الرئيسيةبحث

الحياد ( Neutrality )



الحياد حالة قانونية لحكومة لا تشارك في حرب. والدولة التى لاتشارك في الحروب سواء بطريق مباشر أو غير مباشر تسمَّى الدولة المحايدة.

وتُسمَّى الدول المتحاربة بالمتحاربة ويرغب المتحاربون في هزيمة أعدائهم ومنع الدول المحايدة من الاتجار معهم. وتريد الدول المحايدة البقاء خارج نطاق الحرب، كما تتوقع أن تحترم الدول المتحاربة البلد المحايد، وحرية الإبحار، وحق التجارة. ويصف الحياد وضع البلد المعترف به محايدًا بصفة دائمة، مثل سويسرا.

ومنذ أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، فإن حقوق الدول المحايدة والدول المتحاربة وواجباتها قد أصبحت جزءًا من القانون الدولي. إلا أن الدول المتحاربة قد تجاهلت مرارًا هذه الحقوق والواجبات. وفي أغلب الحالات، كان يصعب أو يستحيل إلزامها بذلك.

وقد تم تطوير قواعد الحيادية من خلال الأعراف والمعاهدات، ففي عام 1907م، وضعت مجموعة من الدول في مؤتمر السلام الثاني بلاهاي معاهدتين عن القواعد التقليدية للحياد على الأرض، وفي البحر. وكانت هذه القواعد محاولة لموازنة اختلاف المصالح المتعارضة غالبًا، للبلدان المحايدة والمتحاربة. كما أصدرت الحكومات كل على حدة قوانينها الخاصة بالحياد.

الحقوق والواجبات:

من الناحية التقليدية، فإن البلد المحايد لا يقدم المساعدة العسكرية لأيٍّ من الدول المتحاربة. وفي المقابل يجب أن تحترم الدول المتحاربة حقوق البلاد المحايدة. فلا يجب أن تتحارب على أرض بلد محايد، أو تحرك فصائلها وقواتها عبر البلاد المحايدة. فإذا دخلت قوات البلاد المتحاربة البلد المحايد يكون للبلد المحايد الحق في نزع سلاح هذه القوات واحتجازها لديه حتى تنتهي الحرب.

وقد تدخل السفن الحربية المتحاربة ميناءً محايدًا في حالة طارئة. لكنها إذا ظلت أكثر من 24 ساعة، يمكن احتجازها. ولا يجوز أن تستخدم الدول المتحاربة الموانئ المحايدة في العمليات البحرية.

والبلاد المحايدة لها الحق في الاتجار مع البلاد المحايدة الأخرى. لكن الدول المتحاربة، قد تبحث عن السفن المحايدة، فإذا كانت هذه السفن تحمل مواد حربية للعدو، يكون للدول المتحاربة الحق في مصادرة البضائع. وغالبًا ما تقرر البلاد المتحاربة لنفسها ما يُعدُّ مواد حربية، فقد تحاصر موانئ العدو وتقبض على السفن المحايدة التي تحاول أن تخترق الحصار.

الحياد الدائم:

هناك بلاد معينة ظلت على الحياد منذ زمن طويل.

سويسرا التي ترجع بدايتها كدولة إلى أواخر القرن الثالث عشر الميلاديّ رفضت أن تنحاز إلى أي جانب في الحرب الأوروبية التي حدثت في مطلع القرن السادس عشر الميلادي. ولأن الحدود السويسرية الحديثة محددة بمعاهدة في عام 1815م، فإن حيادها معترف به دوليًا. وقد أصبحت سويسرا في سلام مع العالم منذ عام 1815م، ورفضت أن تدخل في أي تحالفات سياسية. وهي ليست عضوًا في المجموعة الأوروبية التي كانت تُعرف أيضًا بالسوق المشتركة.

السويد أصبحت محايدة أيضًا منذ القرن التاسع عشر الميلاديّ ولقد ظلت خارج الحروب ولم تدخل في تحالفات عسكرية. وفي الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945م) وعقب هزيمة النرويج من ألمانيا في عام 1940م، سمحت السويد للقوات الألمانية بالمرور في أراضيها، وهي في طريقها إلى النرويج المحتلة. وتوقفت هذه السياسة في عام 1943م. ومنذ الحرب العالمية الثانية شاركت السويد إيجابيًا في العديد من المنظمات العالمية، بما فيها الأمم المتحدة.

النمسا أصبحت على الحياد منذ عام 1955م، وهو العام الذي اتُّفقَ فيه على إنهاء احتلالها بوساطة القوى الأربع المتحالفة، (الولايات المتحدة، الاتحاد السوفييتي، بريطانيا، فرنسا). وقد استخدمت النمسا وضعها المحايد في الشؤون العالمية لتوفير جسر بين الشرق والغرب، والنمسا عضو في المجموعة الأوروبية.

أيرلندا. ظلت دولة أيرلندا الحرة التي ظهرت في عام 1922م محايدة طوال الحرب العالمية الثانية، رغم التحاق بعض الأيرلنديين بخدمة القوات المسلحة البريطانية، وأصبحت الدولة الحرة جمهورية أيرلندا في عام 1948م واحتفظت منذ ذلك الحين بحيادها. ولكنها عضو نشط في الأمم المتحدة، تسهم بمبادرات المحافظة على السلام لتلك المنظمة وهي عضو في المجموعة الأوروبية.

فنلندا وقَّعت على اتفاق مع الاتحاد السوفييتي تحت اسم الميثاق الفنلنديّ ـ السوفييتيّ للصداقة والتعاون، والمساعدة المتبادلة، في عام 1948م وتجدَّد عدة مرات منذ ذلك الحين. وبموجب هذا الميثاق تمنع فنلندا أيّ هجوم من خلال أراضيها على الاتحاد السوفييتي، بوساطة جمهورية ألمانيا الفيدرالية أو حلفائها. وفي مجال الشؤون العالمية تُعرف فنلندا بأنها محايدة.

الحياد والحربان العالميتان:

حاولت بعض البلدان المتورِّطة في الحربين العالميتين في القرن العشرين في بادئ الأمر أن تظل محايدة. وفي الحرب العالمية الأولى (1914-1918م)، انتهكت ألمانيا قوانين الحياد في بداية الحرب وذلك بغزوها بلجيكا، وكان حيادها الدائم قد ضُمِن بوساطة معاهدة في عام 1931م. وظلت الولايات المتحدة على الحياد في الحرب العالمية الأولى من عام 1914م إلى عام 1917م. وخلال هذه الفترة، دافعت الولايات المتحدة عن حيادها في البحر ضد بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا. وأوقفت بريطانيا وفرنسا سفن حمولات الولايات المتحدة المتجهة إلى الدنمارك والنرويج، اعتقادًا بأن هذه الحمولات قد ينتهي بها المطاف في ألمانيا.

وفي عام 1917م، هاجمت الغواصات الألمانية السفن الأمريكية وأغرقتها بدون تحذير. وأعلنت الولايات المتحدة الحرب على ألمانيا.

وفي الحرب العالمية الثانية، فكرت الولايات المتحدة ألا تدخل الحرب بشكل مباشر، لكنها جُرّت إلى الحرب بعد هجوم اليابان على بيرل هاربر في عام 1941م.

الحياد اليوم:

إن شؤون الحرب والنمو الشامل للمنظمات مثل الأمم المتحدة، جعلت الحياد أمرًا يصعب تحديده. فقد محت شؤون الحرب العديد من الفوارق بين الأنشطة المدنية والعسكرية والمواد. وقد أبطل ذلك كثيرًا من الحجج التي استخدمها المحايدون سابقًا لدعم حقوقهم في تجارة الحياد.وتنتمي غالبية البلاد الآن إلى الأمم المتحدة، والعمل الجماعي، مثل قوة الحماية الدولية ضد أي معتد والتي لا تتفق بطرق عديدة مع الممارسات السابقة للحياد.

وقد شهد عام 1991م تفكُّك الاتحاد السوفييتي الذي كان الدولة الشيوعية الرئيسية خلال الحرب الباردة. وقد ادعَّى بعض الناس بأن الحرب الباردة قد انتهت، ولكن ذلك سيؤثر على قضايا الحياد وعدم الانحياز لكي تظل موجودة.

★ تَصَفح أيضًا: أعالي البحار ؛ القانون الدولي.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية