الرئيسيةبحث

القناع ( Mask )



أقـنــعة غنـية بالألوان تُلبس في العديد من الدول أثناء فترة اللهو الصاخِب قبل فترة الصوم الكبير وهي 40 يومًا، ويليها عيد الفصح عند النصارى. وتشتمل الاحتفالات الكرنفالية على المهرجانات مثل الحفلات الراقصة التنكرية والمواكب والرقص في الشوارع. قارعو الطبول أعلاه يزحفون في موكب كرنفالي في مدينة بازل، سويسرا.
القِنَاع غطاء يُخفي أو يحمي الوجه. ومعظم الأقنعة التي تُرتدى للتنكّر تكون على شكْل إنسان أو حيوان. وفي العديد من الدول، تُلبس هذه الأقنعة للمرح والمِزاح في الحَفلات التنكرية والمناسبات الخاصة. كما أن هناك أنواعًا عديدة من الأقنعة الواقية تخدم أغراضًا مختلفة. على سبيل المثال، يلبس عامل اللِّحَام القناع بمرشحة تحمي عينيه من الضوء الكثيف الناتج عن عملية اللحام.

استخدم الناس عبر التاريخ الأقنعة للتنكر في كل أو معظم المجتمعات. وبإخفاء ملامح الوجه، تمنع الأقنعة الآخرين من تمييز شخصية المُقَنَّع وشكله. وحسب المعتقدات القديمة فإن هذه الأقنعة لا تعمل فقط على إخفاء هوية المُقَنَّع، ولكن يُفْتَرض أن تعطيه قُوى سِحْرِيَّة. كما تُمَثِّل بعض هذه الأقنعة الآلهة أو الأرواح. ومن المُرَجَّح أن تكون عادة لبس الأقنعة قد بدأت بلبس الناس لرؤوس الحيوانات. ومثل هذه الأقنعة ربما كانت تستخدم في الصيد إما للتنكر أو رمُوزًا سحرية للتوفيق في عملية الصيد. وربما تكون الأقنعة قد تطورت من ممارسة تخطيط الوجه بتصميمات مُلَوَّنة، على افتراض أن لها قُوى سحرية.

تصنع بعض الأقنعة من الورق، أو تنحت من الخشب أو الحجر. كما تصنع أخرى من الأقمشة والأعشاب وجلد الحيوان المدبوغ والمعدن، أو الأصداف والقواقع. تحمل بعض الأقنعة الملامح الحقيقية للإنسان أو الحيوان، ولكن هناك أقنعة أخرى تعطي المقَنَّع مظهرًا غريب الشكل ومتنافر الملامح. كما يمثل عدد من الأقنعة الأشكال الفنية للمجتمع. وربما تحتوي الأقنعة على مهارات حرفية متطورة جدًا وربَّما تكون بألوان وتصميمات رمزية.

تتناول هذه المقالة الأقنعة التي تُلبس لأغراض أخرى غير حماية الوجه. ويمكن تقسيم هذه الأقنعة إلى أربع مجموعات وفقًا لاستخداماتها الرئيسية 1- أقنعة احتفالية 2- أقنعة مسرحية 3- أقنعة الدفن وأقنعة الموت 4- أقنعة الأعياد والمهرجانات. وبالطبع تتداخل هذه الأنواع، كما تستخدم الكثير من أقنعة المقابر على سبيل المثال، في الأغراض الاحتفالية.

بعض الأقنعة لها تنورات تغطي معظم جسم من يرتديها. القناع على اليسار من كولومبيا والذي على اليمين من بابوا غينيا الجديدة.

الأقنعة الاحتفالية:

نشأت وتطورت من معتقدات العديد من المجتمعات البدائية بأن الآلهة تتحكم في قوى الطبيعة، ولبس معظم المقنعين في الاحتفالات المتنوعة أقنعة كانوا يزعمون بأنها تمثل تلك الآلهة.

كما كانوا يزعمون أن القناع يجعل لابسه غير قابل للتمييز والتعرف عليه، وعلى هذا فقد يبدو كما لو أنه فقد هويته وأصبح الروح نفسها. وعندما لبس هؤلاء الراقصون الاحتفاليون مثل هذه الأقنعة اعتقد الناس أن الآلهة قد حضرت الحفل حقيقة. وإذا ما لبس الناس أقنعة تمثل روحًا معينة افترض أن قوة تلك الروح تبقى بينهم لأجيال عديدة. وبعد أن يموت لابس القناع يحل محله رجل آخر يقوم بارتدائه.

استخدمت معظم القبائل الهندية في أمريكا الشمالية، الأقنعة في احتفالاتها. كان الرجال من أعضاء جمعية الوجوه المقنعة لهنود إركْووي يلبسون الأقنعة الخشبية في الاحتفالات التي تقام لمداواة أو شفاء المريض. وكان ممثلو الجمعية يقومون بزيارة القرى وغالبًا ما كان يتابعهم رجال مُهَرِجون يطلق عليهم الأوجه القشرية، إذ يقومون بلبس أقنعة مصنوعة من قشور الذُّرة المضفورة على شكل جدائل. وكان يقوم الكبار بالترحيب بالزوار المقنعين بينما يبقى معظم الأطفال مرعوبين وجلين.

لكثير من الأقنعة ملامح وأشكال غير متناغمة وغريبة. قناع عفريت من سريلانكا له أنياب وعيون بارزة (على اليسار) وقناع مسرحي صيني (على اليمين) يمثل موظف الجحيم في مسرحية دينية بوذية.
استخدم هنود ساحل المحيط الهادئ الشِّمالي الغربي الأقنعة ذات الفم والجفون المتحركة. وقد قاموا بلبسها في الاحتفالات التي تُبجِّل حيوانات معينة أو للدِّلالة والرَّمز إلى تلك الحيوانات. كانت معظم تلك الأقنعة تتكون من قناعين أو ثلاثة. القناع الخارجي كان يتكون من قناع مُزدوج ـ والقناعان الخارجيَّان يُعتبران قناعًا ثلاثيًا ـ يمثل طائرًا أو أي حيوان آخر. كان من الممكن طي القناع الخارجي إلى الخلف لكشف القناع الذي يمثل وجه الإنسان.

ارتبطت هذه الأقنعة بالاعتقاد بأن لبعض البشر القدرة على التحول إلى حيوانات، والرجوع إلى حالتهم الأولى مرة أخرى. وقد ساد هذا الاعتقاد الباطل بين العديد من المجتمعات. وما زال الناس يستخدمون الأقنعة في الاحتفالات الدينية في كل من بابوا غينيا الجديدة وغرب إفريقيا ومنطقة الأمازون بأمريكا الجنوبية وشمال غربي الولايات المتحدة الأمريكية. على سبيل المثال، للهنود الهوبيين في شمال أريزونا احتفالات أو مراسم خاصة، حيث يقوم الرَّاقصون من الرجال بلبس أقنعة تُمثِّل أجدادهم أو أسلافهم أو آلهة معينة. ويعتقد الناس أن هذه الاحتفالات تجلب الزيارات من تلك الكائنات التي تظهر على شكل أرواح يطلقون على حضورها اسم كاشينا. وكانت هذه الكاشينات تساعد، في نظرهم، على هطول الأمطار، وتجعل الذُّرة تنمو، وفي بعض الأحيان تساعد على انطلاق الصبيان والفتيات الذين على وشك الدخول في سن الرشد. ويُطلق على هذه الأقنعة أيضًا اسم كاشينا.

لبست بعض الشعوب البدائية أقنعة غريبة المنظر وعجيبة الملامح في الحرب. واعتقدوا أن مظهر تلك الأقنعة، التي تُمثِّل الآلهة ستقوم بمحاربة العدو.

الأقنعة المسرحية:

استخدم قدماء الاغريق الأقنعة في المسرحية الكلاسيكية، التي نشأت من الاحتفالات الدينية القديمة. وقد مثل الراقصون والمطربون الآلهة والأبطال الأسطوريين. واستُخدمت الأقنعة أيضًا للتعبير عن الغضب والمرح، والحب والعواطف والانفعالات الأخرى، وذلك للتأكد من تمكن المشاهدين من متابعة أحداث المسرحية نظرًا لأن المسارح كانت كبيرة ولم يكن باستطاعة الكثيرين منهم رؤية تعابير وجوه الممثلين بوضوح. ومن فوائد الأقنعة الحديثة تزويدها بمُكَبِّرات صوت صغيرة تعمل على نقل صوت الممثل إلى مسافات كبيرة.

منذ أزمنة غابرة، استخدمت الدراما الصينية الأقنعة للمساعدة في وصف أو تصوير الشخصيات، ويؤدي لون القناع درورًا مهمًا في المسرحية. على سبيل المثال، اللون الأحمر يمثل الشخص الوفي المخلص واللون الأبيض للوحش القاسي. هناك نوع من الحفلات المسرحية يطلق عليه المسرحية المُقنَّعة. وقد نشأت من استخدام الأقنعة التنكرية في المهرجانات المسرحية الموسيقية خلال عصر النهضة الأوروبية ★ تَصَفح: المسرحية المقنعة. استخدم اليابانيون في مسرحيتهم التي أطلقوا عليها اسم نو العديد من الأقنعة، كل قناع منها يمثل انفعالاً أو عاطفة مختلفة.

أقنعة الدفن مهمة بالنسبة لمجتمعات كثيرة. قناع الملك المصري القديم توت عنخ أمون الذهبي، قد صنع طبقًا لتقاطيع وجهه، وقد صُبَّ بعد وفاته. يغطي الأليوتيون من سكان ألاسكا وجوه موتاهم بقناع خشبي.

أقنعة الدفن وأقنعة الموت:

أدى هذا النوع من الأقنعة دورًا مهمًا في كثير من المجتمعات. وضع قدماء المصريين القناع فوق وجه كل مومياء ¸جثة محنطة· أو جعلوا القناع جزءًا من صندوق المومياء. ويُفترض أن يُعَيِّن هذا القناع هَوِيَّة أو شخصية الميت بحيث تتمكن الروح التائهة من الحصول على جسدها عندما يحين بعثه مرة أخرى.

وما زال الناس يستخدمون الأقنعة في الاحتفالات المرتبطة بالموت في مراسم الحداد السنوية التي تقام في نيو أيرلاند (جزيرة قريبة من أستراليا). يقوم الراقصون بلبس أقنعة تُمثل أشخاصًا ميتين بعينهم. وتفترض عودة أرواح الميتين أثناء الاحتفال.

يضع الأليوتيون (الذين يعيشون في الجُزر الأليُوتية في ولاية أَلاسْكا الأمريكية) الأقنعة على النَّاس بعد مَوتهم. إذ يعتقدون أن القناع يحمي الميِّت من الومضات الخطيرة للأرواح. كما تَتَّبع بعض القبائل الهندية بجبال الأنديز بأمريكا الجنوبية هذه العادة أيضًا.

وفي الدول الغربية تُستخدم أقنعة الموت أحيانًا لتحافظ على ملامح الشخص الميِّت. ويُصنع الوجه من القالب الجصي وتُصْنع الأشكال الخارجية للصوق أو اللَّزَقَات من هذا القالب. ومن أقنعة الموت الشهيرة قناعا لودفيغ فان بيتهوفن ونابليون بونابرت.

أقنعة الأعياد والمهرجانات:

نشأت هذه الأقنعة المستخدمة في الاحتفالات الدينية. وبعض القبائل الهندية في أمريكا الشمالية ما زالت تستخدم مثل هذه الأقنعة في أعياد الحصاد. ويشارك المقنَّعون في المواكب والأعياد في الصِّين والهند ودول أخرى. وفي الولايات المتحدة، يرتدي الناس الأقنعة في احتفالات دينية مختلفة.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية