمة. في قاعة الاستقلال التاريخية جاء إلى حيز الوجود حدثان مهمان هما: إعلان الاستقلال، وصياغة الدستور الأمريكي. ولقدكانت تلك المدينة عاصمة المستعمرات الأمريكية خلال معظم سني الثورة الأمريكية (1775 - 1783م).

وتعد فيلادلفيا حسب تعداد عام 1990م خامسة كبريات مدن الولايات المتحدة، إذ بلغ عدد سكانها نحو 1,5 مليون نسمة.

وتقع فيلادلفيا في الجنوب الشرقي من ولاية بنسلفانيا على نهر ديلاوير، الذي يصب في المحيط الأطلسي، مما ساعد على أن تصبح فيلادلفيا من أكبر الموانىء الواقعة على مياه عذبة في القطر كله. والمدينة فضلاً عن ذلك، مركز من مراكز الولايات المتحدة للثقافة، والتعليم، وشؤون المال، والرعاية الصحية.

أنشأ مدينة فيلادلفيا عام 1682م وليم بن، وهو إنجليزي ينتمي إلى فئة الكويكرز. ووليم هذا الذي سبق له أن تعرض للاضطهاد والأذى بسبب معتقدات الكويكرز، هو نفسه الذي خطط لأن تكون فيلادلفيا مركزاً للحرية الدينية. يعني اسم فيلادلفيا في اللغة الإغريقية الحب الأخوي، لذا فانها عرفت باسم مدينة الحب الأخوي. ولقد عُرفت هذه المدينة كذلك باسم مدينة الكويكرز لأن كثيرًا من أوائل المستوطنين فيها كانوا من هذه الجماعة. ويتخذها الكويكرز الأمريكيون اليوم المقر الرئيسي لجماعتهم. وقد أصبحت فيلادلفيا في القرن الثامن عشر أكبر وأغنى مدينة في المستعمرات الأمريكية.

يندر أن نجد في الولايات المتحدة مدنًا تضارع فيلادلفيا في مجال المعالم التاريخية التي تجذب الأنظار. ففي كل عام يثير مشاعر ملايين الزوار مشهد قاعة الاستقلال وجرس الحرية. ويستمتع كثير منهم بالتجول في قاعة النجارين حيث قام بنجامين فرانكلين وتوماس جيفرسون وغيرهما من أوائل القادة بوضع الأسس لوطن جديد. كذلك يفخر أهل فيلادلفيا بفرقتها الموسيقية ذات الشهرة العالمية وبكلياتها وجامعاتها الممتازة، وبمتنزهاتها ذات المناظر الجميلة وبمتاحفها التي لا تُضارَع للفنون والتاريخ والعلوم.

تواجه فيلادلفيا مشكلات مثل التي نجدها في غيرها من المدن الكبرى. فمثلاً يعيش الآلاف من سكانها في أحياء فقيرة، وكثير منهم تلقوا تعليمًاً قاصرًا، ولا يملكون أية مهارات تؤهلهم لعمل، ودخولهم قليلة بل إن كثيراً منهم ليس لهم أعمال يرتزقون منها. ومثل هذه الظروف تسهم في رفع نسبة الجرائم في المجتمع. وفيلادلفيا لا تملك الأموال الهائلة التي تحتاج إليها للتغلب على هذه المشكلات.

البيوت المصفوفة أكثر أنواع المنازل انتشارًا في فيلادلفيا. ويميزها أن بين كل بيت والبيت المجاور له، حائطًا واحدًا على الأقل مشتركًا بينهما. وقد بنيت هذه المنازل ذات الطابقين أو الطوابق الثلاثة من الطوب.

المدينة:

تبلغ مساحة فيلادلفيا حوالي 375 كم² بما في ذلك 23كم² من المسطحات المائية الداخلية. وتقع فيلادلفيا في مقاطعة فيلادلفيا. ولما كانت حدود المدينة هي نفسها حدود مقاطعة فيلادلفيا نفسها فلا غرو أنها مدينة ومقاطعة في آن واحد.

ويجري نهر ديلاوير إلى الجنوب والشرق من فيلادلفيا، وبذلك فإنه يفصل بينها وبين ولاية نيوجيرسي. ويعبر نهر شويلكل فيلادلفيا ويصب في نهر ديلاوير عند الطرف الجنوبي للمدينة. وتقع بين النهرين فيلادلفيا الوسطى التي تعرف بالمدينة الوسطى. وتقع الأحياء السكنية الرئيسية في فيلادلفيا إلى الشمال والجنوب والغرب من المدينة الوسطى. وتضم المنطقة الشمالية قسمين كبيرين يُعرفان بفيلادلفيا الشمالية وفيلادلفيا الشرقية.

تبلغ المساحة التي تحتلها قاعة المدينة الضخمة نحو هكتارين في وسط المدينة. وهي من أكبر قاعات المدن في الولايات المتحدة. والقاعة مبنية من حجر الجرانيت الأبيض والرخام. ويعلو مقدمتها برج نُصب على قمته تمثال من البرونز لوليم بن. ويعد هذا التمثال الذي يبلغ طوله 11م، ويصل وزنه إلى 24,278كجم أضخم تمثال منحوت ومنصوب فوق مبنى في العالم كله. وتبلغ المسافة من سطح الأرض إلى قمة التمثال قرابة 167م.

وتقع أهم منطقة تاريخية في فيلادلفيا إلى الشرق من سوق المدينة. وهي تحيط بمتنزه الاستقلال القومي التاريخي الذي تبلغ مساحته 9 هكتارات ويضم قاعة الاستقلال. ويؤم الزوار هذه القاعة الجميلة التي بنيت بالطوب الأحمر على شارع تشيسنات ليشاهدوا بداخلها الحجرة التي تم فيها إقرار إعلان الاستقلال والدستور. أما جرس الحرية الذي دق عام 1776م إيذانا بإقرار إعلان الاستقلال، فيُرى معلقاً داخل مبنى زجاجي بالقرب من قاعة الاستقلال. وتقع قاعة الكونجرس التي ظلت مقرا له من عام 1790م إلى عام 1800م وقاعة كاربنتر حيث عقد الاجتماع الأول للكونجرس القاري عام 1774م.

يصطف على جانبي زقاق إلفرث وهو شارع ضيق مرصوف بالحجارة يقع بين شارعي آرش وريس حوالي 35 منزلاً بُنيت بالطوب في أوائل القرن الثامن عشر. ويعدُّ هذا الشارع أقدم شارع في الولايات المتحدة الأمريكية، ظلت منازله مسكونة بصفة مستمرة منذ أن تم تشييدها. وفي الشارع الخامس أكبر مصنع لسك العملة في الولايات المتحدة، إذ ينتج كل عام ما يعادل 350 مليون دولار أمريكي من العملات المعدنية.

السكان:

ظلت فيلادلفيا تجتذب الملايين من المهاجرين منذ عهد المستعمرات. ومعظم هؤلاء المهاجرين قدموا إليها من أوروبا، بينما ارتحلت إليها كذلك أعداد كبيرة من السود قادمين من جنوبي الولايات المتحدة. ومن ثم نجد اليوم أن ثلاثة أخماس سكان المدينة من البيض ومعظم البقية من السود.

الجماعات العرقية:

كان أول المستوطنين الذين قدموا بصحبة وليم بن إلى فيلادلفيا هم جماعة الكويكرز من أهل إنجلترا وويلز، ثم توالت هجرة الأوروبيين في ثلاث موجات رئيسية شملت أولاها قدوم أعداد كبيرة من الإنجليز طوال القرن الثامن عشر. وفي الموجة الثانية التي استمرت بين الثلاثينيات والأربعينيات من القرن التاسع عشر الميلادي قدمت أعداد كبيرة من الأسر من إنجلترا وألمانيا وأيرلندا وأسكتلندا وويلز. أما في الموجة الثالثة التي حدثت في أوائل القرن العشرين، فقد قدم كثير من المهاجرين من النمسا والمجر وإيطاليا وبولندا وروسيا.

بدأ السود يهاجرون إلى فيلادلفيا خلال القرن السابع عشر، لأن معتقدات الكويكرز تنص على المساواة بين الأعراق. وحل بالمدينة آلاف من السود الجنوبيين أثناء الحرب العالمية الثانية 1939 - 1945م وبعدها.

ويعيش في فيلادلفيا اليوم نحو 640,000 من السود أي نحو 40% من سكان المدينة. وهم أكبر الجماعات العرقية فيها، ويليهم المنحدرون من أصل إيطالي، ثم المنحدرون من أصل أيرلندي أو ألماني. وتشمل الجماعات الكبيرة الأخرى الجماعات ذات الأصل الإنجليزي أو البورتوريكي أو البولندي أو الروسي أو الأوكراني.

