تسيير الماشية ( Droving )
تسيير الماشية مصطلح يُستخدم لعملية سَوْق الماشية لمسافات طويلة. ففي البلاد العربية، يتم تسيير الماشية من حظائرها وأماكن الرعي إلى الأسواق العامة التي ـ غالبًا ـ ما تقام في أحد أيام الأسبوع حيث يشتري مرتادو تلك الأسواق ما يحتاجونه من ماشية وغيرها، أو الأسواق الخاصة بالماشية وفي كثير من البلدان العربية نجد مثل هذه الأسواق التي تُسيَّر إليها الماشية كالمغرب وموريتانيا والمملكة العربية السعودية والسودان وغيرها. وقد سُميت تلك الأسواق بأسماء أيام الأسبوع مثل: سوق السبت، وسوق الأربعاء في المغرب، ونجد مصطلح تسيير الماشية كذلك في بلدان أخرى كأستراليا والولايات المتحدة. ففي أستراليا، مثلاً، كان نقل الماشية إلى الأسواق، حتى الحرب العالمية الثانية، يتم إما بالقطارات، أو سيرًا على الأقدام. وربما كانت الرحلة قصيرة، تستغرق عدة ساعات يتم فيها ترحيل الماشية من المزرعة إلى السوق المحلي أو محطة القطارات، أو طويلة تمتد إلى ثلاثة أشهر، في حالة تسيير الماشية من الأجزاء البعيدة في الإقليم الشمالي إلى منطقة كوينزلاند. وكان أطول طرق تسيير الماشية في أستراليا، هو طريق كاننغ للماشية الذي كان يمتد مسافة 1,400كم، من مناطق كمبرلي في شمال أستراليا، إلى المروج الذهبية في كالجورلي. تم إنشاء هذا الطريق في نهاية القرن التاسع عشر، وكان الهدف منه مد منطقة المروج الذهبية، ذات الكثافة السكانية العالية، بلحم البقر. وقد توقف النقل عبر هذا الطريق منذ بداية القرن العشرين، عندما أخذت الكثافة في منطقة المروج الذهبية في التناقص. ومثل بقية طرق الماشية، كان هذا الطريق يتألف من عدد من الآبار تبعد كل بئر منها عن الآخر مسافة 10- 20م، والهدف منها كان توفير الماء بانتظام.
ومن طرق الماشية الشهيرة أيضًا طريق بيردزفيل الذي كان يمتد من بيردزفيل في منطقة كوينزلاند إلى ماري في جنوب أستراليا بطول يبلغ حوالي 500كم، وعبرها كان سكان كوينزلاند يسوقون مواشيهم إلى خط القطارات في ماري.
وقد كان فريق تسيير الماشية يتألف عادةً من عددٍ من الرجال يقود كلٌ منهم عددًا من الخيول، ويصحبهم عددٌ من العربات، أو الخيول لنقل البطاطين والطعام، ومعدات الطبخ. ولم يكن من عادة مسيري الماشية، حمل أعلاف خيولهم، حيث كانت تعتمد على الرعي، كما أن كلاً منهم كان يسوق عددًا من الخيول كما ذكرنا، وذلك لأن سوء التغذية، كان يحد من الاعتماد الكلي على الحصان الواحد. وكان حفظ الماشية يتم بطرق مختلفة. ففي مناطق الاستقرار كانت الماشية تحفظ في حظائرها ليلاً. أما في الشمال حيث المساحات الشاسعة، وحيث كانت تنعدم الحظائر، فإن حفظ الماشية كان يتم بحراستها، حيث كان مسيرو الماشية يتناوبون الحراسة ليلاً، محيطين بالماشية على ظهور جيادهم. وهكذا فإن القافلة كانت تسير بمعدل 13كم في اليوم، وكانت الأخطار التي تواجهها كثيرة، منها الجفاف، والفيضانات، والرياح المثيرة للأتربة.
وبعد إنشاء الطرق المعبدة، حلت العربات الكبيرة محل المسيرين، كوسيلة رئيسية لتحريك الماشية. وتوالى إنشاء شبكة طرق اللحوم، لربط الأجزاء البعيدة، بالمجازر الساحلية.