الكوخ الخشبي ( Log cabin )
الكوخ الخشبي أقدم المساكن التي بناها المستوطنون الأوروبيون في أمريكا الشمالية، حيث كانت هذه المساكن تمثل ملجأ مناسبًا لأولئك الذين استوطنوا مناطق الغابات دون أن يكون لديهم إمكانات خاصة. وقد صار الكوخ الخشبي رمزًا لخشونة وفضائل حياة الرواد. وقد كان من دواعي الفخر للعديد من المشاهير الأمريكيين أن أعلنوا أنهم قد وُلِدوا في هذه الأكواخ، ومن بينهم خمسة رؤساء للجمهورية هم أندرو جاكسون، وجيمس بولك، وجيمس بوكانان، وأبراهام لنكولن، وجيمس جارفيلد.
كانت أبسط أنواع هذه الأكواخ تُبنى بقطع مستديرة من جذوع الأشجار، تُصنع بها نُقَر منحنية قرب أطرافها. فكانت القطع الموضوعة على الأرض تستخدم كأساس للمسكن، وتوضع فوقه بقية القطع، كل متعارضة مع القطع التي تحتها مباشرة، مستقرة في النقر السابق حفره بها. وتملأ الفراغات بين أجزاء الجذوع غالبًا بالأحجار أو القطع الخشبية، وتُجَصص بالطمي لإحكام سد هذه الفجوات ـ وهي العملية التي تُسمى سد الشقوق، أما السقف، فكان يصنع عادة من ألواح خشبية تؤخذ من أجزاء جذوع الأشجار.
كان الأوروبيون يبنون الأكواخ الخشبية قبل ذهابهم إلى أمريكا لمئات السنين. وكان السويديون والفنلنديون هم أول من بنوا أكواخًا خشبية في العالم الجديد. وكان أول بنائهم لها حوالي عام 1638م، في المنطقة الغربية من مصب نهر ديلاوير، وهي منطقة تشمل أجزاءً مما يُعرف الآن بديلاوير ونيوجيرسي، وبنسلفانيا. وانتشر بناء الأكواخ الخشبية بعد ذلك بين العديد من المستوطنات التي كان يقطنها مستوطنون من إنجلترا، وأسكتلندا، وأيرلندا، وويلز، وهولندا. وقد انتهى الأمر بأن انتشر تشييد الأكواخ الخشبية في معظم المناطق المستوطنة بالغابات على التخوم الأمريكية. وفي القرن الثامن عشر الميلادي، قام مستوطنون يتحدثون اللغة الألمانية من سويسرا، وألمانيا الشرقية بنشر نمط أكثر تطورًا لنجارة جذوع الأشجار في بنسلفانيا، حيث استخدموا قطعًا من جذوع الأشجار سبق تشكيلها، ونظامًا خاصًا للتثبيت بالتعشيق.
وقام مستوطنون آخرون بتشييد الأكواخ الخشبية في أنحاء عديدة من أمريكا الشمالية. فقد دخلت أنماط مختلفة من الأكواخ الخشبية عن طريق الروس إلى ألاسكا، وعن طريق المزارعين الفرنسيين إلى كويبك، وعن طريق تجار الفراء الكنديين ـ الفرنسيين إلى الجزء الغربي من شمال أمريكا، وعن طريق الأوكرانيين إلى إقليم المروج الكندية، وعن طريق الأسبان والمكسيكيين إلى المناطق الجبلية في نيومكسيكو، وعن طريق الفنلنديين إلى شمال ميدوِست.