يقيم نصف سكان فيلادلفيا من السود في فيلادلفيا الشمالية، بينما يقيم معظم الإيطاليين في فيلادلفيا الجنوبية. أما أبناء وأحفاد المهاجرين، فيسكنون في الأحياء الحديثة في فيلادلفيا أو في الضواحي.

المشكلات الاجتماعية:

تواجه فيلادلفيا، كغيرها من المدن الكبيرة، مشكلات مثل الجرائم والفقر. ومعظم الفقراء من السود أو الناطقين باللغة الأسبانية. فهؤلاء يعانون التفرقة العنصرية أو الافتقار إلى التعليم والمهارات العملية، ويعيشون في مساكن متهالكة. كثير منهم لا عمل لهم، وكثيرون غيرهم يعملون لساعات طويلة مقابل أجور زهيدة. كل هذه الظروف أسهمت في ارتفاع نسبة الجريمة بالمدينة.

الاقتصاد:

تعدُّ فيلادلفيا من أهم المراكز التجارية في الولايات المتحدة، كما ظلت لسنوات عديدة من أهم المدن الصناعية في العالم. غير أنه منذ عام 1950م تقريباً بدأت الصناعات فيها تتضاءل. بينما نمت الأعمال المتعلقة بالخدمات. أصبح اعتماد فيلادلفيا على الصناعات أقل من اعتماد معظم مثيلاتها من كبريات مدن الولايات المتحدة. وتستخدم أعمال الخدمات نحو 90% من العاملين في المدينة. أهم هذه الأعمال التجارة، وسوق المال، والرعاية الصحية.

تعتمد تجارة الجملة في فيلادلفيا اعتمادًاً كبيرًا على ميناء المدينة، فميناء فيلادلفيا من أكبر الموانئ الواقعة على مياه عذبة في الولايات المتحدة، ويمر عبره ما يقرب من 27 مليون طن متري من البضائع سنويًا. وتزدهر تجارة التجزئة في فيلادلفيا بفضل الأعداد الكبيرة من السياح الذين يأتون لزيارة المدينة.

تستوعب الصناعة 10% من العمالة في فيلادلفيا التي تحتل المرتبة الثالثة بعد نيويورك ولوس أنجلوس في إنتاج الملابس في الولايات المتحدة. وتعد فيلادلفيا من أهم المدن المنتجة للكيميائيات والمصنوعات المعدنية والأغذية المصنَّعة. ويوجد في فيلادلفيا حوالي 150 مصنعًا للملابس وأهم منتجاتها بذلات العمل والملابس النسائية.

وصناعة المواد الكيميائية من الصناعات التي لا تزال تنمو بسرعة في فيلادلفيا. وتعد الأدوية أبرز منتجاتها الكيميائية، كما تشمل المنتجات الكيميائية الصناعية والمبيدات الحشرية.

نبذة تاريخية:

كان هنود ديلاوير يقيمون في الموقع الحالي لفيلادلفيا قبل قدوم الأوروبيين بوقت طويل. وفي أوائل القرن السابع عشر زار هذا الموقع بعض البحارة الإنجليز والهولنديين، إلا أن أول من أقام به أسر من السويد، وكان ذلك في الأربعينيات من القرن السابع عشر. ثم تقاتل الهولنديون والإنجليز والسويديون من أجل التحكم في المنطقة، وأخيرًا انتصر الإنجليز عام 1674م.

في عام 1681م أصدر ملك إنجلترا تشارلز الثاني مرسومًاً يخول لوليم بن إنشاء ما أصبح فيما بعد مستعمرة بنسلفانيا. واختار وليم موقع فيلادلفيا مقراً للعاصمة. وكان يراها مدينة البلاد الخضراء على حد تعبيره. وحل وليم بالموقع عام 1682م، ومن ثم أصبحت المدينة عاصمة بنسلفانيا عام 1683م.

وقبل أن يغادر وليم بن أوروبا أعلن أنه يضمن للناس حرية العبادة فتقاطر إلى فيلادلفيا الآلاف من الذين كانوا يعانون الاضطهاد.

وفي عام 1723م جاء إلى فيلادلفيا من بوسطن تلميذ في صناعة الطباعة يدعى بنجامين فرانكلين وعمره حينذاك 17 عاماً. ولم تمض سنوات قلائل حتى أصبح الشاب أشهر القادة المدنيين المعروفين.

★ تَصَفح أيضًا: بن، وليم ؛ فرانكلين، بنجامين ؛ جرس الحرية.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية