الرئيسيةبحث

مدغشقر ( Madagascar )



مدغشقر. مشهد من مدينة تناناريفو، تبدو فيه شوارع المدينة مزدحمة بالحركة.
مدغشقر بلد إفريقي يتكون من جزيرة كبرى ومجموعة من الجزر الصغيرة المجاورة. وتقع مدغشقر في المحيط الهندي على بعد 386كم جنوب شرقي الساحل الإفريقي. وتعتبر جزيرة مدغشقر ـ أكبر الجزر المكونة لهذا البلد ـ رابعة كبريات الجزر في العالم من حيث المساحة. ويشكّل الرعاة والمزارعون السَّواد الأعظم من السكان، وهم ينحدرون من أصول إفريقية أو إندونيسية، وتعتبر مدينة تناناريفو كبرى المدن، وهي أيضًا العاصمة.

كانت جزيرة مدغشقر تمثل قاعدة مهمة لنشاطات قراصنة البحار خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر الميلاديين، بما في ذلك نشاطات القرصان البحري المشهور وليم كد. وفي السنوات التالية أصبحت الجزيرة نقطة انطلاق مهمة لتجارة الرقيق. وفي بداية القرن التاسع عشر الميلادي أصبحت مدغشقر جزءًا من مملكة المارينية المحلية. وقد أفل نجم هذه المملكة على أيدي الفرنسيين عام 1896م، وبذلك أصبحت الجزيرة بكاملها مستعمرة فرنسية. وقد حصلت مدغشقر على استقلالها من فرنسا عام 1960م. ومنذ الاستقلال أصبحت تحمل اسم جمهورية مالاغاسي حتى عام 1975م، حيث أصبح اسمها الرسمي جمهورية مدغشقر الديمقراطية.

نظام الحكم:

ينتخب الشعب رئيس الدولة وأعضاء المجلس الوطني (البرلمان الذي يُمثل الجهاز التشريعي للدولة). وينتخب المجلس الوطني، 134 عضوًا، رئيس الوزراء الذي يشاطر رئيس الدولة السلطة. وهناك سبعة أحزاب سياسية في مدغشقر. ورغم كل هذا تُعتبر المؤسسة العسكرية القوة ذات التأثير الأكبر على الحكومة.

وتتحكم الحكومة المركزية مباشرةً في صلاحيات وسلطات الحكومة المحلية. وقد تم تقسيم الدولة إلى ست مقاطعات، كما قُسِّمت هذه المقاطعات إلى ولايات، ثم إلى ولايات فرعية.

جنوبي مدغشقر حيث يستخدم الأهالي الأبقار من فصيلة الدَّرباني لأغراض النقل والأعمال الحقلية الشاقة.

السكان:

ينقسم سكان مدغشقر إلى مجموعتين رئيسيتين ؛ حيث تنحدر المجموعة الأولى من أصول إفريقية، بينما تنحدر المجموعة الثانية من أصول إندونيسية. وتعيش المجموعة الأولى ذات الأصول الإفريقية في الأقاليم الساحلية، وتُشكل الجزء الأكبر من سكان هذا القطر الإفريقي. وتتركز المجموعة ذات الأصول الإندونيسية في المرتفعات الوسطى والجنوبية من البلاد. ومازال هناك قدر من التنافس السياسي بين هاتين الفئتين ذواتي الأصول العرقية المختلفة، رغم أنهما يتقاسمان السلطة.

وتعتبر اللغة المالاغاسية هي الأكثر شيوعًا، وتمثل مزيجًا لغويًا بين اللغة الملايوية واللغة الإندونيسية. أما اللغات الرسمية فهي: الفرنسية والمالاغاسية. ويعتنق نحو نصف السكان النصرانية، بينما تُمثِل نسبة المسلمين 10% من إجمالي السكان. أما النسبة الباقية والتي يُشكِّل معظمها سكان المناطق الساحلية، فتنتشر فيها العديد من المعتقدات المحلية الإفريقية، التي تتمثل في عبادة الأسلاف والأرواح، وغالباً ما تكونُ مصحوبةً بذبح القرابين وغيرها من الطقوس الأخرى أمام الأضرحة والمقابر الأسرية.

ويرتدي معظم أبناء مدغشقر الأزياء الأوروبية بالرغم من أن أبناء القبائل التي تقطن المناطق الجنوبية تعاني من العزلة، ولا يرتدون إلا النزر اليسير من الثياب. ويقطن سكان هذه البلاد في منازل مصنوعة من الطوب، ومكّونة في معظمها من طوابق عدة تكون عادة مسقوفة بالقرميد أو بالقش. ويعتمد السكان في غذائهم على الأرز والخضراوات والفواكه وفي بعض الأحيان على اللحوم والأسماك.

وتبلغ نسبة القادرين على القراءة والكتابة من البالغين نحو 75% من إجمالي السكان. وبالرغم من أن معظم الأطفال ممِّن هم في سن الدراسة يلتحقون بالتعليم الابتدائي، إلا أن واحدًا فقط من بين كل خمسة تلاميذ يتمتع بمواصلة التعليم حتى المرحلة الثانوية. ومع هذا يصل عدد طلاب جامعة مدغشقر إلى نحو 37,000 طالب وطالبة.

خريطة مـــدغـشـقــــــر

السطح والمناخ:

تتمتع الأجزاء الشمالية بتربة خصبة، وتفصل هذه المنطقة سلسلة من الجبال عن بقية أجزاء الجزيرة. أما الأجزاء الوسطى، فتغطيها الهضاب الواسعة، وتتخللها الأودية النهرية الخصبة، هذا فضلاً عن أجزاء كبيرة من الشواطئ التي تنتشر فيها الأغطية النباتية. وبالرغم من أن هناك هضبة ضيِّقة على امتداد الساحل الشرقي من الجزيرة، إلا أن انتشار الصخور المرجانية على سطح الماء، وقوة العواصف التي تجتاح هذه المناطق ؛ تجعل من الملاحة البحرية أمرًا في غاية الخطورة. ومع هذا فهناك عدد من خطوط الملاحة الساحلية التي تستخدم قناة أمبنالانا على امتداد الساحل الشرقي بين مهافيلونا وفرافانغانا.

ويميل المناخ في المناطق الساحلية إلى الرطوبة والدفء، بينما الأطراف الجنوبية من الجزيرة ذات مناخ حار جاف في الغالب الأعم. أما الأجزاء الوسطى من مدغشقر، فتتكون من مرتفعات تتراوح ما بين 610 و 1200م فوق مستوى سطح البحر. وتعاني التربة كثيرًا من عوامل التعرية والتصحر. ومع هذا، فإن الإقليم الأوسط من مدغشقر يمتاز بأعلى نسبة من الكثافة السكانية. وتنخفض درجة الحرارة في المرتفعات الوسطى. فعلى سبيل المثال تتراوح درجات الحرارة في مدينة تناناريفو مابين 13 و 19°م. وتتفرد مدغشقر بالعديد من الحيوانات والنباتات، التي لا يوجد لها مثيل في أية منطقة أخرى من العالم، باستثناء جزر القمر المجاورة. وتعتبر القردة من فصيلة الليمور مثالاً حيًا للحيوانات المحلية النادرة. ★ تَصَفح: الليمور.

الاقتصاد:

يُشكّل الرعاة والمزارعون نحو 80% من إجمالي سكان مدغشقر. ويعتمد السكان بصفة أساسية على محصول الأرز في غذائهم، فضلاً عن بعض المحاصيل الأخرى، مثل الموز والكاسافا (المنيهوت) والبطاطا الحلوة. ويُعدّ البن أكثر المحاصيل الاقتصادية قيمةً، ويُعْتَمَد عليه كثيرًا في التصدير. وتعتبر مدغشقر أكبر دولة مصدرة للفانيلا الطبيعية والقرنفل. وهناك العديد من الصادرات الزراعية الأخرى، مثل السكر والسيزال، الذي يستخدم في صناعة خيوط القنب. وبالنسبة للثروات الحيوانية تعتبر الماشية مصدرًا مهمًا للثروة. وفي مجال التعدين تُستخرج بعض الأحجار شِبه الثمينة فضلاً عن البوكسيت والفحم الحجري والكروم والجرافيت.

وتتركز الصناعات على قلتها في دباغة الجلود، ومعالجة السيزال، وتكرير السكر لأغراض التصدير. وتنحصر التجارة الخارجية لمدغشقر في معظمها على التعامل التجاري مع فرنسا، بالرغم من أن صادرات مدغشقر تصل في الوقت نفسه إلى اليابان والولايات المتحدة الأمريكية. وتستورد مدغشقر من كثير من دول العالم وأهمها روسيا وألمانيا وقطر.

وترتبط المدن الرئيسية والفرعية في مدغشقر بشبكة من الطرق، وإن كانت في معظمها غير معبدة. وتتعذر حركة المواصلات في العديد من هذه الطرق في موسم الأمطار بسبب كثرة الأخاديد. وتُغطي خدمات شركة الطيران الوطنية ـ طيران مدغشقر ـ معظم المدن الرئيسية للبلاد، فضلاً عن بعض الرحلات الدولية عبر مطار تناناريفو. أما بالنسبة للموانئ البحرية فهناك ميناءان رئيسيان هما توماسينا ومهاجانقا. وفي المجال السياسي والإعلامي تَصْدُر في مدغشقر ست صحف يومية، تُمثل الاتجاهات السياسية السائدة. وتمارس الدولة الرقابة عليها أحيانًا.

نبذة تاريخية:

بدأت الهجرات الإندونيسية إلى مدغشقر في شكل موجات بشرية متتالية قبل الميلاد، واستمرت حتى القرن الرابع عشر الميلادي. واستقر المهاجرون في المرتفعات الوسطى، بينما استقر المهاجرون من أصول إفريقية وعربية في المناطق الساحلية، وكانت قبائل أنيمور (أحفاد المسلمين) في القرن السادس عشر الميلادي تكتب العربية، ومازالت بعض العادات تدل على الأثر العربي كأسماء الأيام والشهور والرقص الشعبي.

وقد أصدر الملك راداما الأول، الذي تولى السلطة عام 1810م، مرسومًا ملكيًا يقضي بتحريم التجارة الخارجية للرقيق في مدغشقر، بالرغم من استمرار النشاط الداخلي للرقيق فيها. كما رحَّب الملك راداما الأول بالحملات التنصيرية والتجارة المُرْسَلة من كلًّ من فرنسا وبريطانيا، والتي باشرت عملها في فتح المدارس والكنائس، إلا أن سلطات مملكة المارينيين قَصَرَت الالتحاق بهذه المدارس على أبناء المارينيين دون غيرهم. وفي عام 1840م حاولت الملكة رانا فالونا الحد من النفوذ الأوروبي في الجزيرة ؛ فعملت على إبعاد الأوروبيين، غير أنهم عادوا مرة أخرى إلى الجزيرة إثر وفاتها في عام 1861م. وقد بدأ النفوذ السياسي الفرنسي في الازدياد بصورة ملموسة بعد عام 1869م. وتمخض عن هذا الوضع المزيد من الصراع بين الفرنسيين وسكان البلاد من أبناء المارينيين، غير أن الغلبة كانت في النهاية للقوات الفرنسية، التي أحكمت سيطرتها على البلاد، وأعلنت مدغشقر مستعمرة فرنسية اعتباراً من 1896م.

وإثر اندلاع الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918م) بدأ زعماء المارينيين المطالبة باستقلال البلاد. ولم تستجب فرنسا مباشرة لهذه المطالب، بالرغم من أنها عملت على منح السكان بعض الصلاحيات فيما يتعلق بالشؤون المالية، كما أقرت حق السكان في انتخاب مجلس تشريعي عام 1945م، وفي انتخاب ممثلين لهم في البرلمان الفرنسي. ولم تكن هذه الإصلاحات السياسية كافية لتطلعات أهل مدغشقر، مما نجم عنه اندلاع ثورة مسلحة ضد المستعمر الفرنسي عام 1947م ما لبثت أن أُخمْدت بعد عامين من اندلاعها.

وفي عام 1958م أعلنت مدغشقر دولة تتمتع بالاستقلال الذاتي في إطار دول المجموعة الفرنسية. وفي عام 1960م حصلت مدغشقر على استقلالها التام من فرنسا. ومع ذلك ظل النفوذ الفرنسي قوياً في هذه البلاد، التي أصبحت تحمل اسم جمهورية مالاغاسي. وانتخب فيليبر تزيرا نانا أول رئيس عام 1959م، وأعيد انتخابه عامي 1965 و1972م.

وفي مايو عام 1972م عمت البلاد مظاهرات صاخبة ضد الرئيس تزيرا نانا اضطر على إثرها للاستقالة. وفي أعقاب هذه الأحداث سيطرت مجموعة من العسكريين على مقاليد الأمور. وفي يونيو 1975م تولى ديدي راتسيراكا السلطة، وعمل على نفس نهج أسلافه من العسكريين ؛ حيث سعى إلى إحكام سيطرة الحكومة على النشاطات الاقتصادية المهمة، بما في ذلك العديد من النشاطات التجارية التي كان يمتلكها ويديرها الفرنسيون وغيرهم من الأجانب.

وفي نهاية عام 1975م تغير اسم الدولة من مالاغاسي إلى جمهورية مدغشقر. وفي عام 1977م انتخب مجلس تشريعي للبلاد. وخلال الانتخابات الرئاسية التي أُجرِيت في البلاد انتخب راتسيراكا رئيسًا للبلاد لفترتين رئاسيتين خلال الأعوام 1982- 1989م. طالب ائتلاف من الأحزاب المعارضة باستقالة رئيس البلاد راتسيراكا عام 1991م. تولى ألبرت زافي رئاسة حكومة مؤقتة إلى حين قيام انتخابات رئاسية. وفي عام 1993م حقق زافي فوزاً كبيراً في الانتخابات، وأصبح رئيساً لمدغشقر. وفي عام 1996م، اضطر زافي لتقديم استقالته بعد أن أدانه المجلس الوطني بارتكاب أعمال غير دستورية. وفي العام نفسه، انتخب راتسيراكا رئيساً للبلاد بعد إجراء انتخابات خاصة.

★ تَصَفح أيضًا: تناناريفو ؛ الفانيلا ؛ خشب الورد.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية