هولمز، أوليفر وندل ( Holmes, Oliver Wendell )
أوليفر وندل هولمز |
عُرف عن هولمز توقّد ذهنه وجاذبيته، وأسلوبه الأدبي الممتع. كَفَل له حماسه وروح دعابته أن يحرز شهرته مدرساً وخطيبًا. وقد أصبح ابنه أوليفر وندل هولمز الصغير قاضيًا مشهورًا في المحكمة العليا بالولايات المتحدة.
حياته:
ولد هولمز في كمبردج بولاية ماساشوسيتس حيث كان والده راعيًا دينيًا بارزًا. ثار هولمز في شبابه ضد معتقدات أبيه الدينية النصرانية الصارمة. وساند بعد ذلك الآراء الدينية النصرانية المتحررة في كثير من خطبه وكتاباته.تخرج هولمز عام 1829م، في كلية هارفارد، والتحق بمدرسة القانون، إلا أن دراسة القانون أصابته بالسأم، وبدأ دراسة الطب عام 1830م. درس في مدرسة هارفارد للطب، على يد أطباء اختصاصيين في بوسطن وباريس.
كتب هولمز قصائد كثيرة وهو طالب من بينها أولو العزم القدامى (1830م)، التي احتجت على خطط الأسطول البحري الأمريكي لتدمير السفينة كونستتيوشن وهي فرقاطة تاريخية لم تعد صالحة للإبحار. وساعدت القصيدة على إنقاذ السفينة من التدمير.
حصل هولمز عام 1836م، على درجة الدكتوراه في الطب من هارفارد، وأصبح طبيبًا في بوسطن وماساشوسيتس.
نال هولمز مكانته بما كتب من مقالات بارزة في الموضوعات الطبية وكانت أهم مقالة له بعنوان حمى النفاس المعدية (1843م)، وتنجم حمى النفاس التي قتلت نساء كثيرات، عن عدم توافر الشروط الصحية أثناء الولادة. وكان اكتراث العاملين في المجال الطبي في عهد هولمز بالنظافة ضئيلاً. وأوضح هولمز أن الأطباء يستطيعون المساعدة في منع المرض ببساطة بأن يغسلوا أيديهم ويرتدوا ملابس نظيفة قبل عملية التوليد. وساعد المقال الذي نشره في إنقاذ حياة الكثيرات، ورأى هولمز في ذلك أعظم إنجازاته.
في عام 1847م، تم تعيين هولمز عميدًا لمدرسة هارفارد الطبية وأستاذًا للتشريح وعلم وظائف الأعضاء بها. وظل عميدًا حتى عام 1853م، وظل يدرس بها حتى عام 1882م. وقد خصص هولمز الفترة الأخيرة من الصباح لمحاضراته، لأن حماسه ومرحه كانا كفيلين بإثارة رغبة الطلاب لمتابعته.
نال هولمز كذلك شهرة بوصفه خطيبًا، فقد واصل الكتابة عدة سنوات، وألقى قصائد مثيرة في مناسبات خاصة كثيرة. وقدم محاضرات حيوية في الأدب. وقد أكسبته حرارة مودته وروح الدعابة عنده الكثير من الأصدقاء، بما فيهم العديد من المؤلّفين.
في عام 1857م ساعد هولمز جيمس رسل لوويل وعددًا آخر من الكتاب في إصدار مجلة جديدة أطلق عليها هولمز اسم أتلانتك مانثلي. وانضم إلى أسرتها ككاتب عمود. وبفضل هذا العمود، الذي اتسم بالحكمة والذكاء، ذاع صيت هولمز وصيت المجلة. واستمر هولمز ينشر المقالات والروايات الأدبية والأشعار حتى الثمانينيات من عمره.
كتاباته:
تُعدُّ معظم كتابات هولمز أقرب للشعر الشعبي أو الزجل منها للشعر الرصين، وإن كان الكثير منها يتميز بالوصف الدقيق للطبيعة وكشف أغوار الشخصية الإنسانية. ومن أشهر قصائده إلى جانب قصيدة أولو العزم القدامى قصيدة الورقة الأخيرة (1831م) ؛ اللآلئ داخل القواقع (1858م) ؛ القناعة (1858م) ؛ رائعة الشماس (1858م).ويعد كتاب حول مائدة الإفطار (1858م)، أشهر كتب هولمز ويضم الاثنتي عشرة مقالة الأولى التي كتبها لمجلة أتلانتيك مانثلي. ويروي كل مقال حوارًا شيقًا ذكيًا يُفترض أنه يدور على مائدة الإفطار في بنسيون، لكن الحديث يُعَبِّر فعليًا عن ملاحظات المؤلّف وآرائه حول كثير من الموضوعات، ومن بينها الطبيعة البشرية والأخلاق والدين والعلم.
ألّف هولمز أيضًا ثلاث روايات هي إلزي فينر (1861م) ؛ الملاك الحارس (1867م) ؛ الكراهية القاتلة (1885م)، وكلها تدافع عن آراء هولمز الدينية المتحررة. ولكن أيًّا منها لا يرقى إلى مصاف الأدب القصصي. وفي محاضرة ألقاها هولمز عام 1870م، عن الآلية في الفكر والأخلاق استكشف العقل الباطن الذي أسماه ورشة الفكر التحتية. وقد كتب هذا العمل الرائع قبل أن ينشر عالم النفس النمساوي سيجموند فرويد وصفه للعقل الباطن بأكثر من عشرين عامًا.