مدريد ( Madrid )
شارع جران فيا بمدريد ويطلق عليه أيضًا آفنيدا دي خوزيه أنطونيو، وهو أهم شارع بالمنطقة التجارية. يوجد على جانبي هذا الطريق المزدحم العديد من المصارف والفنادق والمطاعم والمحال والمسارح. |
كانت أسبانيا قد وصلت إلى قمة قوتها الاستعمارية عندما جعل الملك فيليب الثاني مدريد عاصمة البلاد في منتصف القرن السادس عشر الميلادي. بدأت إمبراطورية أسبانيا الاستعمارية في الاضمحلال خلال القرن السابع عشر الميلادي، ولكن مدريد ظلت مركزًا مهمًا للحكم والثقافة. ومنذ منتصف القرن العشرين أصبحت مدريد من أهم المدن الصناعية في أسبانيا.
المدينة:
تقع المدينة على مساحة 600كم²، وقد أصابها الدمار الكبير خلال الحرب الأهلية الأسبانية، (1936 - 1939م)، ولكن أجزاء كثيرة من الأماكن التي تحطمت خلال الحرب أعيد بناؤها أو تجديدها.ويوجد في منتصف مدينة مدريد ميدان كبير على هيئة هلال يُسمّى ميدان بوابة الشمس. ويمتد من هذا الميدان في اتجاه الشرق أحد أهم شوارع مدريد وهو شارع كاليه دي ألكالا، ويقع الجزء القديم من مدريد في الجنوب الغربي من ميدان بوابة الشمس. أقيمت بعض المباني الموجودة في الشوارع الضيقة المتعرجة بهذه المنطقة خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين.
وتقع المنطقة التجارية الحديثة في مدريد إلى شمال كاليه دي ألكالا، وتوجد المصارف والفنادق والمطاعم والمحلات والمسارح على امتداد شارع جران فيا. (والذي أطلق عليه أيضًا آفنيدا دي خوزيه أنطونيو)، وهو أهم شارع بالمنطقة التجارية. ويقع حي سالامانكا في الشمال الشرقي للمدينة، وهو حي سكني بني في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي وبداية القرن العشرين، وتوجد حديقة غنّاء تُسمّى ريتيرو تبلغ مساحتها ما يزيد على 142 هكتارًا في الجنوب الشرقي لوسط مدينة مدريد.
وتوجد معظم الأبنية المشهورة والآثار في الجزء القديم من المدينة وفي المنطقة التجارية الرئيسية أو على مقربة منها.
ويقع القصر الملكي الذي يعود بناؤه إلى القرن الثامن عشر الميلادي على الحافة الغربية من الحي القديم، وقد عاشت فيه الأسرة المالكة الأسبانية حتى عام 1931م، عندما اضطر الملك ألفونسو الثالث عشر إلى مغادرة البلاد، وتحول القصر بحدائقه الشاسعة ذات التنظيم الرائع إلى متحف.
ويوجد بمدريد أيضًا عدد من الكنائس القديمة والميادين العامة التي تزينها النافورات وتماثيل مشاهير أسبانيا.
ومنذ عام 1950م، أدى النمو المطرد في السكان إلى الامتداد العمراني لمدريد في جميع الاتجاهات، والآن، فإن كلا من المناطق السكنية والأحياء الصناعية توجد في منتصف المدينة.
ومثل المدن الأخرى التي تعاني من النمو السريع، فإن مدريد تُعاني من مشاكل كثيرة مثل تلوث الهواء والتكدس السكاني. وقد أزيلت أشجار كثيرة لتوسيع الشوارع وتوفير أماكن وقوف للسيارات التي يتزايد عددها يومًا بعد يوم.
العديد من الأسر تسكن العمارات السكنية داخل مدريد وبالقرب منها، ولقد أدى النمو المطرد في السكان منذ عام 1950م إلى النمو العمراني لمدريد وضواحيها في جميع الاتجاهات. |
السكان:
يسمى أهل مدريد مدريلينوس، وهم يتكلمون الأسبانية القشتالية، وهي اللغة الرسمية لأسبانيا. ويعيش معظم سكان مدريد في شقق لارتفاع أسعار بناء المنازل.وفي مدريد تفتح معظم المحال والمكاتب أبوابها في الساعة التاسعة صباحًا وتغلقها في الساعة الواحدة، وهو الوقت الذي يتناول فيه أهل مدريد وجبة غداء دسمة، وتفتح الأماكن التجارية أبوابها مرة أخرى من الساعة الرابعة بعد الظهر وحتى الساعة السابعة. ومثل باقي أهل أسبانيا فإن معظم أهل مدريد يتناولون وجبة العشاء بين الساعة العاشرة ليلاً ومنتصف الليل، وهم يفضلون تناول عشائهم في المطاعم الفاخرة التي تزخر بها مدريد، حيث يتناولون لحم البقر ولحم الضأن والأسماك. وتعتبر المقاهي الموجودة في معظم شوارع المدينة مخصصة للالتقاء بالأصدقاء والتحدث معهم.
ويحتشد جمهور كبير لمشاهدة مصارعة الثيران التي تعقد في بلازا دي توروس، ولكن كرة القدم تعد من أكثر الرياضات شعبية، ويعد الملعب الرياضي لكرة القدم بالمدينة أحد أكبر الملاعب في العالم، وسعته أكثر من 100,000 متفرج.
التعليم والحياة الثقافية:
حولت المؤسسات الثقافية والمتاحف والمكتبات الموجودة بمدريد المدينة إلى مركز ثقافي لأسبانيا. وتقع جامعة مدريد، وهي أضخم جامعة في أسبانيا، في جزء من مدريد يسمى المدينة الجامعية، كما يوجد بها أيضًا عدد من المعاهد الفنية.ومدريد مقر لواحد من أكبر متاحف العالم وهو متحف البرادو، الذي يطلق عليه أيضًا المتحف الوطني لفن التصوير التشكيلي والنحت. ويحتوي البرادو على مايربو على ألفي لوحة رسمها أساتذة الفن التشكيلي من أسبانيا والعالم. وتضم معروضات البرادو للفنانين الأسبان أكثر من ثلاثين لوحة للفنان إِل جريكو، وأكثر من مائة لوحة للفنان فرانسسكو جويا، كما يوجد بالمتحف أيضًا خمسون لوحة للفنان دييغو فيلازكيز، منها لوحة وصيفات الشرف.
ويوجد بمدريد عدد من المتاحف الفنية الأخرى بالإضافة إلى عدد كبير من متاحف التاريخ الطبيعي والعلوم، كما أن المدينة مقر للمكتبة الوطنية لأسبانيا وللدار الوطنية للوثائق التاريخية.
المناخ:
تتمتع مدريد بمناخ جاف وصيف حار وشتاء بارد، ومتوسط ما يسقط عليها من أمطار يقل عن 43سم في العام، ومتوسط درجات الحرارة نحو 4°م في يناير و23°م في يوليو، وفي شهر أغسطس ـ وهو عادة أشد الشهور حرارة في مدريد ـ تنتقل إدارات الحكومة إلى مدينة سان سباستيان، التي تقع على الساحل الشمالي للبلاد، حيث يكون الطقس أقل حرارة، وتعد المقر الرسمي للحكومة خلال هذه الفترة.الاقتصاد:
منذ منتصف القرن السادس عشر الميلادي وحتى منتصف القرن العشرين كان اقتصاد مدريد يعتمد على دورها كمقر للحكم، وكان معظم العاملين بها يعملون في وظائف مرتبطة بالسياسة، أو بالإدارات الحكومية، ولم تكن بالمدينة أية صناعات تقريبًا.ولكن منذ منتصف القرن العشرين تقوم الحكومة الأسبانية بتشجيع التنمية الصناعية على نطاق واسع في مدريد وضواحيها، وتُعد المدينة حاليًا المركز الصناعي الثاني بعد مدينة برشلونة. وتقوم المصانع في منطقة مدريد بصناعة السيارات والمواد الكيميائية والملابس والمنتجات الجلدية وعربات النقل والعديد من المنتجات الأخرى.
وتسكن العديد من الأسر العمارات السكنية داخل مدريد وقربها، ولقد أدى النمو المطرد في السكان منذ عام 1950م إلى النمو العمراني لمدريد وضواحيها في جميع الاتجاهات.
وتصل الطرق السريعة والسكك الحديدية بين مدريد ومدن أسبانيا الأخرى، ويقع مطار باراجاس الدولي على مسافة تقرب من 10كم في اتجاه الشمال الشرقي من منتصف مدريد.
نبذة تاريخية:
خلال القرن العاشر الميلادي قام المسلمون حكام الأندلس ببناء قلعة تسمى مجريط على الموقع نفسه الذي تحتله مدريد الآن. وقد تمكن النصارى الأسبان تحت قيادة ألفونسو السادس ملك ليون وقشتالة من السيطرة على المنطقة في عام 1083م.وظلت مدريد مدينة صغيرة بلا أهمية حتى عام 1561م عندما جعلها الملك فيليب الثاني عاصمة لأسبانيا، وقد اختارها فيليب الذي كان يحكم إمبراطورية استعمارية كبيرة بسبب موقعها المتوسط في المقام الأول. وفي نهاية القرن السادس عشر وبداية القرن السابع عشر الميلادي نمت مدريد بسرعة كبيرة وأصبحت من أكبر المدن في أوروبا الغربية، وبنى العديد من الأرستقراطيين الموسرين وموظفي القصر الملكي منازلهم فيها. ولكن نمو السكان المطرد أدى إلى العديد من المشاكل. وكان معظم أهل مدريد فقراء يعيشون في أحياء قديمة بالية، ومكتظة بالسكان، وكان من نتيجة الأوبئة وارتفاع معدل الجريمة أن أصبحت المدينة مكانًا غير آمن. وخلال القرن الثامن عشر الميلادي اتخذت الحكومة خطوات بناءة لجعل مدريد أكثر نظافة وأمنًا.
احتلت القوات الفرنسية بقيادة نابليون الأول مدريد من عام 1808م إلى عام 1813م. وفي الثاني من مايو عام 1808م قامت مجموعة من أهل مدريد بثورة فاشلة ضد الفرنسيين، ولكن هذا التمرد كان بداية لحركة المقاومة الأسبانية التي نجحت في طرد الفرنسيين من أسبانيا في الوقت المناسب.
وتختلف مدريد عن الكثير من المدن من حيث إنها لم تنجح في تطوير الصناعات الكبيرة خلال القرن التاسع عشر الميلادي، ونتيجة لهذا فإنها لم تجذب عددًا كبيرًا من العاملين مما أدى إلى تناقص معدل النمو السكاني.
جذبت مدريد اهتمام العالم أجمع خلال الحرب الأهلية الأسبانية التي بدأت في عام 1936م، وشهدت المدينة معارك ضارية بين الجمهوريين الذين يعضدون الحكومة وبين القوات الفاشية المتمردة تحت قيادة اللواء فرانسيسكو فرانكو.
وقد نقل أنصار الجمهوريين العاصمة إلى بلنسية في عام 1936م، ثم إلى برشلونة في عام 1937م، وبعد هزيمتهم عام 1939م أعاد فرانكو العاصمة إلى مدريد.
ومنذ منتصف القرن العشرين تعاني مدريد مرة أخرى من نمو السكان المطرد. وقد قامت الحكومة بعمل برامج لتنمية الصناعة وبناء المساكن الحديثة والأبنية الإدارية في المدينة مما ساعد على ازدهار مدريد.