الرئيسيةبحث

النقابات ( Guilds )



النِّقابات جمعيات تضم مجموعة من الناس ذوي المصالح المشتركة أو العاملين في مهنة أو صنعة واحدة. وقد كوَّن الناس نقابات خيرية واجتماعية، كما كان أعضاء النقابات الدينية يدفعون المال إلى صندوق مشترك. وكان من يحتاج منهم إلى مساعدة بسبب المرض أو كبر السِّن يحصل على مساعدة عرِفت باسم الصَدقات. وكانت هذه النقابات تدفع تكاليف الدفن عندما يموت عضو من الأعضاء.

وقد تم حظر النقابات الدينية في إنجلترا في القرن السادس عشر الميلادي. وكانت النقابات التي كونها التجار وعمال الحرف، لحماية مصالحهم العملية، ذات تأثير دام كثيراً. وتعرف هذه النقابات باسم نقابات التُّجار والحرفيين.

نقابات التجار:

كانت نقابات التجار بمثابة جمعيات عامة لكل رجال الأعمال في هذه المدينة أو تلك. وقد تطوَّرت هذه النقابات خلال القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين. وكان العديد من المدن التي بها نقابات للتُّجار تهدف إلى حماية المصالح التجارية للأعضاء. وكانت هذه النقابات منفصلةً، كما كان لكلٍّ منها تنظيماتها الخاصة بأعضائها. وقد كانت هذه التَْنظيمات تختلف من مدينة إلى أخرى. وكان أعضاء نقابة مدينة بعينها يسيطرون على تجارة الجملة والتجزئة كلها في تلك المدينة. كما كانت نقابة كل مدينة تفرض إتاوةً (ضريبة) على مبيعات التُّجار من البلدان الأخرى. ويدفع الأعضاء الاشتراكات التي كانت تُسَتخدم لإعانة الأعضاء المحتاجين. كما تعاقب هذه النقابات الأعضاء المدانين بسوء السلوك.

نقابات الحرفيين:

بدأ الأشخاص الذين ينتمون إلى الحرفة أو المهنة نفسها، في القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين، في تكوين نقابات خاصةٍ بهم. وقد كثر عدد هذه الحرف في القرنين الثالث عشر والرابع عشر. ولكلِّ حرفة رابطتها الخاصة بها، كما كانت بعض المدن الكبيرة لها العديد من النقابات التي قد يبلغ عددها نحو 20 -30 نقابة حرفية. وقد شملت نقابات الحرف الصناعية: القوَّاسين (صُنَّاع الأقواس)، والحزَّامين (صناع الأحزمة)، وصناع القبعات، والدّباغين، والنّساجين. وكان لتجّار الألبسة والسمَّاكين وتجار الحديد والمعادن والبزازين (بائعي المنسوجات) نقاباتهم الخاصة بهم. ومن الممكن للشخص أن يصبح عضواً في نقابة ما عن طريق إحدى ثلاث وسائل هي: الإرث (خلافة والد)، أو التعويض (شراء العضوية)، أو عن طريق التَّمَهُّن (قضاء فترة تدريب في حرفة).

المتُدَرِّبون هم الشبان الراغبون في تعلم صنعة عن طريق التلمذة الصناعية، وكانوا يقضون نحو 5-12 عاماً في العلم تحت إشراف عضو في نقابة. وكان التدرُّب هو الوسيلة الأكثر شيوعًا للالتحاق بعضوية نقابة حرفية. وقد وضعت النقابات قوانين تنظِّم واجبات وحقوق المتدربين. وكان المتدرب يلتزم بإطاعة أوامر معلمه، وحماية ممتلكاته والعمل بجد. ويتعهد بعدم القيام بأيّ فعل يسيء إلى معلمه. وفي المقابل، كان المعلم يتعهد بتعليم المتدرِّب الحرفة ويُهيئ له القوت والملابس والمسكن. وبعد فترة التدريب قد يصبح المتدرب عاملاً ماهرًا أو معلمًا لمتدرب آخر.

العمال المهرة:

كان العمال الماهرون يعملون مع معلِّم ويقبضون أجرًا وكان من الممكن أن يفتح بالحرفة متجرًا خاصًا به أو أن يمارس المهنة ممارسة المعلم.

المعلمون:

كان للمعلِّمين متاجرهم الخاصَّة التي يعمل بها عمالهم المهرة والمتدرِّبون. وكان المعلِّمون يسيطرون على النقابات ويحدِّدون عدد المتدربين المسموح لهم بالانضمام إلى الرَّابطة. وقد كان المعلِّمون يحدِّدون الأسعار التي يتقاضاها رجال النقابة عن بضائعهم، كما يحدِّدون السَّاعات التي يعملون فيها ويضعون القوانين للتأكد من جودة عمل الأعضاء. ولم يكن مسموحًا لرجال النقابة بالعمل ليلاً مخافة أن تتأثر جودة عملهم بسبب الإضاءة غير الكافية. وللنقابات حق تغريم أو طرد الأعضاء الذين يخرقون القانون. وكذلك كانت نقابات الحرفيين تساعد كل عضو مريض.

ولكل نقابة قدِّيسها الخاص الذي يرعاها. كما كان أعضاء النقابات يذهبون إلى الكنيسة معاً ويتناولون الغداء أو العشاء في أيام أعياد محدَّدة. وفي يوم عيد القربان، كانت الروابط تقوم بأداء مسرحيات طقوس سرِّية مستمدة من قصص الكتاب المقدَّس.

مقار النقابات:

بنى أعضاء النقابات مقار واسعة يعقدون فيها اجتماعاتهم. ولاشك أن مقر النقابة في لافنهام، في سفولك (إنجلترا)، بإطارها الخشبي، يُعد من المباني الرائعة. وقد تم بناؤه أساسًا مقرًا لنقابة الأقمشة. ويرجع تاريخ مقر النقابة الموجودة في مدينة لندن إلى بداية القرن الخامس عشر الميلادي.

الاضمحلال:

بدأت النقابات في الاضمحلال في القرن الرابع عشر الميلادي. ومع تطور التجارة والصناعة، كثر العمال المهرة بأعداد فاقت عدد المعلمين. ولم يعد ميسورًا للعامل الماهر أن يصبح معلمًا. وكون المياومون (عمال بالأجر اليومي) نقابات خاصة بهم سميت نقابات العمال المهرة ؛ بَيْد أن تلك النقابات لم تحصل قط على تأثير يماثل تأثير نقابات الحرفيين. وبحلول القرن السابع عشر الميلادي، كانت النقابات قد فقدت أهميتها السّابقة. وقد أعاقت الهيمنة التي كانت تمارسها على التجارة نموَّ الصناعة وتسبَّبت في النهاية في أفولها.

وفي حوالي القرن الرابع عشر الميلادي، بدأ المعلمون الأثرياء في لبس بزات تميزهم عن المعلمين الفقراء في النقابات. وقد كان من هذه البزات أثواباً فخمةً يلبسها المعلِّمون في الاحتفالات. وعرف المعلمون ذوو البزات باسم النقابيون المبززون. وبحلول القرن الخامس عشر الميلادي، أصبحت النقابات المهنية في مدينة لندن معروفة باسم النقابات الحرفية. وشملت الشركات الاثنتي عشرة الأكبر نفوذاً، وهي تلك الشركات التابعة لنقابات تجَّار الملابس والصاغة والبزازين والخياطين والتجار وبائعي المنوعات (تجار السلع الصغيرة). وقد أدت النقابات الحرفية هذه دوراً مهماً في إدارة المدينة. ولاتزال النقابات الحرفية موجودة في لندن. ويتم اختيار عمدة لندن من بين أعضاء المجلس التشريعي على أن يكون عضواً في النقابات الحرفية.

★ تَصَفح أيضًا: المسرحية الأخلاقية ؛ النقابات الحرفية ؛ التلمذة الصناعية ؛ نقابات العمال.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية