الرئيسيةبحث

الياباني، الأدب ( Japanese literature )



الياباني، الأدب. الأدب الياباني من أعظم آداب العالم. ويعكس كثيرًا من خصائص الشعب الياباني، مثل تمسُّكه بالتقاليد وشدة تأثره بالطبيعة. وربما أنتج اليابانيون أول أعمالهم الأدبية المكتوبة في القرن السادس الميلادي، لكن اليابان كانت معزولة لفترة طويلة عن باقي العالم، كما أن لغتها المكتوبة كانت صعبة التعلُّم. ولذا فقد بقي الأدب الياباني غير معروف تقريبًا خارج اليابان حتى القرن العشرين.

البدايات:

أقدم الأعمال المعروفة حاليًا في الأدب الياباني كتابان تاريخيان، الأول هو سجل الأحداث القديمة (712م)، والثاني هو تاريخ اليابان (720م). هذه الأعمال تُمجد في معظمها الأسرة الإمبراطورية، لكنها تشمل أيضًا الحكايات الشعبية والخرافات والأساطير والأغاني.

وقد ظهرت باكورة الشعر الياباني، المعروفة باسم مانيوشو في القرن الثامن الميلادي. وتحتوي هذه المجموعة على 4,500 قصيدة،كتبها مئات الشعراء. وللقصائد اليابانية، بسبب طبيعة اللغة نفسها، إيقاع عميق يحتاج إلى جهد للتوصل إلى فهمه، وليس لها قافية. وهي تُكتب في عدد معين وثابت من المقاطع. وتتكّون قصيدة المانيوشو المذكورة أعلاه من 31 مقطعًا شعريًا، تُسمى تانكا، وتتناول الصداقة والحب والطبيعة. وتشمل كذلك القصائد الطويلة التي يمجّد كثير منها الأسرة الإمبراطورية.

الفترة الهيانية (794-1185م):

كانت هذه الفترة الأولى العظيمة للأدب الياباني. فإبان هذه الفترة كان معظم الناس الذين يكتبون، ويستمتعون بالأدب أعضاء في طبقة النبلاء. وكان أعظم الكتاب من النساء.

وكان أول أعمال الأدب الروائي الياباني حكاية حطّاب البامبو، وقد كتبها كاتب مجهول في بداية القرن العاشر. وفي بداية القرن الحادي عشر الميلادي كتبت موراساكي شيكيبو، وهي إحدى وصيفات إمبراطورة مشهورة، حكاية جنجي. وهذه القصة الطويلة تُعدّ أعظم الأعمال الروائية اليابانية. وهي تتفوق كثيرًا على كلِّ القصص التي سبقتها، من حيث أسلوبها الفني الراقي، والوصف الدقيق للعواطف الإنسانية. كذلك كانت اليوميات والمقالات أشكالاً أدبية مهمة إبان الفترة الهيانية. وقد صوّرت سي شوناغون عادات وقيم البلاط الهياني ومجتمعه في مُجلّد مقالاتها المُسمى كتاب المخدع.

وبحلول القرن العاشر الميلادي، أضحت مفردات الشعر الياباني وموضوعاته محدودة. وأصبحت المهارة الفنية السّمة المميزة للشعر الياباني. كذلك أتت الأفكار البوذية عن مبدأ فناء الإنسان بجدية جديدة للشعر الياباني في القرن الثاني عشر الميلادي. وحاول الشعراء أيضًا الولوج إلى ما بعد حدود القصائد المفردة القصيرة، بكتابة مجموعات من القصائد ذات موضوعات وخيالات مرتبط بعضها ببعض.

فترة القرون الوسطى (1185 - 1587م):

بدأت طبقات المحاربين المتعلمين الذين التحقوا بطبقة النبلاء في إنتاج وقراءة الأدب إبان فترة القرون الوسطى. وفي بداية القرن الرابع عشر الميلادي، بدأت الميول تتجة نحو القصص التاريخية،كما ازدادت نغمة التشاؤم عن مصير الجنس البشري، حيث أوحت هذه النغمة بكتابة حكاية هيكي لكاتب غير معروف. وهي قصة تحكي عن الصعود والهبوط العنيف لأسرة هيكي. وقد ردد المغنون هذه الحكاية عبر القرون الوسطى كلها، كما أنها كانت مصدر الوحي والإلهام لقصص المسرحيات إبان القرون اللاحقة.

وأكثر الروايات والمقالات شهرة إبان القرون الوسطى كانت قصة كوخي، التي كتبها كامو نو شومي ومقالات عن الخمول لكاتبها يوشيدا كينكو. هذه الأعمال تقدم رؤى عميقة ومتبصرة عن النظرة اليابانية التقليدية إلى الحياة والفن. وفي الشعر بقيت قصيدة التانكا، الشكل الشعري الرئيسي خلال فترة القرون الوسطى. وألّف الشعراء أيضًا قصائد ونجا، وهي سلاسل من القصائد المتشابكة كتبها عدد من الشعراء.

وأقدم أشكال الدراما اليابانية دراما النو التي أدّيت في القرن الرابع عشر الميلادي. وقد تطوّرت عن أداء الأغاني والرقص التي كانت لفترات طويلة جزءًا من الطقوس الدينية والشعبية. وفي أواخر القرن الرابع عشر الميلادي، شكّل ممثل وكاتب مسرحي اسمه زيمي موتوكيو، دراما النو، بالطريقة التي لازالت تؤدَّى بها حتى اليوم. وقد جمع بين الرقص والترانيم والفكرة الأدبية واللغة الشعرية القديمة.

عهد عائلة طوكيوجاوا (1603 - 1867م):

كانت أكثر الأعمال الأدبية نجاحًا وانتشارًا في فترة الطوكيوجاوا، تلك التي كانت موجهة إلى سكان الحضر من أفراد الطبقات الوسطى. فقد كان كثير من الأعمال النثرية لذلك العهد يتناول مظاهر الحياة اليابانية الحضرية، إضافة إلى موضوعات فكاهية أو جنسية. وفي أواخر القرن السابع عشر، ترك إيهارا سايكاكو صناعة الشعر الناجحة التي كان يمارسها، واتجه إلى الأدب الروائي، حيث أصبح أشهر كاتب روائي في هذه الفترة.

وإبان فترة الطوكيوجاوا، ظهر نوع جيّد من القصائد الشعرية التي كانت تُسمى الهايكو والتي تحدّت شعبية قصائد التانكا. وللهايكو 17 مقطعًا شعريًا، وبدأت بأسلوب هزلي لأبيات شعرية سهلة الكتابة. ولكن في أواخر القرن السابع عشر الميلادي غيَّر ماتسو باشو الهايكو إلى شكل فني جادّ. وقد وصفت قصائده التي كُتبت حسب قواعد صارمة ودقيقة، موضوعات عن الطبيعة، وشملت إشارة إلى فصل من فصول السنة. وهذه القصائد توحي بمجرد أفكار ومشاعر، لذا فعلى القارئ أن يُعمل خياله لتفسيرها وشرحها.

وقد ازدهر نوعان من الدراما إبان القرن السابع عشر الميلادي، هما : مسرحيات الكابوكي ومسرح العرائس (الدمى المتحركة). ومسرحيات الكابوكي ميلودراما عاطفية تظهر الأزياء الملونة الجميلة والتمثيل النابض بالحيوية. وقد مثل مسرح العرائس في بداية القرن الثامن عشر الميلادي عددًا من الروائع الدرامية كتبها أعظم الكتاب المسرحيين اليابانيين وهو شيكاماتسو مونزايمون ؛ فقد حوّلت ملكته الشعرية في كتاباته، الشخصيات البسيطة في رواياته، مثل عمال المتاجر والعاهرات، إلى شخصيات مأساوية. ★ تَصَفح: المسرحية.

الفترة الحديثة:

غيّرت المؤثرات والأفكار الغربية الأدب الياباني منذ نهاية فترة الطوكيوجاوا بدرجة كبيرة. وقد كان أكبر النتائج لهذه المؤثرات ظهور القصة الحديثة. فإبان الثمانينيات من القرن التاسع عشر الميلادي، دعت جماعة صغيرة من الكتاب اليابانيين الذين تعلموا اللغات الغربية، إلى التخّلي عن الأشكال الأدبية القديمة. وقد رأى بعض المؤلفين أمثال فوتاباتي شيمي وتسوبوشي شويو، أن على اليابانيين أن يكتبوا رواياتهم وقصصهم بالأسلوب الأوروبي، مقابلاً فكريًا للتقدم التقني الياباني. وقد استجاب فوتاباتي لهذا الرأي فأصدر روايته السحب المنجرفة في عام (1889م).

ويُعدُّ كثير من الناس ناتسومي سوسيكي، أعظم كاتب روائي ياباني. فقد بنى الرواية الحديثة بوصفه كاتبًا روائيًا وناقدًا أدبيًا في أوائل القرن العشرين، بحيث أصبحت شكلاً أدبيًا معتبرًا، كما كتب شيغا ناويا أعمالاً قليلة. ولكن روايته قضاء ليلة مظلمة (1937م) ذات الشعبية الدائمة رسّخت شهرته. وقد كان ياسوناري كاواباتا أول كاتب ياباني يفوز بجائزة نوبل في الأدب عام 1968م. ثم انضم إليه الروائي كينزابيورو أو الذي حاز الجائزة عام 1994م. ومن الأدباء اليابانيين المحدثين البارزين تانيزاكي جونيشيرو وآبي كوبو ويوكيو ميشيما.

ولقد كان للأدب الغربي أثره على الشعر والمسرحية اليابانية في القرن العشرين، ولكن مازال بعض الشعراء ملتزمين بطريقة التانكا والهايكو، بيد أنّ الطابع الغالب الآن هو القصائد الطويلة والشعر المُرْسَل.

وبالرغم من المؤثرات الغربية فإن التقاليد مازالت على أية حال، قوية في اليابان. ففي عام 1970م انتحر يوكيو ميشيما بطريقة محاربي القرون الوسطى. وقد فعل ذلك في الوقت نفسه، بينما كان يُعلن احترامه وتقديسه للأسرة الإمبراطورية، التي احتلت مكانًا بارزًا في الأدب الياباني الباكر.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية