الرئيسيةبحث

القلم ( Pen )



القلم أداةٌ للكتابة. كان يتخذ قديمًا من أعواد الخيزران والقصب أو الريش. وللعرب آداب وتقاليد في بري القلم وطريقة الاحتفاظ به. كان، ولا يزال، لكل نوع من الخطوط قلم خاص يقتضي قطعًا وبريًا مميزًا. والقلم عند المسلمين يعد رمزًا للخدمات المدنية، كما كان السيف رمزًا للخدمات الحربية ؛ لذا نجد أن الأدباء مثل ابن نباتة وابن الوردي اتخذوا من هذين الرمزين محورًا دارت حوله كثير من المقامـات والمناظــرات. أقسم الله به في القرآن فقـال: ﴿ن. والقلم وما يسطرون﴾ القلم: 1.

عرفت الأقلام لآلاف خلت من السنين. وتعد الأقلام في العصر الحديث من أكثر وسائط الكتابة انتشارًا. وهناك خمسة أنواع أساسية من أقلام الحبر تنتشر اليوم هي: 1- أقلام الحبر الجاف. 2- أقلام الحبر السائل 3ـ الأقلام لينة السن. 4- الأقلام الدوارة السن. 5- أقلام الأغراض الخاصة.

أقلام الحبر الجاف:

لهذا النوع من الأقلام كرات دقيقة الحجم من النحاس الأصفر أو الفولاذ أو كربيد التنجستن للكتابة. كما أن لها مستودع حبر يتصل مع سن الكتابة بأنبوب دقيق. وأثناء انسياب سنِّ القلم على سطح الورق تتدحرج كرةٌ دقيقةٌ في مؤخرة القناة المتصلة بالأنبوب فتنقل الحبر على الورق. وللكثير من هذه الأقلام أغطية من البلاستيك لتحفظ سنَّ القلم من الجفاف. كما أن لبعضها أزرارا تضغط عند مؤخرتها فتدفع العمود الحامل لسنِّ الكتابة إلى خارج تجويف القلم أو تسحبه إلى الداخل.

ينساب الحبر من المستودع إلى سن القلم بفعل الجاذبية في معظم هذه الأقلام، ولذلك تصعب الكتابة بها عندما تكون في وضع جانبي أو في وضع مائل لأعلى، إلا أن بعض أنواعها مُصمَّم بتجويف يهيئ ضغطًا طفيفًا داخل قناة التحبير، تؤمِّن انسياب الحبر إلى المقدمة حتى لو كان وضع القلم مقلوبًا.

والحبر المستعمل في هذه الأقلام من نوعٍ كثيف لزج ذي تدفق منضبط حول سنِّ القلم، لكنه يجعل الكتابة بهذه الأقلام أقل نعومة وانسيابًا من الكتابة بمعظم الأنواع الأخرى من الأقلام.

أقلام الحبر السَّائل:

يصمم جزؤها المخصص للكتابة في شكل مثلَّث عمومًا، ويعرف باسم الرِّيشة. وتصنع السن من الذهب أو الفولاذ غير القابل للصَّدأ. ويتكون تجويفه الأمامي من عدة قنوات دقيقةٍ تُعرف بقنوات الإمداد تقوم بتوصيل الحبر من مستودع (خرطوشة) إلى سنِّ الكتابة. ويمكن استبدال خرطوشة الحبر الفارغة في كثير من الأقلام. كما أن لبعض الأقلام مستودعًا مدمجا بداخلها يمكن تعبئته بالحبر السائل من مصدر منفصل.

يعتمد هذا النوع من الأقلام على أحبارٍ فائقة السيولة. كما تعتمد على الخاصية الطبيعية المعروفة بالخاصية الشعرية لضمان انسياب الحبر من المستودع إلى قنوات الإمداد، ومن خلالها. تندفع جزيئات الحبر السائل إلى جدران القنوات الدقيقة بفعل الجاذبية الشعرية، ثم تقوم هذه الجزيئات بجذب المزيد من السائل بلا انقطاع، مما يديم انسياب الحبر من المستودع إلى تجاويف قنوات الإمداد.

يتوافر مع قنوات الإمداد عدد من قنوات الهواء متصلة بمستودع الحبر في هذا النوع من الأقلام، إذ يقوم الهواء بملء الفراغ داخل المستودع كلما ازداد نُقصَان الحبر. وبهذا يتعادل ضغط الهواء داخل فراغ المستودع من الضغط الجوي الخارجي، فلا يختلُّ انسياب الحبر. ويحدث هذا الاختلال عندما يقلُّ الضغط داخل المستودع عن الضغط الجوي العام، فلا يتمكن الحبر من الانسياب إلى سنِّ الكتابة فتتوقف. وقد يحدث العكس عندما يقل معدل الضغط الجوي عن الضغط الواقع على مخزون الحبر داخل المستودع، فينتج عنه تدفق زائد للحبر نحو مقدمة القلم. وقد زودت ريشة الكتابة بزوائد ناتئة في شكل زعانف قصيرة، تتوسطها فجواتٌ منتظمةٌ تسمى مجمعات للفائض من الحبر، فتقلل من تدفقه.

الأقلام لينة السن:

وتعرف أيضًا باسم الأقلام المسامية المستدقة، وتتميز أسنانها بنعومة نسبية في الكتابة. من هذه الأنواع المسامية أقلام اللّبّاد ؛ إذ إن لها أسنانًا للكتابة مصنوعة من مادة مخملية كاللباد، وأخرى مصنوعة من بلاستيك إسفنجي قابل للامتصاص.

وتستعمل أحبارٌ سائلةٌ بألوان زاهيةٍ مع الأقلام لينة السن. ولهذه الأقلام مستودعاتٌ للحبر من نوع يسمى الخزان الشعري يحتوي على مادة صناعية خاصة مكونة من عدّة ألياف، قادرة على الاحتفاظ بالحبر كما يحتفظ الإسفنج بالماء. وتقوم مادة اللّباد الممتدة من سن القلم بتوصيل الحبر من الخزان إلى الورق.

الأقلام الدوارة السِّن:

تجمع هذه الأقلام بعض الخواص من كلٍّ من قلم الحبر الجاف، وقلم الحبر السائل وقلم اللبّاد. ومن هذه الخواص الجسم الكروي الدوار في نهاية سن الكتابة، على شاكلة القلم الجاف، وإن تميز على القلم الجاف باستعماله حبرًا شديد السُّيولة يجعل الكتابة به في نعومة الكتابة بقلم الحبر السائل أو قلم اللباد.

ويُجهَّز القلم الدوّار السِّن بأحد نوعين من مستودعات الحبر: أحدهما من نوع الخزانات الشعرية كأقلام اللباد. والآخر على شاكلة خزانات أقلام الحبر الجاف. ولها كذلك فتيلةٌ ماصّة للحبر تتصل بسنّ الكتابة لتمدها بمقادير محدودة من الحبر في كل مرة تتم فيها الكتابة، وبذلك يتمُّ التحكم في إمداد الحبر فلا يتدفق.

أقلام الأغراض الخاصة:

تُصمم هذه الأقلام لوظائف خاصة. والمثال على ذلك القلم الذي يستعمله الفنانون ورسامو التصاميم الهندسية، الذي يُسمى قلم الرسم الهندسي. ولهذا القلم أسنان مختلفة المقاييس فيما يتعلق بعرض الخطوط التي تقوم برسمها، ويمكن فكها وتبديلها. كما أن هناك نوعًا آخر من الأقلام يسمى قلم الخطوط، ويستعمل لتنفيذ الكتابة بأساليب فنية تزيينية تعرف باسم فن الخط.

نبذة تاريخية:

عرفت شعوب العالم القديم شكلا بدائياً للأقلام منذ العام 4000ق.م صُنعت من أعواد الغاب والقصب المجّوف، تكفي تجاويفها لقدر محدودٍ من المداد. وخلال القرن السادس قبل الميلاد، بدأوا باتخاذ أقلامهم من ريش الأجنحة لطيور الأوز والبجع. فكانوا يلجأون إلى تقوية قصبة الريشة أولا ثم يقطعون طرفها الأسفل ويشقونه كي يصبح صالحًا للكتابة، ومن ثمَّ أخذ هذا النوع من أدوات الكتابة اسم أقلام الريشة وانتشر استعماله حتى القرن التاسع عشر الميلادي عندما تم تطوير أسنّة الأقلام التي صنعت مقدمتها من الفولاذ.

تقول المؤرخة ألبرتين جور إن الخليفة المعز لدين الله الفاطمي أمر بأن يُصنع له قلم يحمل حبره وينساب إلى ريشته ذاتيًا عند الكتابة بحيث لا تتسخ ملابسه عند حمله، فصُنع له قلم بهذه المواصفات من الذهب الخالص، وبذا يكون هو المخترع الأول لقلم الحبر السائل، وكان ذلك في أواسط القرن العاشر الميلادي.

بحلول نهاية القرن التاسع عشر الميلادي، توصل مخترعو قلم الحبر إلى إتقان اختراعهم في شكله المبكر، وقد كان تطويرًا عظيمًا على ماسبقه من أقلام نظرًا لاحتوائه على مستودع وقنوات إمداد دقيقة لضبط انسياب الحبر. وقد كانت الأقلام السابقة لهذا الاختراع تحتفظ بالقليل من الحبر، فيكثر غمسها في الحبر من حين لآخر.

قام المجري لازلو بايرو بتسجيل براءة اختراعه للقلم الجاف ـ ذي السن المكورة ـ بعد أن أصبح صالحًا للإنتاج التجاري. وخلال الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945م) فضل الطيارون استعمال أقلام بايرو لأنها لا ترشح تحت ظروف الطيران المرتفع. ونالت أقلام بايرو شهرة واسعة بعد نهاية الحرب وشاع استعمالها. أما أقلام اللبّاد وأقلام السِّن الدوّارة فقد عرفها الناس خلال العقود التي تلت عام 1960م.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية