الرئيسيةبحث

قسنطينة ( Constantine )


قسنطينة أعرق المدن الجزائرية، وعمرها عمر الحضارة الإنسانية، عدد سكانها600,000 نسمة، عام 1992م، عدد سكان النطاق الحضري 800,000 نسمة. نشأت في منطقة عرفت الوجود البشري منذ أكثر من 3,000 سنة ق.م.

تقع قسنطينة عند دائرة العرض 13 َ 36°شمالاً، وخط طول 35 َ 7°شرقًا، وهي عاصمة الشرق الجزائري. تحتل موقعًا متميزًا، وموضعها فريد من نوعه ؛ حيث تربض المدينة على صخرة مترامية الأطراف تشبه الجزيرة، تحيط بها الانحدارات والجروف العميقة من معظم جهاتها. يحيط بها وادي الرمال، ووادي بومرزوق، ولذلك تسمى المدينة المعلّقة. مناخها متوسطي، شتاؤها معتدل دافئ، وصيفها حار.

تتميز قسنطينة، عن معظم المدن التاريخية في الجزائر والمغرب العربي بصفة الاستمرار، فقد شكل تطورها سلسلة متماسكة الحلقات، نسجت مراحل تطورها وتعميرها.

يتفق المؤرخون على قدمها، وعمق جذورها التاريخية، حيث بدأت قرية صغيرة تطورت مع مرور الزمن، لتصبح أول عاصمة لأول دولة في تاريخ الجزائر، هي الدولة النوميدية. وكان اسمها كرطا ومعناها القلعة، ثم حُِرف هذا الاسم ليصبح سيرتا. وكانت ذات رخاء اقتصادي وتجاري مهم، حيث أراد ملوك نوميديا أن تكون في مستوى قرطاج.

حرّك هذا الرخاء والاستقرار الذي عرفته سيرتا، أطماع الرومان الذين بدأوا يتطلعون لاحتلالها ؛ فنشبت حروب عديدة بين الدولتين، استمرت نحو قرنين من الزمن، انتهت بغلبة الرومان الذين احتلوا المدينة عام 112م، فتأثر عمرانها ومركزها الاقتصادي إلى أن أمر الملك الروماني قسطنطين الأكبر بإعادة بنائها عام 311م، وأعاد لها دورها السياسي والاقتصادي وأعطاها اسمه، فأصبحت تسمى قسطنطينة ولما جاء العرب المسلمون، أبقوا على اسمها مع تحريف بسيط، لسهولة النطق فسموها قسنطينة.

اعتنقت قسنطينة الإسلام، وأصبحت واحدة من أهم الحواضر الإسلامية في المغرب الأوسط، وعرفت الاستقرار الذي واكبته نهضة اقتصادية وعمرانية مهمة، ورغم أنها لم تكن تحتل الصدارة بسبب منافسة مدن قوية خاصة مدينة تونس، إلا أنها كانت حاضرة في مجال التفاعل الثقافي والسياسي والفكري، وتتعرض لكل ما تتعرض له عواصم المغرب العربي، من عمليات التفتح والتفاعل، لتساهم في إثراء الثقافة العربية الإسلامية.

دخلت قسنطينة تحت راية الحكم العثماني، وأصبحت عاصمة المقاطعة الشرقية للجزائر. وقد بذل البايات الأتراك وخاصة صالح باي، جهودًا عظيمة في تطوير عمران المدينة وبناء المدارس والمساجد والقصور، فأصبحت العاصمة الثقافية والفكرية الأولى في الجزائر. وضربت بسهم وافر في النشاط التجاري والحرفي.

في عام 1937م سقطت قسنطينة في قبضة الاحتلال الفرنسي، بعد حملتين منيت أولاهما بالفشل، وأفلحت الثانية بعد معارك دامية تواصلت لعدة أيام، بيتًا بيتًا، وحارة حارة، وظلت قسنطينة منذ ذلك التاريخ منارًا لحركة المقاومة ضد المستعمر، كما واصلت دورها الآخر في متابعة الحركة الثقافية والعلمية ورفع راية الإصلاح الديني والثقافة العربية الإسلامية التي غذت المقاومة المسلحة التي كُللت بالاستقلال عام 1962م.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية