الرئيسيةبحث

ليبيريا ( Liberia )



مونروفيا العاصمة وأكبر مدينة في ليبيريا، وهي تقع عند مصب نهر القديس بول على ساحل المحيط الأطلسي في إفريقيا.
ليـبـيريا قُطر يقع على الساحل الغربي لإفريقيا وتُعد ثانية أقدم دولة مستقلة يسكنها السود في العالم ؛ إذ تتقدمها فقط هاييتي. أنُشئت ليبيريا في عام 1822م من قِبَل الأفارقة المحرَّرين الذين أرسلتهم إلى هناك جمعية استعمارية في الولايات المتحدة. ثم انضم إلى هؤلاء الأفارقة المحرَّرين أعداد أخرى ممن أطلق سراحهم من سفن المستعمرين عندما كانت في طريقها إلى الولايات المتحدة. والاسم ليبيريا مشتق من لفظة لاتينية تعني الأرض الحرة.

يبلغ عدد سكان ليبيريا نحو 3,013,000 نسمة. في حــين تبلغ مساحتها 111,369 كم². مناخها حار رطب، وتكثر فيها الحشائش والأراضي الزراعية، بجانب مساحات واسعة من الغابات.

ويعيش أكثر من نصف سكان ليبيريا (55%) في الريف حيث يعتمدون على الزراعة. والعاصمة مونروفيا وهي أكبر مدينة أيضًا. وقد سميت باسم رئيس الولايات المتحدة جيمس مونرو، الذي عمل على استيطان الأفارقة في ليبيريا.

نظام الحكم

قصر العدالة في مونروفيا من المباني الحديثة في ليبيريا. وتعقد المحكمة العليا جلساتها فيه.
اجتاحت ليبيريا حرب أهلية عام 1990م تعاقبت خلالها حكومات متصارعة. وفي عام 1994م، شكلت حكومة مؤقتة ضمت ممثلين لثلاثة فصائل سياسية رئيسية إلى حين إجراء انتخابات جديدة. وبعد الانتخابات، قدر أن يعود نظام الحكم إلى ما كان عليه قبل نشوب الحرب الأهلية. والفقرة التالية تبسط نظام الحكم قبل الحرب الأهلية التي بدأت عام 1990م.

يرأس الدولة في ليبيريا رئيس منتخب لفترة ست سنوات. ويقوم الرئيس بتعيين مجلس وزاري لتصريف شؤون الحكم. أما الهيئة التشريعية التي تعدُّ القوانين، فتتكون من مجلسين: مجلس الشيوخ ويتكون من 26 عضوًا، ومجلس النواب ويتكون من 64 عضوًا. ويتم انتخاب أعضاء مجلس الشيوخ لفترة ست سنوات، بينما يتم انتخاب أعضاء مجلس النواب لمدة أربع سنوات. ويحق الاقتراع لكل مواطن بلغ من العمر 18 عامًا. ولقد قُسِّمت ليبيريا إلى 13 إقليمًا، لكل إقليم مشرف يعينه الرئيس. وهناك عدد من الأحزاب السياسية تشمل الحزب الوطني الديمقراطي الليبيري وحزب العمل الليبيري وحزب الاتحاد الليبيري، وحزب الوحدة.

وتشرف المحكمة العليا على النظام القضائي في ليبيريا، ويرأسها قاض معه أربعة قضاة مساعدون يعينهم رئيس الدولة. وهناك نظام قضائي آخر يعتمد القوانين العرفية في إفريقيا.

السكان

أغلب السكان في ليبيريا من الأفارقة، بجانب أعداد محدودة من الأمريكيين والأوروبيين واللبنانيين وبعض الهنود الآسيويين. وتتكون المجموعة الإفريقية من عنصرين أساسيين هما ـ السكان الأصليون، الذين عاش أجدادهم في المنطقة منذ آلاف السنين، ثم الليبيريون الأمريكيون، أي المنحدرون أساسًا من أفارقة أمريكيين، أرسلتهم الولايات المتحدة للاستيطان في ليبيريا.

ويكون الأفارقة الأصليُّون نحو 95% من سكان ليبيريا. وهم ينقسمون إلى 16 مجموعة عرقية، لكل منها لغتها وعاداتها وتاريخها وأرضها. وأكبر هذه المجموعات هم الكبلا الذين يقطنون في وسط ليبيريا، والباسا سكان الساحل. ومن الجماعات الأخرى أيضًا: الجيو والقُرَعان والكرْو، والماندينجو والمانو.

أما الليبيريون ـ الأمريكيون فهم يشكلون 5% من مجموع السكان. ويتركز وجودهم في مدن الساحل. وهم أكثر ثراء من السكان الأفارقة الأصليين. وكان الليبيريون ـ الأمريكيون يسيطرون على مقاليد الحكم في البلاد قبل ثورة بعض السكان الأصليين في عام 1980م، وهي التي أتت بالسكان الأصليين إلى السلطة.

حياة المدن:

يعيش نحو 45% من سكان ليبيريا في المراكز والمدن، حيث يسكن بعضهم في منازل فخمة، في حين يسكن أغلب السكان في منازل صغيرة من الخشب وسقوفها من الصفيح. وتمتاز مدن ليبيريا بالمباني الكبيرة والأسواق ودور العرض والشوارع المزدحمة. كما أن معظم سكان المدن يعتمدون على خدمات الكهرباء والمياه داخل منازلهم.

ويعمل سكان المدن في المدارس والمحلات التجارية والمصانع والمكاتب الحكومية. كما نجد كثيرًا منهم يعملون أطباء ونجارين وسائقي سيارات أجُرة وخدمًا. وتنتقل يوميًا أعداد غفيرة من نساء المدن للعمل في المزارع الريفية. والحياة العائلية ذات أهمية في ليبيريا حيث نجد نظام الأسرة المتكافلة التي تشمل الأبناء والأحفاد الذين يعيشون عادة مع الأبوين في مكان واحد.

حياة الريف:

يعيش السكان في الأقاليم الريفية (55%) في قرى صغيرة، حيث تبنى معظم المنازل من الطين وتُسقف بالقش. ولا توجد شبكات مياه أو كهرباء داخل المنازل.

ويعمل أغلب سكان الريف بالزراعة. أما الذين يعيشون بالقرب من الســاحل، فإنهم يعملون في صيد الأسماك أو في السفن. وكما هو الحال في المدن، يسود هنا أيضًا نظام الأسرة المتكافلة داخل المنزل الواحد.

الأديان واللغات:

يدين نحو 30% من السكان في ليبيريا بالنصرانية، في حين نجد 20% منهم مسلمين. وتُمارس بعض المعتقدات الإفريقيـــة التقليدية في القرى والريف بصفه عامة.

واللغة الرسمية في الدولة هي الإنجليزية التي تُستعمل في دواوين الدولة وفي الأعــمال التجارية، كما تُدرًّس في المدارس. ولكل مجموعة إفريقية عرقية لغة خاصة بها، وقد يتميز بعضهم بلهجات متباينة.

التعليم:

يشمل النظام التعليمي ست سنوات للتعليم الأَّولي، وست سنوات أخُرى للتعليم الثانوي. وتعمل الدولة على مساعدة بعض المدارس، في حين توجد مدارس أخرى تديرها مؤسسات تنصيرية. ويُلزم القانون الأطفال الالتحاق بالمدارس، ولكن نحو 60% منهم فقط يلتزمون بذلك، في حين يكون عدد حضور البنات أقل كثيرًا من البنين. وتفتقر ليبيريا للعدد الكافي من المدارس خاصة في الأقاليم الريفية، كما ينقصها أيضًا المدرسون والأدوات المدرسية.

وتوجد في ليبيريا جامعة واحدة وكلية واحدة وثلاثة معاهد مهنية. ويُلاحظ أن الذين يستمرون في التعليم العالي لا يزيد عددهم على 1% من سكان ليبيريا، في حين أن الذين يستطيعون القراءة والكتابة في كافة القطر، تقدر نسبتهم بنحو ثلث السكان.

السطح والمناخ

ليـبــيـــــــريا الخريطة السياسية
تتميز ليبيريا بساحل وَعْرٍ، وسهل ساحلي ضيق يتدرج في ارتفاعه نحو الداخل، ليتــصل بهضبة تتخللها تلال قليلة الارتفاع، مثل تلال بومي، وسلسلة مرتفعات بونج. وتسود الغابات دائمة الخضرة في المناطق المرتفعة من الهضبة، حيث توجد أشجار الماهوجني والأخشاب الصلبة. أما في الشمال والشمال الغربي فنجد بعض المرتفعات التي تضم جبال ولوجــيزي وجبـــال نمبا. أهم نهر في ليبيريا هو نهر كافالي، يُنطق كافالا كذلك، وهو يشكل الحدود بين ليبيريا وساحل العاج. وهناك نهر سانت بول. وهو يخترق المرتفعات في الشمال.

والمناخ في ليبيريا حار رطب. ويبلغ متوسط درجة الحرارة السنوية 27°م في الساحل. ويسود معظم ليبيريا فصل جاف وفصل ممطر. وعلى الساحل يمتد فصل الجفاف ما بين ديسمبر ومارس. وتقل الأمطار كلما توغلنا نحو الداخل ؛ إذ يبلغ المتوسط في الساحل 510 سم وفي الداخل 220 سم في السنة.

وقد كانت ليبيريا في تاريخها غنية بالحياة الفطرية، لكن معظم هذه الثروة الحيوانية قد انقرضت لكثرة اصطيادها. ونجد من الحيوانات هنا الأفيال والتماسيح وفرس البحر والظباء والنمور الرقطاء حيث ينتشر وجودها في الشرق والشمال الغربي من البلاد.


الاقتصاد

يشتغل نحو 75% من العــمالة في ليبيريا بالزراعة. ويشكل الإنتاج الزراعي نحو 20% من الناتج الوطني الإجمالي، الذي يمثل مجموعة السلع والخدمات المنتجة في القطر خلال سنة. كما يمثل قطاع الخدمات 54% من الناتج الوطني الإجمالي. وهذا القطاع يستوعب نحو 16% من القوى العاملة. أما التعدين فإنتاجه يعادل 14% من الناتج الوطني الإجمالي، ويستوعب حوالي 6% من القوى العاملة. ثم يأتي قطاعا الصناعات والتشييد، اللذان يشكلان على التوالي نحو 12% و 3% من الناتج الوطني الإجمالي.

العامل ينقر شجرة لتجميع عصارة المطاط بالمزرعة. أصبح المطاط مصدرًا رئيسيًا للدخل منذ عام 1930م
مزارعون في ريف ليبيريا يسكنون في قرى صغيرة. وهم يزرعون المواد الغذائية لسد احتياجات أسرهم ويلاحظ في الصورة طريقة وضع الحبوب لتجفيفها تحت الشمس.

الزراعة:

تُعدُّ الزراعة العمل الرئيسي في ليبيريا، إذ يقوم معظم الأهالي بزراعة حقول صغيرة في مجتمعاتهم المحلية. وأهم المحاصيل الغذائية المنتجة هي المنيهوت (الكاسافا) والأرز وقصب السكر والفواكه المدارية. ويرعى معظم المزارعين بعض الأغنام والماعز والخنزير وغيرها من الماشية. وتُتبًّع الأساليب التقليدية القديمة في الإنتاج الزراعي، وقليل من هؤلاء المزارعين يمتلك آلات زراعية حديثة. ويستهلك جُل الإنتاج الزراعي للاكتفاء الذاتي وقليل منه يتم بيعه في المدن. لذا نجد ليبيريا تستورد كثيرًا من احتياجاتها الغذائية لسكان المدن.

ومن الأنماط الزراعية أيضًا، المزارع الواسعة لزراعة المطاط. وهذه المزارع تمتلكها شركات أجنبية، وتُستخدم فيها الأساليب الحديثة في الزراعة كما تُستخدم الأيدي العاملة الوطنية. وفي هذه المزارع يُنتج المطاط، وهو المحصول الرئيسي للتصدير كما يُنتج الكاكاو والبن.

وتوجد في ليبيريا أيضًا مساحات واسعة من الغابات التي يتم استغلالها في قطع الأخشاب وتصديرها أو استخدامها حطب وقود وفي بناء المنازل.

قطاع الخدمات:

وهو القطاع الاقتصادي الذي يُعنى بإنتاج الخدمات غير السلعية، وقد صارت هذه الخدمات مهمة جدًا للإنتاج الاقتصادي في ليبيريا. وأهم الخدمات هي العمل في الأنشطة الحكومية بجانب الخدمات المالية والتأمينات وتنمية العقارات.

التعدين:

ويعتبر الحديد أهم ثروة معدنية في ليبيريا، وتقوم باستخراجه شركة إيطالية ـ ألمانية. كما يتم استخراج الذهب والماس أيضًا.

الصناعات:

تعمل المصانع في ليبيريا في إنتاج الخامات الزراعية وثمــار الغابات بجـــانب إنــتاج المعادن. وتملك الدولة مصفــاة للنفــط ومصانع لإنتــاج الصـــابون والمشروبات والمتفجرات.

النقل والاتصالات:

معظم الطرق في ليبيريا غير مرصوفة. ولكن توجد خطوط سكك حديدية أنشأتها شركات التعدين في مونروفيا وبوكانان، كما يوجد في مونروفيا مطاران. وقليل من الليبيريين يمتلكون سيارات. وينتقل أغلب سكان المدن راجلين أو باستعمال الحافلات أو عربات الأُجرة، في حين يرتحل أهل الريف على أرجلهم دائمًا.

وُيلاحظ أن أكبر الأساطيل التجارية البحرية في العالم تُسجَّل تحت العلم الليبيري. وفي الحقيقة، تملك ليبيريا قليلاً من السفن التجارية. أما بقية الأساطيل، فهي لأقطار وشركات عالمية تلجأ لتسجيلها في ليبيريا لضآلة الضرائب والرسوم فيها. وتوجد في ليبيريا ثلاث صحف يومية. بجانب مذياع واحد لكل أربعة أشخاص، فيما تكون نسبة من يملك جهاز تلفاز نحو 2% من سكان ليبيريا.

نبذة تاريخية

الفترة الأولى:

يعود معظم تاريخ مواطني ليبيريا الأوائل إلى سلالات جاءت من ممالك السهل السوداني في الفترة بين القرنين الثاني عشر والسادس عشر الميلاديين. ثم بدأ التبادل التجاري مع البحارة البرتغاليين في سواحل ليبيريا الحالية خلال القرن الخامس عشر الميلادي. وكان البرتغاليون يتاجرون في العاج والبهار. وقد أطرى التجار البرتغاليون نوع البهار المسمّى فلفل مالاجوتا. وقد سموه أيضًا حبوب الجنة وعُرف الإقليم بساحل الحبوب.

استيطان الليـبـيريين:

في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر الميلاديين، زاد تخُّوف بعض الأمريكيين البيض من وجود الأفارقة المحررين في ديارهم ؛ لأن وجودهم ربما أشاع شعورًا بالتذمر وعدم الرضا بين أولئك الأفارقة الذين مازالوا تحت خدمتهم. كذلك، كان هناك بعض البيض ممن كان يرفض تمازج الأفارقة المحررين وتواصلهم في بنية مجتمعاتهم. ومن ثم كونت مجموعة من الأمريكيين البيض جمعية الاستعمار الأمريكية في عام 1816م. وكان هدف هذه الجمعية هو إعادة المحررين إلى إفريقيا. فاشترت الجمعية من المواطنين مساحات واسعة من الأراضي على طول ساحل الجنوب، وبدأت التوطين. وقد سُمِّيت المستوطنة مونروفيا باسم الرئيس جيمس مونرو. ثم وصلت أول دفعة من الأفارقة المحررين للمستوطنة عام 1822م. كما وصل أيضًا عدد آخر من الأفارقة الذين حررتهم البحرية الأمريكية من السفن التي كانت ما زالت تمارس تجارة الرقيق غير المشروعة.

وقد واجه هؤلاء المستوطنون العديد من الصعوبات، كان أبرزها عدم وجود الغذاء الكافي وموت بعضهم بسبب تفشي الأمراض. هذا بجانب هجمات من السكان الأصليين الذين تخوفوا من احتمال فقدان بلادهم بدخول الليبيريين ذوي الأصول الأمريكية فيها.

وفي عام 1838م، تم تكوين كومنولث ليبيريا بمشاركة مستوطني مونروفيا مع سكان المنطقة الأصليين. واهتم الاتحاد الجديد برعاية شؤون البلاد، ولكنه كان خاضعا لقبضة جمعية الاستعمار الأمريكية، وصار الحاكم أحد الليـبيريين ـ الأمريكيين القادم من فرجينيا واسمه جوزيف جنكنز روبرتس، وقد حاول زيادة العائدات من التجارة ففرض الضريبة الجمركية على الصادرات والواردات. ولكن التجار الأوروبيين رفضوا الاعتراف بهذه الحقوق لاتحاد الكومنولث. كما ظهرت في الوقت ذاته بوادر خلاف بين المستوطنين وجمعية الاستعمار الأمريكية عندما فكر المستوطنون ـ الأمريكيون في الاستقلال، فاعترضت الجمعية على مساندة هذا الأمر. وفيما بعد تم استقلال ليبيريا في 26 يوليو 1847م. وأصبح روبرتس أول رئيس لها.

جمهورية ليبيريا:

إن الحماية الجمركية التي أقامتها ليبيريا على الصادرات والواردات من تجارتها زادت من تكلفة التبادل التجاري مع المنطقة، مما أدى إلى تدهور تجارة ليبيريا وتدني اقتصادها. واضطرت حكومة ليبيريا في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين لأخذ معونات وديون من أقطار أجنبية لسداد فواتير حساباتها. وكان خيارها الوحيد في زيادة التعرفة الجمركية لزيادة دخلها.

وسعيًا لتحسين أحوالها الاقتصادية وافقت الحكومة سنة 1926م على تأجير مساحات واسعة من أراضيها إلى شركة فايرستون الأمريكية، لزراعة المطاط. وقد كانت قيمة الإيجار هذه تشكل مصدر دخل مهمًا للدولة بجانب استيعاب المزارع للعديد من الأيدي العاملة في ليبيريا.

ثم جاء الرئيس وليم ف.س. تبمان للحكم في عام 1944م. كان قائدًا نشطـًا فعزم على تطوير الاقتصاد ودمج الليبيريين ـ الأمريكيين مع الأفارقة الأصليين في إطار البلد الواحد. فزاد في عهده التبادل التجاري الخارجي، وازدهر تعدين الحديد. وكان من أهداف سياسته أن ينال الأهالي الأصليون في الدولة المزيد من الفرص الاقتصادية والسياسية، وإن كان في ذات الوقت يحتفظ بالحكم في أيدي الأقلية الليبيرية ـ الأمريكية التي هيمنت على تاريخ البلاد منذ فترة طويلة.

الإصلاحات الحديثة:

بعد وفاة تبمان في عام 1971م، خلفه نائب الرئيس وليم تولبرت وهو من الليبيريين ـ الأمريكيين كذلك. وقد حاول تولبرت بدوره أن يقتفي أثر خطوات تبمان، ولكن واجهته العديد من المشكلات ؛ حينما انخفض سعر الحديد الخام والمطاط إبان فترة حكمه، مما انعكس أثره سلبــًا على اقتصاد ليبيريا. كما أن زيادة أسعار الأرز في عام 1979م تسببت في إحداث شغب وتظاهرات شعبية احتجاجاً على هذه الزيادات. وقد اتضح في تلك الحقبة اتساع الفوارق بين الأغنياء والفقراء.

ومن ثم قامت مجموعة صغيرة من العسكريين من الأفارقة الأصليين في ليبيريا بانقلاب عسكري، وقتلوا الرئيس تولبرت واستولوا على الحكم في عام 1980م. ثم نصبَّوا صمويل دو، وهو جندي برتبة عريف رئيسًا للدولة.

وفي عام 1984م، أصدرت الحكومة العسكرية دستورًا جديدًا في ليبيريا. وبعد ذلك بعام واحد، أجريت انتخابات عامة لاختيار رئيس للدولة ومجلس تشريعي. فكان أن أعلن عن فوز دو بالرئاسة، ونال حزبه المعروف بحزب ليبيريا الوطني الديمقراطي أغلبية مقاعد المجلس التشريعي. ولكن هناك بعض المواطنيين الذين كانوا يعتقدون بحدوث تلاعب في الانتخابات من جانب دو ورفاقه. ومع ذلك تقلدت حكومة دو الجديدة الحكم في عام 1986م.

ثم نشبت حرب أهلية في ليبيريا، عام 1989م، بين مجموعات من الفصائل العرقية تشمل جماعة الجيو والمانو من جهة (الجبهة الليبيرية الوطنية)، وجماعة دو المعروفين باسم القرعان وحلفائهم من الماندينجو، من جهة أخرى (القوات المسلحة الليبيرية). وقد تمكنت قوات الجيو من القبض على دو وقتله. ولكن ظلت الجماعات المتحاربة تتقاتل للوصول إلى الحكم. فأرُسلت وحدات من قوات غربي إفريقيا لحفظ السلام في ليبيريا، وذلك لحماية القرعان وإعادة النظام إلى البلاد. ومن ثم، تمَّ الاتفاق بين الأطراف المتنازعة في عام 1990 م على وقف إطلاق النار وتكوين حكومة انتقالية في العاصمة، في حين ظلت إحدى الفصائل، الجبهة الليبيرية الوطنية، تسيطر على المنطقة الريفية. وفي أكتوبر 1992م، هاجمت قوات الجبهة الليبيرية الوطنية العاصمة واستعر القتال بين الفصائل. ثم اتفقت الأطراف المتنازعة على وقف إطلاق النار عام 1993م، إلا أن القتال استمر على جميع الجبهات. وفي سبتمبر 1994م، وافق زعماء الجبهة الليبيرية الوطنية وجبهة تحرير ليبيريا المتحدة من أجل الديمقراطية والقوات المسلحة الليبيرية على اقتسام السلطة فخفت حدة المعارك في البلاد. وشكلت حكومات مؤقتة في عامي 1994 و1995م. ورغم ذلك استمرت أعمال العنف. وفي أغسطس 1996م توصلت الفصائل المتنازعة إلى اتفاق سلام وتوقفت العمليات العسكرية. وفي يوليو 1997م أقيمت انتخابات رئاسية ونيابية وأصبح تشارلز تايلور رئيساً للبلاد. قتل أكثر من 100,000 ليبيري في الحرب الأهلية التي دارت رحاها لثماني سنوات.

★ تَصَفح أيضًا: مونروفيا ؛ تبمان، وليم ف س .

المصدر: الموسوعة العربية العالمية