الرئيسيةبحث

سوق المقاصة ( Commodity exchange )



مجلس إدارة التجارة بشيكاغو يُعدُّ أكبر سوق مقاصة في العالم. فعلى ساحته يقوم السماسرة بشراء وبيع العقود ذات التسليم الفوري والآجل للذرة الشامية، والقمح، والمنتجات الأخرى.
سوق المقاصة سوق منظمة للتعامل في كل المواد الخام تقريبًا وكل السلع الغذائية التي تنتج بكميات كبيرة.

وتعني كلمة مقاصة عمومًا تحقيق ربح أو موافقة أو تعديل أو تسوية. وفي تجارة بيع وشراء السلع والمواد الخام، تعني بيعًا خاصًا بأسعار مخفضة بهدف التخلص من جزء كبير من البضائع القديمة أو البضائع التي يكون عليها الطلب قليلاً أو بطيئًا. وفي الأعمال المصرفية تعني كلمة مقاصة قيام المصرف بتقديم أوراق التحصيل المستحقة له، كالشيكات والكمبيالات والحوالات وغيرها، إلى غرفة المقاصة المحلية ومبادلتها بالأوراق المستحقة عليه. وفي غرفة المقاصة تجري مقاصة بين المبالغ القابلة للتحصيل والمبالغ المستحقة الدفع. كما تعني أيضًا تبادل وتسوية الديون والالتزامات المالية، كالتي تجري بين السماسرة وتجار السلع ومكاتب شركات الطيران والشركات الأخرى.

ويُطلق على سوق المقاصة أيضًا مجالس إدارة التجارة، أو أسواق السلع. وهذه السلع تباع وتشترى دون أن يراها المشتري أو البائع في الغالب. وليس من المألوف أن تقايض البضائع ذاتها بطريقة مادية.

وتشمل قائمة السلع الأولية ؛ أي المواد الخام التي تباع وتشترى في سوق المقاصة: اللحوم، والماشية، والكاكاو، والبن، والقطن، والحبوب، والجلود، والمطاط، وزيت فول الصويا، والسكر. أما المعادن فتشمل: النحاس، والذهب، والفضة، والرصاص، والقصدير. وتوجد مثل هذه الأسواق في شتى بقاع العالم. وفي لندن توجد أسواق مهمة مثل سوق مقاصة الذهب، والفراء والمعادن، والنفط، والمطاط، والشاي. ويُعد مجلس إدارة التجارة بمدينة شيكاغو أضخم سوق من نوعه في العالم. وتوجد في كل من أستراليا ونيوزيلندا أسواق مقاصة مهمة للصوف، واللحوم، والفاكهة. وفي ماليزيا أسواق مقاصة للمطاط والقصدير، وفي سنغافورة سوق مقاصة للفلفل. أما الهند وسريلانكا وبنغلادش فتوجد بها أسواق مقاصة للقطن والشاي والجوت.

هناك أنواع ثلاثة من الأشخاص نجدهم في أسواق المقاصة ؛ فمنتج السلعة يأتي لبيع بضاعته، والمستخدم أو المستهلك يأتي لشراء البضائع. وهناك المستثمر أو المضارب الذي يبتاع السلع دون أن ينوي قط امتلاكها. ويتحرَّك هذا المستثمر في سوق المقاصة بين البائع والمشتري ليحقق أرباحه.

وتوجد وسيلتان للبيع في أسواق المقاصة: الأولى اسمها السوق الفورية والثانية السوق الآجلة.

السوق الفورية:

تتعامل في السلع المتوافرة للتسليم الفوري. وتكون القيمة الحالية النقدية للسلعة المبيعة هي السعر الفوري. وتسمى مثل هذه السوق السوق غير التعاقدية.

سوق البيع الآجل:

وتُسمى كذلك السوق التعاقدية وتجري فيها معظم العمليات التجارية. ويقوم المشتري بالتعاقد على شراء كمية معلومة من سلعة ما بسعر يتفق عليه الطرفان لتسلَّم في تاريخ آجل يحدده العقد ؛ ستة أشهر مثلاً. وإذا كان المشتري هو المستخدم أو المستهلك، فإن طريقة الشراء هذه تعطيه الضمان لمعرفة ما إذا كان السعر الفوري للبضائع قد تذبذب بعد عقد الصفقة أم لا ؛ وبذا لن يخسر، لأنه قد اشترى بسعر محدد. كما يستفيد المنتج الذي يبيع مقدمًا إذا حدث أن انخفض سعر البضاعة خلال مدة التعاقد. وعندما يعمل البائع والمشتري على الإقلال من مخاطرالخسارة المالية التي تعود إلى تذبذب الأسعار، فإنهما يقومان في هذه الحالة بما يُعرف باسم الصفقة التعويضية. أما القسم الآخر الكبير من تجارة الصفقات الآجلة فيسمى المضاربة التجارية.

المضاربة التجارية:

بيع أو شراء سلع تُسلَّم آجلاً على أمل الحصول على مكاسب من جراء تقلُّب الأسعار مستقبلاً. ومثل هؤلاء المضاربين يحاولون التكهن بما قد تصل إليه الأسعار في الشهور القادمة ؛ لذا فهم يشترون ويبيعون في ضوء هذه التقديرات ؛ ويُطلق على المضارب الذي يُبرم الصفقات الآجلة آملاً في ارتفاع الأسعار اسم الطويل الأجل. أما المضارب الذي يبيع بعقود آجلة لبضائع لا يمتلكها فيسمَّى القصير الأجل ؛ وهو يعتقد أن الأسعار ستنخفض، وعندها سيقوم بشراء نفس المواد مرة أخرى بسعر أقل محققًا بذلك أرباحًا كبيرة في كلتا العمليتين. ويُطلق على التجار الذين يبيعون بهذه الطريقة اسم الدببة ؛ أي المضاربون على هبوط الأسعار. أما الذين يشترون على أمل ارتفاع الأسعار فيُسمون الثيران ؛ أي المضاربون على صعود الأسعار. ★ تَصَفح: المضاربون على الأسعار.

والمضاربة نوع من المشاركة يكون فيها رأس المال عنصرًا أساسيًا من جانب والعمل من جانب آخر، وتسمى كذلك مقارضة أو قراضا، لأن صاحب المال يقتطع قدرًا من ماله ويسلمه إلى العامل وهو المضارب، وقد سمي بذلك لأنه يضرب في الأرض ويسعى فيها قاصدًا التجارة وتنمية المال. وقد عرفها الفقهاء بأنها عقد على الاشتراك في الربح على أن يكون رأس المال من طرف والعمل فيه من الطرف الآخر، وقد يتعدد صاحب رأس المال كما يتعدد العامل كما هو الحال في سوق المقاصة. وهي أيضًا من العقود المالية الدائرة بين النفع والضرر. ولقد أورد الفقهاء قول الله تعالي: ﴿وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله﴾ المزمل: 20 وقوله تعالى: ﴿ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم﴾ البقرة: 198وقوله تعالى: ﴿فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله﴾ الجمعة: 10 كل هذه الآيات الكريمة تتناول بشمولها وإطلاقها العمل في المال بالمضاربة. ومن أركانها الإيجاب والقبول، ومن شروطها أن يكون صاحب رأس المال أهلا للتوكيل والمضارب أهلا للوكالة، وذلك لأن المضارب وكيل عن صاحب رأس المال في العمل فيه وأمين عليه ككل شريك مع شريكه. وهناك نوعان من المضاربة فهي إما مطلقة وإما مقيدة، فالمضاربة المطلقة هي التي لم تقيد بقيد، أما المضاربة المقيدة فهي ماقيدت بزمان أو مكان أو نوع من التجارة، كأن يقيد المضارب بالمضاربة لمدة معينة من الزمن من وقت تسلمه المال، أو المضاربة في مكان ما أو المضاربة في سلع محددة كما هو الحال في المضاربة التجارية.

الاتفاقيات الدولية للاتجار في المواد الخام:

وصل المستهلكون والمنتجون إلى اتفاقيات في محاولة للحد من الصعود والانخفاض الحاد في أسعار المواد الخام. فقد أوصت الأمم المتحدة عام 1977م أن تدخل 18 سلعة ضمن هذه الاتفاقيات. وتضع هذه الاتفاقيات سعرين للسلعة الواحدة ؛ سعر يسمى الحد الأدنى والآخر يُسمى سعر السقف. فإذا انخفض سعر السلعة أقل من الحد الأدنى، تقوم لجنة مختصة بشراء كميات كبيرة من السلعة لتوقف الأسعار إلى المستوى المرغوب فيه. وإذا ارتفعت الأسعار أعلى من سعر السقف، تطرح السلع المخزنة للبيع، وعندها تنخفض الأسعار. لكن لم تحظ هذه الاتفاقيات بالنجاح المطلوب ؛ إذ إن بعض المنتجين أو المستهلكين الرئيسيين قد يرفضون التوقيع على الاتفاقيات، وفي حالات أخرى يرفض المنتج أو المستهلك تنفيذ أحكام الاتفاقيات.

هناك طريقة أخرى تُستخدم لكبح جماح التأرجح البالغ في الأسعار ؛ ويتم ذلك عن طريق تحديد حصص لإنتاج المواد الخام وتصديرها.وإذا رفض أحد المنتجين أن يلتزم بالحصة المتفق عليها، فإن ذلك من شأنه أن يقوض كل النظام ويؤول إلى الفشل.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية