أما اللهجة الصينية الغالبة في بنانج التي يتحدث بها الصينيون هناك فهي اللهجة الهوكينية. وبالإضافة إلى هذا فهناك جماعات صينية كبيرة من التيوشِيُو والكانتونيين والهاينانيين. وفي بنانج مجموعات ذات أعراق مختلفة أكثر من أي منطقة أخرى في ماليزيا. ولكل جماعة عاداتها الخاصة بها وتقاليدها واحتفالاتها وأديانها.
وهناك أماكن مختلفة وكثيرة للعبادات من بينها المساجد. ويمكن ملاحظة الاختلافات العرقية أيضًا في أنواع الأطعمة المختلفة المنتشرة بين السكان وفي الملابس الوطنية، إضافة إلى اللغات.
يعمل معظم الناس في أعمال لا تتعلق بالزراعة، فهناك ثلاثة قطاعات لها أهميتها هي: شحن البضائع، والصناعة، والسياحة. وبالإضافة إلى ذلك فإن هناك عددًا من العمال يعملون بشكل مباشر في المرافئ والأرصفة. ومع هذا فهناك عدة نشاطات أخرى فرعية لها أهميتها في هذا المجال. ومن بين هذه النشاطات العديد من الصناعات الرئيسية التي تصدّر إلى الخار ج، وتوزيع البضائع المستوردة. وفي المقاطعة عدد كبير من المصارف، والشركات التجارية، ومكاتب الشحن البحري التي تشحن صادرات بنانج. ولهذه الولاية قطاع صناعي مهم في كل من الجزيرة والأرض الرئيسية، ومن بين المصانع الرئيسية الكبيرة في البلاد: التعليب، ومصانع التعبئة، وصناعة الأغذية، وأعمال الحديد والفولاذ. ومنذ أوائل السبعينيات من القرن العشرين فتحت أعداد كبيرة من المصانع ذات التقنية العالية. ومن بين منتجاتها الإلكترونيات، والأدوات الكهربائية، والأقمشة والملابس. وقد ساعدت حكومة الولاية والحكومة الفيدرالية هذه الصناعات بأن أنشأت مناطق صناعية حيث نظفت الأراضي وجففتها، وبنت الطرق، وأمدتها بالقوى الكهربائية.
وللسياحة أهمية خاصة بين الصناعات في بنانج كما أنها أوجدت الكثير من وظائف العمل في الولاية. وقد أصبحت جزيرة بنانج مقرًا رئيسيًا للسياحة الداخلية والخارجية، وتصل إليها أفواج السائحين من سائر أنحاء العالم. وأدى هذا إلى ازدياد في عدد الفنادق الممتازة المريحة والتوسع فيها، كما أقيمت العديد من المرافق الرياضية التي أدت إلى ظهور عدد كبير من الوظائف في البلاد.
جبل بنانج وبه سكة حديدية معلقة بنيت سنة 1923م. وهناك مناظر جميلة يراها الإنسان عندما يطل منها على الجزيرة والأرض الرئيسية. |
تشكل مقاطعة ولزلي جزءًا صغيرًا من السهل الساحلي الغربي الذي يمتد بطول شبه جزيرة ماليزيا. وليس هناك سوى جبل بخيت مرجان (بكيت ميرتاجام) الذي يبدو مرتفعًا ارتفاعًا شديدًا بمقدار 540 مترًا تقريبًا وهو الذي يغير من امتداد سهل الأراضي المنخفضة. وهناك غطاء واسع من أشجار جوز النيبا والمانجروف في المناطق الساحلية. أما المدينة الرئيسية في مقاطعة ولزلي فهي بتروورث، وهي تقع عبر المضيق مواجهة لمدينة جورج تاون.
ولهذه الولاية شبكة اتصالات ممتازة داخلية مع بقية أجزاء ماليزيا. ويتولى مطار بايان ليباس الموجود في جزيرة بنانج شؤون الطيران الداخلي والخارجي. وهناك مجمّع ميناء رئيسي يتضمن جورج تاون على الجزيرة وبتروورث على الأرض الرئيسية. وتمر السكك الحديدية الرئيسية بالساحل الغربي عبر مقاطعة ولزلي حتى تتصل بكايدا وتايلاند في الشمال، وبولايات الساحل الغربي الرئيسية إضافة إلى سنغافورة في الجنوب. ويوصل جسر بنانج الجزيرة بشبكة الطرق الممتدة في الأرض الرئيسية.
كانت جزيرة بنانج أصلاً جزءًا من سلطنة كايدا الملايوية. وفي سنة 1786م تنازل سلطان كايدا عن بنانج وأعطاها لشركة الهند الشرقية البريطانية لكي يحصل على الحماية البريطانية ضد أي هجوم محتمل تشنه عليه سيام (تايلاند) أو بورما في الشمال. وهكذا فإن شركة الهند الشرقية البريطانية حصلت على منطقة تجارية مهمة في جنوب شرقي آسيا تستطيع منها أن تتحدى قوة هولندا التجارية. وكانت تلك القاعدة تسيطر على المدخل الشمالي لمضيق ملقا. وقام فرانسيس لايت التاجر البريطاني الذي أوكلت إليه مفاوضة السلطان، بتسلم بنانج باسم الملك جورج الثالث في أغسطس 1786م. وفي عام 1800م أجّر سلطان كايدا أيضًا مقاطعة ولزلي لشركة الهند الشرقية.
كانت بنانج أول الممتلكات البريطانية في الملايو. وفي عام 1826م ضم البريطانيون بنانج إلى مقاطعة ولزلي وملقا وسنغافورة لتشكل كلها وحدة إدارية واحدة هي مستعمرة المضايق. وكانت العاصمة الأصلية في بنانج، ولكنها نقلت إلى سنغافورة سنة 1832م.
كانت التجارة أساس ازدهار بنانج تحت الحكم البريطاني. وكان موقعها الجغرافي قد منحها السيطرة على تجارة الأجزاء الشمالية الغربية من شبه جزيرة الملايو، والجزء الغربي البحري من جنوبي تايلاند وساحل سومطرة الشرقي.
وكان مرفَؤُها المحمي من الأعاصير في الممر بين الجزيرة وبين أرض الملايو الرئيسية قد جذب كثيرًا من السفن الشراعية الأوروبية والسفن التجارية بل والزوارق الصغيرة المحلية. ومنذ أواسط القرن التاسع عشر، أصبحت بنانج مركزًا لتجميع عدد من السلع المحلية الرئيسية وتصنيعها وتجديدها. ويتضمن هذا النشاط أعمال الصفيح والمطاط المنتج في شبه جزيرة الملايو وتايلاند وسومطرة. وكان التجار الآسيويون المحليون يجلبون هذه السلع إلى الميناء لتصنيعها جزئىًا ثم شحنها للأسواق الصناعية في أوروبا وأمريكا الشمالية. وكانت هناك أيضًا تجارة مهمة في الاتجاه المقابل، فقد كانت البضائع المصنوعة تَرِدُ من الدول الصناعية، ومن بين تلك المصنوعات الأقمشة القطنية. وقد استوردت بكميات ضخمة إلى بنانج. وكان التجار المحليون يوزعونها على أنحاء البلاد الداخلية المختلفة وذلك بنقلها على زوارق شراعية صغيرة تتنقل على الأنهار.
هاجرت أعداد كبيرة من العمال الصينيين والهنود عن طريق بنانج وهم يتجهون نحو مناجم القصدير ومزارع المطاط في أراضي الملايو الرئيسية. وخلال القرن التاسع عشر تطورت بنانج وأصبحت ميناء دوليًا كبيرًا، ومركزًا تجاريًا يسكنه سكان من مختلف الأجناس. وكان العمال الصينيون والهنود يعملون في الأرصفة وفي المخازن والصنادل البحرية ومصانع الأطعمة. وكان أغنياء الصينيين والهنود الذين يقرضون الأموال يسيطرون على شبكة توزيع البضائع. وكانت الشركات التجارية الأوروبية والمصارف تتولى تجارة الميناء الدولية. وكان البريطانيون هم الذين يديرون دفة الحكم في الجزيرة. وظلت عاصمة الحكم في مستعمرة المضايق في سنغافورة. وفي الستينيات من القرن التاسع عشر هددت الاضطرابات التي اندلعت في ولايات الملايو ازدهار بنانج، كما أنها خفضت إلى حد كبير تدفق القصدير عبر الميناء. فأعاد البريطانيون النظام في الأرض الرئيسية في أوائل السبعينيات من القرن التاسع عشر. وفي نهاية ذلك القرن أصبحت بنانج مدينة ملايوية إلى حد كبير، تتولى خدمة الأراضي الملايوية الداخلية.
احتل اليابانيون بنانج وحكموها بين سنة 1942م و 1945م ثم استعادها البريطانيون بعد هزيمة اليابان. ثم تكوّن اتحاد الملايو الفيدرالي سنة 1948م، وقد شمل كل الولايات التي في شبه الجزيرة بالإضافة إلى ملقا وبنانج. وفي 31 أغسطس سنة 1957م أصبح اتحاد الملايو مستقلاً استقلالاً تامًا.
★ تَصَفح أيضًا: ماليزيا.