موريشيوس ( Mauritius )
موريشيوس |
وتُغَطي مزارع قصب السكر نحو نصف مساحة الجزيرة، حيث يُعتَبر المحصول النقدي الرئيسي لهذا البلد. وتحيط بمزارع قصب السكر قمم بركانية سوداء جرداء. وقد سيطر الهولنديون على موريشيوس عام 1598م. ثم سيطرت عليها فرنسا وبريطانيا على التوالي.
حصلت موريشيوس على استقلالها من بريطانيا عام 1968م. ومنذ ذلك الحين ظلت موريشيوس عضوًا في رابطة الشعوب البريطانية (كومنولث الأمم). وتعتبر مدينة بورت لويس من أكبر المدن فضلاً عن كونها من أكبر الموانئ. ويصل تعداد هذه المدينة إلى نحو 138,482 نسمة، وهي العاصمة.
نظام الحكم:
موريشيوس جمهورية ظلت منذ أن نالت استقلالها من المملكة المتحدة عام 1968م، حتى عام 1992م تتبع النظام الملكي الدستوري تحت قيادة الملكة إليزابيث الثانية. وفي 12 مارس 1992م، أصبحت موريشيوس جمهورية. ويعتبر رئيس الوزراء الذي يختاره حزب الأغلبية في المجلس التشريعي مسؤولاً عن الأداء الحكومي.ويتكون المجلس التشريعي من سبعين عضوًا، وهو الجهة المناط بها إجازة القوانين. وتُجْرَى الانتخابات التشريعية مرة كل خمس سنوات على الأقل. وفي هذه الانتخابات يُدْلي الناخبون بأصواتهم لانتخاب ثلاثة ممثلين عن كلِّ مقاطعة من المقاطعات العشرين المكونة لهذه الجزيرة، ليكونوا أعضاء في المجلس التشريعي. وتنتخب جزيرة رودريغز نائبين للمجلس التشريعي. ولضمان التمثيل العادل للأقليات العرقية تقوم لجنة إشرافية باختيار ثمانية أعضاء إضافيين، مِمَّنْ لم يحالفهم الحظ من المرشحين لعضوية المجلس التشريعي. ويُشتَرط أن يكون أربعة منهم من الأقليات التي ليس لها تمثيل عادل في المجلس التشريعي، مقارنة بالمجموعات السكانية التي تُمَثِّلها. أما الأربعة الآخرون فيتم اختيارهم على أساس الأقليات العرقية والحزب السياسي.
تنتشر المجالس المحلية على امتداد مدن وقرى موريشيوس، وتقوم هذه المجالس بإدارة شؤون الحكم في هذه المدن والقرى. ويتم انتخاب أعضاء هذه المجالس مباشرةً من قبل المواطنين الذين لهم حق الانتخاب.
السكان:
يرجع سكان موريشيوس في سلالتهم إلى أصول متعددة. فالمستوطنون من الأوروبيين والأفارقة والتجار الصينيين والعمال والتجار الهنود، يمثِّلون في مجموعهم الأصول العرقية المختلفة لسكان هذه البلاد. ويشكِّل الهنود نحو 70%. هناك 30% من إجمالي السكان مزيج من السلالات الأوروبية والإفريقية والهندية. ويعرف الفرد من هذه الجماعات بالكريول، ويمثل الصينيون والأوروبيون النسبة الباقية. ومعظم المقيمين الأوروبيين من أصل فرنسي.يعيش نحو 57% من إجمالي السكان في القرى والمناطق الريفية، وتتركز أغلبية الأوروبيين في المدن. ويعيش سكان القرى في منازل حوائطها من الإسمنت المسلح وأسقفها من الألواح الحديدية المموَّجة. ويلبس معظم الرجال الزي الأوروبي، أما النساء من الهنود فيرتدين الساري وهو قطعة طويلة من الثوب تُلَفّ حول الجسم.
وبالرغم من أن اللغة الإنجليزية هي اللغة الرسمية للبلاد ـ إلا أنه يجوز استعمال اللغة الفرنسية في مداولات المجلس التشريعي ـ ويتحدث معظم الناس اللغة الكريولية وهي إحدى اللهجات الفرنسية. أمّا الهنود فيجيدون التحدث بواحدة أو أكثر من اللهجات الهندية الست السائدة في هذه البلاد، بينما يتحدث الصينيون باللهجتين الصينيتين الأكثر انتشارًا، كما يتحدث معظم الأوروبيين اللغة الفرنسية.
ومن الناحية العقائدية يشكل الهندوس نحو 50%، والنَّصارى نحو 30% من إجمالي سكان البلاد، بينما تصل نسبة المسلمين إلى نحو 17%. ولهذا تنتشر المساجد والكنائس والمعابد الهندوسية والأديرة البوذية.
وبالرغم من أن التعليم الابتدائي والثانوي يعتبر مجانيًا إلاَّ أن الدولة لا تعتمد سياسة التعليم الإلزامي في هذه المراحل. وتصل نسبة المتعلمين القادرين على القراءة والكتابة إلى نحو 60% من إجمالي السكان. وتوجد في موريشيوس، كلية للزراعة وأخرى لتدريب المعلمين فضلاً عن كلية جامعية أخرى.
السطح والمناخ:
تبلغ المساحة الكلية لموريشيوس نحو 2,040كم². ويتكون القطر من جزيرة موريشيوس التي تبلغ مساحتها نحو 1,865كم²، إضافة إلى مجموعة أخرى من الجزر الأصغر مساحة. ومن بين هذه الجزر جزيرة رودريغز التي تبعد نحو 550كم إلى الشرق من موريشيوس وجزر أغاليجا وعددها اثنتان وتقعان على بعد 900كم شمال موريشيوس، وجزر كارجادوس كاراجوس شوولز التي تبعد نحو 400كم إلى الشمال. أما جزيرة دييجو جارسيا والتي تبعد نحو 2,000كم شمال شرقي موريشيوس، فتقع ضمن الجزر الخاضعة للسيطرة البريطانية في المحيط الهندي، على الرغم من مطالبة موريشيوس بها.تكونت جزيرة موريشيوس بفعل نشاط بركاني أدَّى إلى تراكم كميات هائلة من الصخور المغطاة بطبقة سميكة من الحمم البركانية على سطح الجزيرة. كما ترتَّب على هذا النشاط البركاني نشوء هضبة في وسط الجزيرة تتميّز بمناخها الغائم، ويصل ارتفاعها إلى نحو 671م فوق مستوى سطح البحر. وتمتاز هذه المنطقة بغزارة الأمطار إذ يصل المتوسط السنوي إلى نحو 510سم. وفي الاتجاه الشمالي ـ تبدأ هذه الهضبة في الانحدار التدريجي نحو البحر. غير أنها تنحدر بشدة في اتجاه الشواطئ الجنوبية والغربية من مياه المحيط الهندي. وتحيط الصخور المرجانية المختلفة بأطراف الجزيرة باستثناء شواطئها الجنوبية. وتتميز الأطراف الجنوبية الغربية من الجزيرة بالجفاف النسبي، إذ لا يتجاوز المتوسط السنوي للأمطار 85سم.
يستمر فصل الصيف من شهر نوفمبر حتى أبريل، وتصل درجة الحرارة نحو 26°م في المتوسط. وتهب الرياح الجنوبية الشرقية محملَّة بالأمطار. وتتعرض الجزيرة في بعض الأحيان للزوابع والأعاصير المدمرة. أما فصل الشتاء فيبدأ في يونيو، ويستمر حتى أكتوبر. وتنخفض فيه درجة الحرارة لتصل في المتوسط إلى نحو 22°م.
الاقتصاد:
يغطي إنتاج السكر أكثر من ثُلث الدخل القومي للبلاد، ذلك أن كل صادرات موريشيوس إما من السكر أو من المنتجات التي تعتمد في صناعتها على السكر. ويوفِّر القطاع الزراعي والصناعي فرَص عمل لأكثر من ثلث القوى العاملة، في مجالات الزراعة وحصاد ومعالجة قصب السكر. ويُغطي قصب السكر نحو 90% من إجمالي المساحة المزروعة، وتحتكر عشرون مزرعة خاصة أكثر من 50% من إجمالي إنتاج البلاد من السكر، والنسبة المتبقية تتوزع على أكثر من 27,500 من صغار المزارعين. وتتم معالجة وتصنيع السكر في المصانع المحلية.ويزرع الشاي في المناطق المرتفعة الرطبة ويتم تصدير نحو ثلثي محصول الشاي. كما يزرع التبغ لتغذية مصانع التبغ والسجائر. ويحرص الناس على زراعة الخضراوات بين صفوف أعواد قصب السكر. وتمارس القِلة تربية الأبقار، والأغنام والدواجن، ومع هذا فإن معظم احتياجات البلاد من المواد الغذائية الأساسية كالأرز، والحبوب، واللحوم، والدقيق يتم استيرادها. وتعتبر صناعة المنسوجات من الصناعات المهمة في موريشيوس. ويسهم القطاع السياحي بقدر متواضع في اقتصاديات البلاد. وفي قطاع المواصلات والنقل يبلغ إجمالي الخطوط البرية المعبدة نحو 850كم.
نبذة تاريخية:
كان البحارة العرب أول من اكتشف جزيرة موريشيوس وأطلقوا عليها دنياروبا (دنيا العروبة)، ثم جاء بعدهم البرتغاليون في القرن السادس عشر الميلادي. وظلت الجزيرة مهجورة، حتى ادّعى الهولنديوّن ملكيتها عام 1598م، وأطلقوا عليها اسم موريشيوس تيمُّنًا بالأمير موريس أمير ناساو. وقد عمل الهولنديون على جلب الأفارقة عُنْوةً من مدغشقر للعمل في قطع الأخشاب من غابات الأبنوس التي تُغطي هذه الجزيرة. غير أنّ الهولنديين تخلُّوا عن هذه الجزيرة عام 1710م.وفي عام 1715م بسطت فرنسا سيطرتها على موريشيوس وطلقت عليها اسم جزيرة فرنسا. وإثر هذا انتقل المستعمرون الفرنسيون من جزيرة بوربون المجاورة (وأصبحت الآن جزءًا من موريشيوس) إلى جزيرة موريشيوس عام 1722م. وقد جلب الفرنسيون معهم الأفارقة وبنوا ميناء، ثم بدأوا في فلاحة الأرض وزراعة البن والفواكه والتوابل وقصب السكر والخضراوات.
وخلال الحرب الإنجليزية الفرنسية في القرن السابع عشر الميلادي، اتخذ الفرنسيون جزيرة موريشيوس مركزًا لمهاجمة السفن التجارية البريطانية عبر المحيط الهندي، ومهاجمة المستوطنات البريطانية في الهند. وقد أثارت هذه الأعمال العدوانية حنْقَ بريطانيا ممَّا دفعها إلى السيطرة على الجزيرة عام 1810م. واعتُبِرت من حينها مستعمرة بريطانية، تحمل من جديد اسم موريشيوس.
وفي عام 1833م أصدرت بريطانيا مرسومًا، يقضي بتحريم الرقيق في أرجاء الإمبراطورية البريطانية. وتَبِعَ هذا تحرير أكثر من 75,000 من الأفارقة في موريشيوس. وقد رفض معظم من حصلوا على حرياتهم العودة للعمل في مزارع قصب السكر التي امتلكها البيض. ولهذا اضطر أصحاب هذه المزارع إلى استجلاب نحو 450,000 من العمال الهنود للعمل في هذه المزارع خلال الفترة ما بين 1835 - 1907م.
وتمكنت موريشيوس من الحصول على الحكم الذاتي في الخمسينيات من القرن العشرين، ثم حصلت على استقلالها كاملاً في مارس عام 1968م. وخلال الفترة مابين 1968 - 1982م سَيطَر حزب العمل بزعامة رئيس الوزراء السير سي ووساغور رام غلام على مقاليد الحكم في البلاد. وفي عام 1982م سيطرت حركة موريشيوس العسكرية (الجناح اليساري) على السلطة في البلاد عبر الانتخابات. وإثر ذلك اختير آنيرود جوجناوث رئيسًا للوزراء. وفي عام 1983م أعلن رئيس الوزراء انسحابه من حركة موريشيوس العسكرية وكوَّن حزبًا جديدًا سُمِّى الحركة الاشتراكية العسكرية. وشكَّل هذا الحزب تحالفًا مع أحزاب أخرى وفاز في الانتخابات التي أجريت في أعوام 1983م و1987م و1991م. وبذلك استمر جوجناوث في منصبه رئيسًا للوزراء. وفي 12 مارس 1992م أصبحت موريشيوس جمهورية، كما صار الحاكم العام السير فيراسامي رنجادو أول رئيس للبلاد. ثم خلفه، بعد 3 أشهر، كاسام أوتيم وزير الصناعة السابق. وفي عام 1995م، فاز التحالف المكون من حزب العمال وحركة موريشيوس العسكرية بنتائج الانتخابات العامة، وأصبح نافين رامجولام، زعيم حزب العمال، رئيسًا للوزراء. ★ تَصَفح:بورت لويس .