الرئيسيةبحث

الدين القومي ( National debt )


☰ جدول المحتويات


الدَّيْن القومي ويُعرف أحياناً بالدَّين العام، هو كمية المال التي تقترضها الحكومة لتمويل إنفاقها. وتقترض الحكومات من رعاياها، ومن المؤسسات مثل المصارف، وشركات التأمين، ومن البلدان الأخرى. ويُعرف الاقتراض من البلدان الأخرى بالدَّيْن الخارجي أو الدَّيْن الأجنبي. ويمكن للحكومات أن تُخفض من مستوى الدَّيْن القومي، برفع الضرائب أو بتقليص الإنفاق الحكومي.

في الماضي، كان السبب الرئيسي الذي حدا بالحكومات إلى الاقتراض هو تغطية تكلفة الحرب. ولكن ومنذ الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945م )، تراكمت الديون على العديد من البلدان لأسباب أخرى. واستعملت الحكومات المال المقترض للمساعدة على تغطيية تكاليف التنمية الاقتصادية، ولتحسين الظروف الاجتماعية لمواطنيها أو لتفادي الضرر الذي يحدث للبلد بسبب الكساد الاقتصادي. وتقترض العديد من الحكومات بغرض تقديم الدعم اللازم لصناعاتها المؤممة، والتي قد تُفلس وتنهار إذا لم تتحصل على الدعم اللازم. وفي بعض الأحيان تستدَين بعض الحكومات بغرض توفير الحماية لقيمة عُملتها الوطنية.

يتميز اقتراض الحكومة من المصادر الداخلية في البلد بالسهولة النسبية بالمقارنة مع الاقتراض من المصادر الخارجية. وللحصول على المبالغ اللازمة من المصادر الداخلية للقطر، تعمد الحكومة إلى بيع السندات الحكومية (وهي سندات ربوية بفائدةٍ طويلة الأجل) أو شهادات الادخار القومي. وتصدر شهادات الخزينة أو الأذونات من قبل الحكومة مع تعهد بإعادة دفع قيمة القرض بعد انقضاء فترة محددة قصيرة الأجل (ربما ثلاثة أشهر) من تاريخ الإصدار. وتقوم مؤسسات مالية متخصصة ببيع وشراء هذه الأذونات في الأسواق المالية.

يتم الحصول على الدَّيْن الخارجي حينما تتكفل حُكومة أجنبية، أو مؤسسات أجنبية مثل المصارف، بتقديم القرض. وبالنسبة للعديد من البلدان، فإن هذه تكاد تكون هي الطريقة الوحيدة للحصول على المبالغ اللازمة لتنمية الاقتصاد. وقد تقترض البلدان الأكثر فقراً من الخارج، وذلك لضمان إطعام وإسكان مواطنيها. المشكلة المتعلقة بالدَّيْن الخارجي هي أنه يجب أن يُعاد تسديده بالعملة الصعبة. ويعني هذا أنه يتعين على البلدان النامية أن تتحمل عبء زيادة صادراتها بغرض الحصول على المزيد من العملات الأجنبية وهو أمر صعب.

تكلفة الاقتراض تختلف كثيراً في حالة الاقتراض الداخلي عنها في حالة الاقتراض الخارجي. فالعوامل مثل الظروف العالمية السائدة، ومعدل التضخم السائد في الاقتصاد وقدرة البلاد وسجلها السابق في مجال إعادة الدفع، كلها تؤثر على تكلفة الاقتراض. فبعض البلدان يُنظر إليها على أنها قليلة المخاطرة لأنها عادةً ما تُسدد دَينها، أو الفائدة عليه وذلك حسب الشروط التي نُصَ عليها وقت تقديم القرض. أما بعضها الآخر فإنه يجري اعتباره على أنه عالي المخاطرة لتباطئه في تسديد دينه. وقد تكون الأسباب التي دفعته للتلكؤ في تسديد القرض سياسية أو اقتصادية، وقد تكون خارج نطاق تحكم البلد المعني. كما يمكن أن تتلخص الأسباب في أن الحكومة لا تُدير شؤون ماليتها بالطرق المثلى مما يتسبب في ضياع وإهدار الأموال.

عبء الدَّيْن:

يُشار عادة إلى الدَّيْن القومي للبلاد بعبء الدَّيْن. فإذا كان للبلد اقتصاد قوي مُتماسك، فإن الدَّيْن يوفر رأس المال الذي يساعد الاقتصاد. ويؤدي الدَّيْن المتراكم في حالة ضعف الاقتصاد إلى زيادة أو تأجيل مشكلات البلاد ويُنظر إلى اقتراض الحكومة داخلياً من المواطنين والمؤسسات على أنه عبء تتحمل كاهله الأجيال القادمة حيث يُفترض أن عليهم أن يتحملوا المزيد من الضرائب لمقابلة تكلفة الفائدة وتسديد أقساط القروض. أما إذا تم استخدام القرض في إنشاء وتطوير صناعات جديدة أو لإيجاد المزيد من الثروة، فإن زيادة الضرائب قد تغدو غير ضرورية.

أصبح العديد من البلدان النامية التي أُجبرت على الاستدانة من مصادر خارجية نظرًا لندرة الأموال داخلياً، مُثقلاً بالديون خلال سنوات السبعينيات وبداية الثمانينيات من القرن العشرين الميلادي. وتدعي الدول الصناعية أن ذلك كان بسبب زيادات التضخم التي لحقت بالاقتصاد العالمي.

وفي الوقت الحالي، زاد العديد من البلدان النامية من الاقتراض وذلك لتسديد قيمة وارداتها ولتمويل برامجها التنموية. وقد تزايدت أسعار الفائدة كما أصبحت تكلفة الاقتراض مُرتفعة جداً.

وقد بدأ العديد من البلدان في مواجهة مصاعب بسبب مُتطلبات إعادة تسديد الديْن. وفي أغسطس 1982م حدثت أزمة دين بسبب عدم مقدرة المكسيك على الوفاء بالتزامات الدَّيْن الخاصة بها. وقد ردت المصارف على ذلك الوضع بتخفيض القروض المقدمة. وقد أثَّر قرار المصارف هذا على كل الدول الناميـــة تقريباً وذلك بتخفيض التمويل الُمتاح لتلك البلدان.

وبحلول عام 1989م، بلغ الدَّين الخارجي للدول النامية نحو 1,290 بليون من الدولارات الأمريكية. وتواجه العديد من البلدان مصاعب جمّة في سبيل إعادة تسديد دَينها. وتُقاس المقدرة على السداد بنسبة خدمة الدَّين. وتمثل هذه النسبة المئوية لمداخيل الصادرات المطلوبة لأغراض خدمة الدَّيْن. وقد تزايد مقدار نسبة مداخيل الصادرات المطلوبة لخدمة دين البلدان النامية، في المتوسط، من 16% عام 1981م إلى أعلاه بنسبة 23% عام 1986م، وذلك قبل أن يشرع في التناقص إلى 18% بحلول عام 1990م. وقد كانت بلدان أمريكا اللاتينية والبلدان الإفريقية هي أقل البلدان قدرة على مُقابلة التزامات دَينها، وذلك بنسب خدمة دَين بلغت 43% و 27% على التوالي. وقد تحسن موقف العديد من البلدان الآسيوية خلال الثمانينيات من القرن العشرين الميلادي وذلك تماشيًا مع تطورهــا الاقتصادي المتسارع.

اقترضت بلدان أمريكا اللاتينية بصورة مكثفة بالمقارنة مع البلدان الأخرى، ويشكل ديْن هذه المجموعة الهاجس الأكبر الآن. فإذا فشلت هذه البلدان في إعادة تسديد دَينها فإن النظام المصرفي العالمي بأكمله سيتأثر بذلك الأمر.

وقد حاولت بعض البلدان تخفيض دَينها القومي، وذلك بتقييد احتياجاتها من القروض من خلال تقليص الاستثمارات العامة والإنفاق. وقد أدى هذا أحياناً إلى تخفيض درجة النمو الاقتصادي وكبح الصادرات.

وقد تراكمت على بعض البلدان الصناعية مستويات ضخمة من الدَّين العام خلال السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين الميلادي. ومع أن هذه الديون لاتُشكل هاجساً كبيراً بالنسبة لهذه البلدان ـ والتي تضم أستراليا، كندا، إيطاليا، نيوزيلندا، الولايات المتحدة الأمريكية ـ إلا أنها شرعت في البحث عن الوسائل الكفيلة بتخفيض عبء ذلك الدَّيْن. وفي بعض الحالات القليلة، مثل حالة المملكة المتحدة، شرع الدَّين القومي في الانخفاض خلال فترة الثمانينيات.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية