القصة البوليسية ( Detective story )
القصّة البوليسيّة لون من الأدب القصصي الخيالي يتناول جريمة مُحيّرة وعددًا من مفاتيح الحلّ مع شرطي سرّي يحلُّ اللُّغز. في معظم القصص البوليسيّة تكون الجريمة جريمة قتل، والمفاتيح إمّا مؤدّية إلى الحلّ أو إلى الابتعاد عنه.
النّمطُ:
غالبية القصص البوليسية ذات نمط واحد، سواء كانت الحكاية رواية أو قصة طويلة، أو رواية قصيرة أو قصة قصيرة. ويتتبّع الشُّرطي السّري مفاتيح الألغاز، وقد يكتشف أحيانًا جرائم أُخرى. وتبلغ القصّة ذروتها عندما يكشف الشُّرطي السّري عن المجرم، ويخبرنا كيف تمّ حلُّ اللُّغز.ومن نمط القصة البوليسيّة تطوّرت تقاليد أو قواعد معينة. إذ يُتوقّع من المؤلف التّعامل بعدالة مع القارئ، أي أنّه يجب إعطاء القارئ تمامًا المعلومات ذاتها التي يستخدمها الشُّرطي السّري في العثور على الجاني. وبإمكان القرّاء النّظر إلى القصة على أنّها معركة ذكاء بينهم وبين الشُّرطي السّري.
وفي أكثر هذه القصص لايكون الشُّرطي السّري ضابط شرطة محترفًا، بل مستشارًا خاصًا. وعلى سبيل المثال، فإنّ الأب براون راهب في رواية ج.ك. تشسترتُن. وفي رواية ركس ستاوت نجد أنّ نيرو وولف ذوّاقة طعام وشراب ومفكر، وفي رواية س. س. فاين داين نرى أنّ فيلو فانس عضو بارز في المجتمع ورفيع الثّقافة. ومن رجال الشُّرطة السّريّة المحترفين الخياليين، الرقيب كاف في رواية ويلكي كولنز والمفتش جدعون في رواية جون كريزي (يردُ ذكره كتابة تحت اسم ج.ج.مرك)، والمفتش ميجريه في رواية جورج سيمنُون. وقد تكون قصص الغرام، أو الكسب الماديّ أحد العوامل في القصة البوليسيّة لكنّ الموضوع الرّئيسيّ هو اللُّغز وكيفيّة حلّه.
تاريخ القصة البوليسيّة:
بدأت القصة البوليسية مع إدجار ألان بو في روايته حوادث القتل في شارع مستودع الجثث (1841م). وبهذه القصة ورواية لغز ماري روجيه ورواية الرسالة المسروقة، سنّ بو، دُون عونٍ من أحدٍ، السُّنّة الأدبيّة للقصص البوليسيّة الخياليّة. أمّا شرطيُّه السّريّ فكان أُوجست ديوبن، الهاوي اللامع الذي يستخدم المنطق في حلّ الألغاز.وحاول تشارلز ديكنز أن يتبع شكلاً جديدًا في روايته البيت الكئيب (1852 - 1853م) وروايته التي لم تكتمل وهي لغز إدوين درود. أمّا رواية ويلكي كولنز المُسمّاة حجر القمر (1868م) فكانت من أهم الرّوايات البوليسية الأولى. وظهر شرلوك هولمز ورفيقه الدُّكتور جون واطسون عام 1887م في رواية السّير آرثر كونان دويل التي عنوانها دراسة قُرمُزية. وهولمز أشهر الشّخصيّات في القصص الخياليّة البوليسيّة وربما في كل أنواع الأدب القصصي.
وكانت السنوات الأُولى من القرن العشرين فترة إثارة وأَصالة في القصص الخيالي البوليسي. وفي رواية العظم المُغَرِّد (1912م)، أَدخل الكاتب الإنجليزي ر. أوستِن فريمان القصة البوليسية المعكوسة التي يكون المجرم معروفًا فيها منذ البداية. أَمَّا اللُّغز فهو هل سيُكشف النِّقاب عن المجرم؟ وكيف؟ وقد ابتكر الكاتب الأَمريكي جاك فوتريل شخصيَّة اسمها الآلة المفكرة، كما أَدخلت البارونة أوركزي المجرية المولد شخصيَّة "العجوز الذي في الزَّاوية". وقد شهدت الفترة بين عامي 1925 و1935م نشر أوَّل المؤلَّفات المهمة لكتَّاب القصص البوليسيَّة مثل مارجري ألينغهام، ونيقولاس بليك، وجون دكسون كار، والسيدة أجاثا كريستي، وإيرل ستانلي جاردنر، وداشييل هاميت، ومايكل إنِّس، والمنسنيور رونالد نوكس، ونجايو مارش، وإلِري كوين، ودوروثي سييرز، وجورج سيمنون، وروكس ستاوت، و س. س. فان داين.
وفي عشرينيات القرن العشرين أدخلت مجلة القناع الأَسود طرازًا أَمريكيًا واضحًا من الألغاز، كثيرًا ما يُسمَّى الشُّرطي السِّري الخاص، أو الأَلغاز "الواقعيَّة". وتمحورت هذه القصص حول شرطيٍّ سرِّي بطل شديد المراس، والإجراءات المشوقة والعنف والأسلوب القصصي النابض بالحياة. وتَزَعَّم هذه الحركة داشييل هاميت في العشرينيات وتبعه ريموند تشاندلَر بعد عقد من الزَّمان. ومازال هذا الأُسلوب يلقى رواجًا واسعًا هذه الأَيام.
وفي أواسط القرن العشرين وأواخره، اكتسب جيل جديد من كتَّاب الرِّوايات البوليسية شعبيَّة كبيرة، ومنهم الكُتَّاب الأمريكيون: إما لَيثِن، وروس ماكدونالد، وجون د. ماكدونالد، وإد مَكبين، وروبَرت ب. باركر، والكُتَّاب الإِنكليز: دِك فرانسيس، و ب. د. جَيمس، وجَيمس ماكلور، وروث رِندِل، وجان وِليَم فان دي وتِرِنغ الهولندي، والفريق السُّويدي المؤلف من ماج سجوال، وبير واهلو.