الرئيسيةبحث

الكبد ( Liver )



الكــــــــبد تتكون الكبد من قسمين رئيسيين، الفص الأيمن والفص الأيسر، وفصين صغيرين خلف الفص الأيمن. ويتكون كل فص من وحدات سداسية الشكل تسمى الفصيصات. ويبين المنظر المقرب أدناه قطاعًا مكبرًا للفصيص.
الكَبِدُأكبر غُدَّة في جسم الإنسان، وتعدّ من أكثر الأعضاء البشرية تعقيدًا. وتعمل الكبد بمثابة مصنع كيميائي رئيسي في الجسم وواحد من مخازنه الكبيرة للغذاء. والكبد كتلة بُنِّية مُحْمرَّة تزن نحو كيلو جرام ونصف. تقع الكبد في أعلى الجانب الأيمن من البطن تحت الحجاب الحاجز مباشرة وفوق المعدة والأمعاء.

وتؤدِّي الكبد وظائف ضرورية عديدة، ومن أهم أعمالها مساعدة الجسم على هضم الطعام. وتُصنّع الكبد الصفراء وتفرزها، وهي سائل أصفر مخضِر، حيث تسري الصفراء من الكبد إلى الأمعاء الدقيقة لتساعد على هضم الدهون. ويختزن كيس المرارة الصفراء الزائدة، وهو كيس كمثريّ الشكل يقع تحت الكبد.

وتختزن الكبد الغذاء أيضًا، ويسري الغذاء المهضوم من الأمعاء الدقيقة إلى الكبد بوساطة الدم، حيث يُخزن، وعندما يحتاج الجسم إلى الغذاء فإن الكبد تطلقه في الدم. وتحوِّل الكبد بعض الغذاء المهضوم إلى مركبات تحتاج إليها خلايا الجسم.

وبالإضافة إلى ذلك، يرشّح الكبد السموم والنفايات من الجسم كما أنَّ بعض المواد التي يصنِّعها الكبد تساعد الجسم على مكافحة المرض ويساعد بعضها الآخر على تَخَثُّر الدم.

وللكبد قدرةٌ كبيرة على بناء خلايا جديدة لتعويض خلاياها المريضة أو التالفة. ويستطيع الجراحون مثلاً أن يستأصلوا جزءًا من كبد سليمة لإنسان بالغ ويزرعوه في طفل ذي كبد مريضة. وبمرور الوقت تتجدد كبد البالغ بسرعة وتصل إلى الحجم الكامل، وتنمو كبد الطفل مع نموه.

تركيب الكبد

تتكون الكبد من أربعة أقسام أو فصوص. وهناك فصّان رئيسيَّان ؛ الفص الأيمن، وهو الأكبر على الإطلاق، والفص الأيسر، وهناك فصّان صغيران خلف الفصّ الأيمن.

يتركب كل فص من وحدات متعدِّدة الجوانب تسمى الفُصَيْصَات، تتراوح بين خمسين ألف ومائة ألف. ويتكون كل فُصيصْ من وريد مركزيّ تحيط به خلايا كبدية دقيقة مرصوصة في شكل ألواح أوحُزَم. وتقوم هذه الخلايا بوظيفة الكبد. وتفصل الفجوات المعروفة بالجَيْبانِيَّات أو أشباه الجيوب بين مجموعات من الخلايا داخل الفُصيص. وتعطي الجيبانيات الكبد قواما إسفنجيَّا، وتمكِّنها من الاحتفاظ بكميات كبيرة من الدم.

وللكبد جهاز غير عادي يزودها بالدم، وتستقبل الكبد ـ كالأعضاء الأخرى ـ دمًا يحتوي على الأكسجين من القلب. ويدخل هذا الدم إلى الكبد من خلال الشريان الكبديّ. وكذلك تستقبل الكبد الدم الممتلئ بالمغذيات أو حبيبات الطعام المهضوم في الأمعاء الدقيقة. ويدخل هذا الدم في الكبد من خلال الوريد البابي. ويتفرع الشريان الكبديّ والوريد البابيّ في الكبد إلى شبكة من الأوعية الدموية الدقيقة التي تصبُّ في الجيبانيات. وتمتص خلايا الكبد المواد الغذائية والأكسجين من الدم عندما يسري خلال الجَيْبَانيَّات، كما ترشح النفايات والسموم. وفي نفس الوقت تفرز خلايا الكبد السكر والفيتامينات والمعادن والمواد الأخرى في الدم. وتصب الجيبانيات في الأوردة المركزية التي تتجمع وتكوِّن الوريد الكبدي. ويخرج الدم من الكبد خلال الوريد الكبديّ.

ويحتوي كلُّ فصيص على شعيرات صفراوية أيضًا، وهي أنابيب دقيقة تحمل الصفراء التي تفرزها خلايا الكبد. وتتجمع الشعيرات الصفراوية لتكوين القنوات الصفراوية التي تحمل الصفراء إلى خارج الكبد. وتتجمع القنوات الصفراوية معًا حالما تترك الكبد لتكون القناة الكبدية. وتفرز الكبد الصفراء باستمرار حتى ولو كانت الأمعاء الدقيقة لاتهضم الطعام. ويتم تخزين مادة الصفراء الزائدة في المرارة إلى حين الحاجة إليها. وتسري الصفراء من الكبد وكيس المرارة إلى الأمعاء الدقيقة من خلال القناة الصفراوية المشتركة.

وظائف الكبد

تؤدي الكبد عددًا من الوظائف المنفصلة أكثر من أي عضو آخر في الجسم. وتتمثل وظائفها الرئيسية في مساعدة الجسم على هضم الغذاء واستخدامه ومساعدته أيضًا على تنقية الدم من النفايات والسموم.

هضم الطعام واستخدامه:

إفراز الصفراء أحد أهم الوظائف الهضمية للكبد. وتتكون الصفراء من أملاح الصفراء والمواد الأخرى. وتؤثر أملاح الصفراء على الدهون في الأمعاء الدقيقة ؛ فهي تساعد على تكسير كُرات الدهن حتى تستطيع الأنزيمات في الأمعاء أن تحول جزيئات الدهن إلى حموض دهنية وجليسيرول.

وتُنظّم الكبد أيضًا الكميّات التي تتلقاها خلايا الجسم من مغذيات معيَّنة. وتفكك الأنزيمات الهاضمة البروتينات إلى حموض أمينية في الأمعاء، وتفكك المواد الكربوهيدراتية إلى سكَّريَّات بسيطة في مقدمتها الجلوكوز. ويحمل الدم هذه المواد الغذائية وكذلك الفيتامينات والمعادن والحموض الدهنية والجليسيرول إلى الكبد. وتستبعد الكبد الجلوكوز الزائد من الدم، وتخزنه في صورة مركب شبيه بالنشا يسمَّى الجليْكُوجين. ويعمل الجلوكوز بمثابة وقود رئيسيّ لخلايا الجسم. وتحوّل الكبد الجليكوجين إلى سكر تطلقه في الدم عندما يحتاج الجسم إلى طاقة. كما تحوّل الكبد الحموض الدهنية والحموض الأمينية إلى جلوكوز عندما ينخفض مخزونها من الجليكوجين. وبهذه الطريقة، تساعد الكبد خلايا الجسم على ضمان حصولها على مدد دائم من الوقود. وتؤدي الكبد دورًا أساسيًّا أيضًا في اختزان فيتامينات معيَّنة، حيث تختزن فيتامين أ وكذلك فيتامينات د، هـ، ك بالاضافة إلى مجموعة فيتامينات ب المركب، كما تختزن الحديد والمعادن الأخرى.

تنقية الدم:

تقوم خلايا الكبد بترشيح المواد الضارَّة من الدم. وتشمل هذه المواد المبيدات الحشرية والعقاقير والمضافات الغذائية والمواد الكيميائية الصناعية. وتقوم الإنزيمات في خلايا الكبد بتحويل بعض هذه المواد إلى مركبات تذوب في الماء. ثم يحمل الدم هذه المواد إلى الكُلىَ التي تطردها في البول. وتفرز الكبد المواد الضارَّة الأخرى في الصفراء، كما ترشح من الدم أيضًا كثيرًا من البكتيريا والفيروسات والكائنات الدقيقة الأخرى. وتحيط خلايا خاصة في الكبد بهذه الكائنات الدقيقة وتهضمها بطريقة كيميائية.

وفضلاً عن ذلك، ترشح الكبد النفايات التي ينتجها الجسم. وتطلق كريات الدم الحمراء عندما تموت الهيموجلوبين ؛ وهو المركب الذي يمكنها من حمل الأكسجين. وتقوم خلايا في الكبد والأعضاء الأخرى بتفكيك الهيموجلوبين إلى مواد متعددة تشمل الحديد وصبغة صفراء محمرة تسمى بليروبين. وتفرز الكبد البليروبين في الصفراء، وتختزن الحديد لاستخدامه في إنتاج كريات الدم الحمراء الجديدة. وتُخلِّص الكبد الجسم أيضًا من النشادر (الأمونيا)، وهو نفاية سامة تتكَّون عندما تتحول الحموض الأمينية إلى مركبات أخرى في الكبد، إذ تحوِّل الكبد النشادر إلى يوريا وهي المادة التي تخرج أخيرًا مع البول.

وظائف أخرى:

تصنع الكبد بروتينات الدم المختلفة وتشمل: الأَلْبُومين (الزلال) والجُلوْبولينَات والفْيبِرينُوِجين.

يساعد الأُلْبُومِين على منع البلازما ـ وهي الجزء السائل من الدم ـ من التسرب خارج جدران الأوعية الدموية، وتساعد الجُلوبولينات الجسم على مكافحة المرض. ويمكن الفيبرينوجين الدم من تكوين جَلْطة لسد الأوعية الدموية المصابة .

ويفرز الكبد الكولسترول أيضًا ؛ وهو مادة دهنية يستخدمها الجسم في بناء أغشية الخلايا وصناعة هورمونات معيَّنة مثل الهورمونات الجنسية. والهورمونات مواد كيميائية تؤثر على وظائف الجسم المتعددة. وتستخدم خلايا الكبد الكولسترول في صناعة أملاح الصفراء.

أمراض الكبد

قد يكون لأمراض الكبد عواقب خطيرة لأنَّ الكبد تؤدِّي وظائف حيوية كثيرة جدَّا. وتحدث الوفاة إذا توقفت وظائف الكبد. ومن نعم الله أنَّ لدى الكبد قدرة كبيرة على بناء خلايا جديدة لتعويض الخلايا المريضة أو التالفة. ويستطيع الجراحون أن يستبدلوا كبدًا سليمة من متبرع ميِّت دماغيًا بكبد المريض الفاشلة أو تلك التي تعاني من مرض الكبد في حالته المتقدمة.

وأغلب أمراض الكبد غير مؤلمة في مراحلها المبكرة، ولذلك يصعب اكتشافها. واليرقان هو إحدى العلامات الأولى الدالة على مرض الكبد.

يحدث اليرقان عندما يحتوي الدم على كمية زائدة من البليروبين، حيث تؤدي هذه الزيادة إلى تغير لون الجلد وبياض العينين نحو الاصفرار. وقد ينشأ اليرقان إذا فشلت خلايا الكبد المريضة في استبعاد البِليِرُوبيِن من الدم. وقد ينشأ أيضًا إذا سدت الحصوات المرارية القناة الصفراوية المشتركة، مانعة خروج البليروبين في الصفراء. لكن اليرقان ليس علامة على اضطراب الكبد، فقد تنشأ بعض الحالات من زيادة تكسر كريات الدم الحمراء.

التهاب الكبد:

قد ينشأ التهاب الكبد من الفيروسات أو السموم. وهناك خمسة أنوع رئيسية من التهاب الكبد الفيروسي هي التهابات الكبد الألفي والبائي والجيمي والدالي والهائي. وهي تنتشر بطرق مختلفة ولها خصائص مختلفة. ينتشر التهاب الكبد الألفي مثلاً بوساطة الطعام والماء الملوثين بالنفايات البشرية أو الحيوانية. وأغلب حالات الإصابة بهذا النوع لاتؤدي إلى مرض خطير. وينتقل التهاب الكبد البائي بالاتصال الوثيق بإنسان مصاب بالعدوى أو التعرض للدم الحامل للفيروس ويمكن أن تؤدي الحالات الشديدة من التهاب الكبد البائي إلى فشل الكبد والوفاة.

وينشأ التهاب الكبد السَّامّ من التعرض للمواد الكيميائية المختلفة، وتشمل هذه المواد رابع كلوريد الكربون وسوائل التنظيف الأخرى، والمواد الكيميائية الصناعية وبعض الأدوية. ★ تَصَفح: التهاب الكبد.

تليُّف الكبد:

يحدث عندما يحل النسيج النُّدبي محلَّ خلايا الكبد السليمة. وتقلل هذه العملية من قدرة الكبد على أداء وظائفه الحيوية. وتليف الكبد سبب رئيسي للوفاة في بعض البلدان، إلا أنَّ حالات التليف لاتنتهي جميعًا بالموت.

وإدمان الخمر هو أشهر الأسباب في التليف. ويمكن أيضًا أن يؤدي التهاب الكبد إلى التليف. ★ تَصَفح: تليف الكبد.

أمراض أخرى للكبد:

تصاب الكبد بالعدوى في أحيان كثيرة عندما تهاجم الأمراض الأعضاء الأخرى في الجسم، إذ ترشِّح الكبد الكائنات الدقيقة المسبِّبة للمرض من الدم. وقد تؤثر بعض الأمراض مثل الدرن والزحار الأميبي وداء النوسجات والزهري ـ وكلها تبدأ في أماكن أخرى من الجسم ـ في نهاية الأمر على الكبد. وغالبًا ما تنتشر السرطانات من أجزاء الجسم الأخرى إلى الكبد.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية