الرئيسيةبحث

المكارثية ( McCarthyism )


المَكَارْثِيَّة مصطلحٌ نتج عن انتشار توجيه التهم على نطاق واسع، وإجراء التحريات عن الأنشطة الشيوعية في الولايات المتحدة الأمريكية خلال الخمسينيات من القرن العشرين. يرجع أصل الكلمة إلى اسم السيناتور الأمريكي جوزيف مكارثي. وكان مكارثي من حزب الجمهوريين بولاية وسكنسن، ووجه العديد من الاتهامات ـ بلا أدلة كافية ـ بأن بعض المسؤولين والأشخاص كانوا شيوعيين أو تعاونوا مع الشيوعيين.

انتشرت المكارثية أثناء الحرب الباردة، وهي فترة العداء الشديد بين الشيوعية والدول المعادية لها، ففي أواخر الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين وقعت بعض الأحداث المتعلقة بهذا الصراع أزعجت كثيراً من الأمريكيين وأصابتهم بالإحباط، مثل قيام الشيوعيين بالاستيلاء على تشيكوسلوفاكيا والصين، وقيام الاتحاد السوفييتي بتفجير أول قنابله الذرية، وقيامه بتسليح القوات الشيوعية لكوريا الشمالية التي غزت كوريا الجنوبية. هذا الغزو الذي أشعل نار الحرب الكورية (1950- 1953م). وفي نفس الوقت كانت الاتهامات بالتجسس من قبل الأمريكيين لصالح الاتحاد السوفييتي تلقى اهتماماً كبيراً. فقد اتهمَ ألْجَر هيس أحد المسؤولين السابقين بالإدارة الأمريكية، بتسريب أسرار حكومية إلى جواسيس الاتحاد السوفييتي خلال الثلاثينيات من القرن العشرين. كما أُدُينَ الزوجان الأمريكيان يوليوس وإيثيل روزنبيرج بتسريب معلومات عسكرية إلى جواسيس الاتحاد السوفييتي في الأربعينيات من نفس القرن.

وإزاء ازدياد الخطر الشيوعي يوماً بعد يوم، بدأت الحكومة الفيدرالية في التحري عن الشيوعيين المتخفِّين بين موظفيها، وفي عام 1947م أمر الرئيس الأمريكي هاري ترومان بإنشاء وكالات أطلق عليها مكاتب الولاء كانت مهمتها فحص العاملين بالحكومة الفيدرالية. وأصدر ترومان أمرًا بفصل أي موظف يُشك في ولائه. كما أصدر المدّعي العام الأمريكي في نفس العام قائمة بالضوابط التي اعتبرتها وزارة العدل دليلاً على عدم الولاء. وقد استعانت الهيئات الحكومية بهذه القائمة لترشدها في التأكد من ولاء الموظفين وطالبي الوظائف.

لفت مكارثي أنظار العالم إليه عام 1950م حين ادعى أن الشيوعيين أحكموا سيطرتهم على الإدارة الأمريكية. فقامت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ بإجراء تحقيقات داخل الإدارة، لكنها لم تعثر على أي شيوعيين أو أي أنصار للشيوعية فيها. ومع ذلك فقد شن مكارثي اتهامات أخرى عديدة، ونال تأييد كثير من الناس. وعزا هو ورفاقه المحافظون، المشاكل التي تُعاني منها الدولة إلى الوجود الشيوعي السري داخل صفوف الحكومة.

انتشرت تلك الاتهامات والتحقيقات بسرعة، وتأثر بها الآلاف من أبناء الشعب. ولم يَسْلم من تلك الاتهامات، حتى أساتذة الجامعات والفنانون والصحفيون ورجال الدين والفئات الأخرى. كما قامت بعض المؤسسات بوضع أسماء المتهمين بالشيوعية من الهيئات والشخصيات في قائمة سوداء ورفضت توظيفهم.

وحتى يحتفظ الموظفون بوظائفهم وجدوا أنفسهم مطالبين بكتابة تعهدات ولاء للحكومة. بدأت المكارثية في الزوال تدريجياً بعد عام 1954م. وكان من ضمن أسباب زوالها وصول حزب الجمهوريين إلى الحكم، وانتهاء الحرب الكورية عام 1953م، بالإضافة إلى أن المحكمة العليا الأمريكية أصدرت في الفترة من 1955 وحتى 1958م سلسلة من القرارات التي تُوفِّرُ الحماية لحقوق الأشخاص المُتَّهمين بالتواطؤ مع الشيوعيين.

يُستخدم مُصطلح المكارثية الآن، للإشارة إلى الاتهامات الطائشة بعدم الولاء للولايات المتحدة الأمريكية.

★ تَصَفح أيضًا: الحرب الباردة ؛ مكارثي، جوزيف ريموند.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية